آخر الأخبار

سيد قطب من جديد رد على محمود جابر





سيد قطب من جديد
رد على محمود جابر


صالح عوض


قرأت تعليق الأستاذ محمود جابر على مقالي "سيد قطب بين خصوم قساة واتباع جهلة".. واشكره على سعة صدره بان سمح لمقالي بالظهور عنده وأعطى جهدا في الرد علي مقالي..

لكني تفاجأت من جهوزية الرد وبمواقف مسبقة حرمت أخي الأستاذ محمود من تأمل مقالي ومناقشتي لسيد قطب في دوره الاجتماعي والسياسي والأدبي وفي رؤيته لاستعادة الأمة سبيل المجد والحضور.. وحرمته من تدبر إشاراتي إلى موطن المشكلة في تأويلات البوليس والجهلة من التوابع لأفكار سيد قطب..

أستاذ محمود عندما يقول سيد ان الأمة تعيش جاهلية أقسى من تلك التي كانت في جاهليتها الأولى فلا أدري اين الغرابة في هذا القول؟ هل حال التجزئة والتنافر بين الأمة أمر محمود ام ان خضوع أجزاء كثيرة من الأمة لسطوة الأمريكان والغربيين أمر مقبول؟ ام ان الخلل في التعامل مع قضايا الأمة نهضة وفلسطين ووحدة وسيادة أمر من الإسلام؟ الا ترى تحكم صندوق النقد الدولي في اقتصدنا وألا ترى تبعية الأنظمة العربية لمؤسسات تشوه شخصيتنا وتسيء لرسالتنا؟ الم نتكلم كثيرا عن خطورة الرجعية العربية؟

 والقواعد العسكرية الغربية في ليبيا والخليج وعن الاستعمار في المغرب العربي أين كانت إيران الشاه؟ وتركيا أتاتورك الأطلسية؟

 هل يمكن ان يكون للأمة حضور فيما تضيع منها القدس والأقصى؟..

 أليست كل هذه جاهلية يا اخي العزيز كما كانا من قبل خاضعين للفرس والروم ومتناحرين في جزيرة العرب في غزة بين القبائل لمصلحة كسرى او قيصر.؟.

 الا ترى بان الأمة المسلمة الشاهدة الموحدة المنتصرة العزيزة الناهضة غير موجودة في حياة البشر؟

الان ادعوك مرة أخرى الى قراءة الفقرة التي نقلتها عن سيد قطب: "إن وجود الأمة الإسلامية يعتبر قد انقطع  منذ قرون كثيرة فالأمة المسلمة ليست أرضا كان يعيش فيها الإسلام وليست قوما كان أجدادهم في عصر من العصور يعيشون بالنظام الإسلامي إنما الأمة المسلمة جماعة من البشر تنبثق حياتهم وتصوراتهم وأوضاعهم وأنظمتهم وقيمهم وموازينهم كلها من المنهج الإسلامي وهذه الأمة بهذه المواصفات قد انقطع وجودها منذ انقطاع الحكم بشريعة الله من فوق ظهر الأرض جميعا ولا بد من إعادة وجود هذه الأمة لكي يؤدي الإسلام دوره المرتقب في قيادة البشرية مرة أخرى" ...


أخي الأستاذ محمود أما قول سيد :" تصورات الناس وعقائدهم عاداتهم وتقاليدهم موارد ثقافتهم فنونهم آدابهم شرائعهم وقوانينهم حتى الكثير مما نحسبه ثقافة إسلامية ومراجع إسلامية وفلسفة إسلامية وتفكير إسلامي هو كذلك من صنع الجاهلية"..

 بهدوء أخي العزيز أستاذ محمود كيف ترى تصورات الناس اليوم حول قضاياها الجوهرية التي طرحتها سابقا هل هي تصورات حضارية؟

 وفنونهم التي يختلط خيرها بشرها هل أنت ترى فيها نموذجا حضاريا ملتزما بقيم الإسلام؟

 اما القانون فتعالى اريك من اين مصادر القانون في معظم الدول الإسلامية ماعدا قانون الأحوال الشخصية..

اما كثير مما نحسبه ثقافة إسلامية من ثقافات الطوائف والفرق وعلوم الكلام ستجد ان معظمه لا علاقة له بالإسلام انما هو اراء املتها ضرورات حزبية او طائفية او سطوة حكام في مراحل معينة..

مجددا أوضح لك ان الجاهلية لا تعني التكفير ابدا إنما هي تعني ان هناك خلل في الالتزام بقيم الإسلام واعتقد انك لن تختلف معي ان خللا كبيرا يحصل الان في مجتمعاتنا وحكوماتها على صعيد القيم فلقد غزتنا العنصرية والإقليمية والتخلف والتبعية للأجنبي..

اما الحاكمين بغير ما أنزل الله قصدا وعمدا على اعتبار ان تشريعهم أصوب من شرع الله فالأمر متروك لك احكم عليهم بما شئت.. اما ان حكموا بغير ما انزل الله وهم يؤمنون بشرع الله انه الأصوب ويهيئون له فرص التطبيق فهذا امر اخر تماما كما فعل عمر بن الخطاب في إيقاف حد السرقة في عام الرمادة..


اعتقد انك أستاذ محمود لن تجد ما يمكن ان يحسب على سيد في التهم الموجهة له فكلها عبارة عن تعليق على ظاهر بعض كلماته ولكن من يأخذ كلام سيد على مأخذ الوعي والمعرفة باللغة وفي سياق أفكار سيد قطب وتاريخه النضالي يكتشف ان المسألة لا تحال الا على ضرورة حضور الأمة وشهادتها حسب رسالتها ومنهجها لتنقذ البشرية من التخبط الرهيب الذي تقوده قوى الشر العالمية مهددة بدمار الإنسانية.. فسيد ليس معني بتصنيف الناس كافر ومسلم فهو لا يرى في ذلك أهمية تاركا الامر الى حرية الاعتقاد وقد كرر ذلك مرارا في كتابه معالم في الطريق..

وان كفر شخص لديه لا يوجب حكما انما هي حرية الاعتقاد انما يقدم سيد رؤية لكيفية استعادة الامة دورها ورسالتها وحضورها بالمنهج الاسلامي الرافض للهيمنة الغربية المستبدة التي تقود البشرية الى الهلاك.



إرسال تعليق

0 تعليقات