الحزب الشيوعى ...
وحزب التحرير
عز الدين البغدادى
ربما يكون أمرا غريبا أن يجمع الحديث بين هذين الحزبين المختلفين في موضوع
واحد، فما الذي يجمع حزبا علمانيا يملك رؤية معروفة من وقت بعيدة مع حزب التحرير؟
حزب التحرير حزب من احزاب ما صار يعرف بالاسلام السياسي، وهو حزب تميز عن
غيره برفع شعار إعادة الخلافة، وتصريحه بمعاداة الديمقراطية.. ولا شيء عند هذا
الحزب غير موضوع اعادة الخلافة، فهم لا يملكون رؤية سياسية تتجاوز ذلك، ومنهاجهم
الثقافي يتمحور حول هذا الموضوع، وهم يعتقدون أن المشاكل كل المشاكل اقتصادية او
سياسية او اجتماعية او شيء آخر يمكن أن تحلها الخلافة.
بتعبير آخر هذا الحزب وان كان يوصف بأنه حزب الا انه لا يعمل بآليات
السياسية، فهو يعيش حالة منغلقة حتى بين الأحزاب الدينية.
أما الحزب الشيوعي فرغم أنه أقدم حزب في العراق إلا أنه إلى الآن لم يكن
موفقا في مواقفه السياسية، فهو يخرج من خطأ ليدخل في غيره، إنه دليل واضح على ما
أقوله من أنه ليس كل من عمل في السياسة فهو سياسي، وهذا ما تثبته مسيرة هذا الحزب.
تاريخيا الحزب الشيوعي ساهم بشكل كبير في تطوير المشهد الثقافي في العراق،
واستقطب كثيرا من الأدباء والفنانين، كما إن كثيرا من أعضاءه كان نماذج طيبة على
الحس الوطني العالي. إلا أن الشيوعيين العراقيين كانوا يخرجون من خطأ ليدخلو في
خطأ، وهكذا وكأن الخبرة ليس له دور عندهم، بعد الاحتلال دخل السيد حميد مجيد
سكرتير اللجنة المركزية لـلحزب في مجلس الحكم كأحد ممثلي الشيعة!!!! لقد قبل بأن
يكون جزء من المشروع الطائفي، لقد وافق على الدخول في العملية السياسية بكل
تفاصيلها، ثم دخل أخيرا في تحالفات أفضت به الى الحصول على مكاسب بسيطة مقابل
خسارته لتأثيره المحدود أصلا بين الشعب. باختصار الحزب الشيوعي يمر بضياع وحيرة لا
يعرف ماذا يفعل؟ ومن من يكون؟
الشيوعي الآن على حافة، إما أن يسرع للاعتذار من الشعب وإما أن يبقى، وكل
من في السلطة فهو جزء منها ولا يمكن للشيوعي ولا غيره أن يلعب لعبة الازدواجية
المقيتة، فقد انكشفت كل الاوراق، والعاقل من ينتهز الفرصة ليقفز من قارب السلطة
ويلتحق بسفينة الشعب.
هذا إذا أراد أن يعمل في سياسة مبدأية وواقعية بنفس الوقت وبخلاف ذلك، فسوف
يكون إما كحزب التحرير أو كأي عصابة من عصابات السلطة تعمل في السياسة لأجل الكسب
المادي.
0 تعليقات