كـربــلاء عبر التاريخ ...
أعطيت كربلاء حسب النصوص
الواردة ـ مزايا عظيمة في الإسلام فكانت أرض الله المختارة ، وأرض الله المقدسة
المباركة، وأرض الله الخاضعة المتواضعة، وحرما آمنا مباركا ، وحرما من حرم الله
وحرم رسوله، ومن المواضع التي يحب الله أن
يُعبد ويدعى فيها، وأرض الله التي في تربتها الشفاء.
وهذه الأرض المباركة ذات الفضل الطويل والشرف
الجليل ، لم تنل هذا الشرف العظيم في الإسلام إلا بالحسين عليه السلام .
نُعتت كربلاء منذ الصدر ألأول في كل من التاريخ
القديم والحديث بأسماء عديدة مختلفة ورد منها في الحديث باسم : كربلاء ، والغاضرية
، ونينوى ، وعمورا ، وشاطئ الفرات ، وشط الفرات، وورد منها في الرواية والتاريخ أيضا
باسم : مارية ، والنواويس ، وألطف ، وطف الفرات ومشهد الحسين عليه السلام ،
والحائر ، والحير إلى غير ذلك من ألأسماء المختلفة الكثيرة .
تعددت ألآراء حول أصل تسمية
(كربلاء) نذكر بعض منها :
تذكر الروايات أن أكثر
ألأنبياء مروا بها ، منهم آدم ونوح وإبراهيم وإسماعيل وموسى وعيسى ومحمد صلى ألله
عليه وآله وسلم ، إضافة إلى ألإمام علي عليه السلام وسلمان المحمدي وغيرهما .
إن (كربلاء) لها جذر ديني قديم
، وهي مركبة من كلمتين : (كرب) بمعنى حَرَم ، و (إيلا) بمعنى ألإله ، أي أنها (حرم
ألإله) ، وهو لفظ آشوري ، مما يدل على أنه كان هناك فيها حرم إله يعبد .
ويذكر السيد العلامة إبراهيم
الزنجاني في ( وسيلة الدارين ) ص 73 أن أصل الكلمة معبد ، فيقول : يرجع تاريخ
كربلاء إلى عهد البابليين ، وقد كانت معبدا لسكان بلدين هما : نينوى و عقر بابل ،
بابل الكلدانيين الواقعين بالقرب منها . واسم كربلاء مؤلف من كلمتين : (كرب) بمعنى
مُصّلى أو معبد أو حرم ، و (إيلا) بمعنى ألله باللغة ألآرامية ، أي (حرم الله) .
ويقول الدكتور سهل البدري :
نتيجة تحقيقاتي عن كربلاء ، وجدت أنها في اللغة السامرية والبابلية تعني ( الرجل
القربان ) ، وفي اللغات الأكادية والعبرية والأشورية والأرامية تعني ( قربان ألله
) .
ذكر أيضا السيد العلامة هبة
الدين الشهرستاني ان ( كربلاء ) منحوتة من كلمتي ( كور بابل ) بمعنى مجموعة قرى
بابلية
وعلى حسبان ( كربلا ) من
الأسماء السامية الآرامية أو البابلية ، تكون القرية من القرى القديمة الزمان
كبابل واربيل ، وكيف لا وهي من ناحية نينوى الجنوبية قال ياقوت الحموي: نينوى بكسر
أوله وسكون ثانية وفتح النون والواو بوزن طيطوى ... وبسواد الكوفة ناحية يقال لها
نينوى منها كربلاء التي قتل بها الحسين، رضي اللـه عنه ...
وقال في كتاب لـه آخر نينوى موضعان : بكسر النون وياء ساكنة ونون أخرى مفتوحة وواو وألف ممالة ، نينوى بلد قديم كان مقابل مدينة الموصل . ونينوى كورة كانت بأرض بابل منها كربلاء التي قتل بها الحسين بن علي عليهما السلام ونينوى من الأسماء الآشورية .
يقول السيد عبدالرزاق الحسني
في ( موجز تاريخ البلدان العراقية) ص 54 : رأى بعضهم أن التوصل إلى معرفة كربلاء
وتاريخها القديم قبل الإسلام قد يأتي عن طريق معرفة اشتقاق هذه الكلمة ، فاحتمل أن
تكون لفظة ( كربلاء ) منحوتة من كلمة ( كور بابل ) العربية ، بمعنى مجموعة قرى
بابلية كثيرة و منها : نينوى : القريبة من أراضي سدة الهندية ـ الغاضرية :
المشهورة اليوم بأراضي الحسينية
ـ كربلة : وهي القريبة اليوم
من مدينة كربلاء جنوبا وشرقا .
ـ كربلاء أو (عقر بابل) : وهي
قرية في الشمال الغربي من الغاضرية وبأطلالها أثريات مهمة ـ النواويس : التي كانت
مقبرة عامة قبل الفتح ألإسلامي ـ الحيّر أو (الحائر) : وهو اليوم موضع قبر الحسين
عليه السلام إلى حدود الصحن الشريف .
ومن المواضع التي عرفها العرب
قديما قرب كربلا (ألطف) قال ياقوت الحموي: (ألطف بالفتح والفاء مشدده وهو في اللغة
ما اشرف من ارض العرب على ريف العراق)
كور بابل تضم مجموعة القرى
التالية والتي تقع على فرع الفرات المسمى بنهر العلقمي ، بعضها على شرقه كالقعُقر
والغاضرية ، وبعضها على غربه وهي شفية، أما نينوى فتقع قرب شط الفرات ألأصلي على
شط فرعه المسمى نهر نينوى.
الغاضرية : قرية منسوبة إلى
بني غاضرة من بني أسد ، الذين قد اشترى منهم الحسين عليه السلام أرض كربلاء ، وهي
ألأرض المنبسطة التي كانت مزرعة لبني أسد ، شمالي الهيابي، وتعرف بأراضي الحسينية.
وقد نزلها بنو أسد بعد اختطاط الكوفة ونزول القبائل المضرية واليمانية .
النواويس : كانت النواويس
مقبرة عامة للنصارى قبل فتح ألإسلامي ، وتقع في اراضي الحسينية قرب نيونى ، وهي
ألأطلال الكائنة في شمال غربي كربلاء التي تعرف بكربلاء القديمة ، يستخرج منها بعض
الحباب الخزفية التي كان البابليون يدفنون موتاهم فيها . وقد ذكرها ألإمام الحسين
عليه السلام في خطبته المشهورة عندما عزم على المسير إلى الكوفة ، فقال : ( كأني
بأوصالي هذه تقطعها عُسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء ) ...
0 تعليقات