فى فقه الصراع
د.أحمد دبيان
تاريخياً و بعد الحملة الصليبة الأولى لبثت القدس والأقصى
أكثر من مائة عام فى يد الفرنجة ، وقد تحول الأقصى فيهم حرفيا لمقلب قمامة بعد ان
تحول لبحيرة دم داست فيها سنابك خيل الفرنجة .
فى
الفترة ذاتها تواجد فى الشام إخوان يدعيان الأخوين تتش وكانا أحفاد الملك العظيم ألب
ارسلان صاحب النصر التاريخي فى معركة ملاذ كرد والتى انتصر فيها بعشرين ألف مقاتل
على أكثر من مائتي ألف من جنود الإمبراطورية الرومانية.
أولهما ، فخر الملك رضوان
بن تتش بن ألب أرسلان كان هو الحاكم السلجوقي الذى حكم حلب في الفترة ما بين 1095م
إلى حين وفاته في 1113م.
و
هو أكبر أبناء تتش بن ألب أرسلان حاكم الشام ، والثانى شقيقه شمس الملوك دقاق بن
تتش.
بعد مقتل والدهما تولى رضوان حكم حلب حيث انتقل إليها
ونزل ضيفا عند نائب أبيه أبا القاسم الحسن بن علي ثم استمال الجيش إليه فنودي به
ملكاً على حلب، في حين ثار أخوه دقاق في دمشق .
أراد رضوان أن ينتزعها منه
فقصده وحاصره في دمشق وبسبب مناعة تحصينها وأسوارها لم يقوى على فتحها ورجع دون ان
يتمكن من احتلالها ، هنا أراد دقاق الانتقام فقصد حلب وعضده صاحب أنطاكيه ياجي سيان
فما كان من رضوان الا ان استنجد بأمم التركمان ولاقى أخاه بقنسرين فدارت الدائرة على دقاق فعاد إلى دمشق ثم تصالحا على أن يكون لرضوان دمشق وأنطاكية.
(رضوان ودقاق) ، كانا إرهاصاً مبكّراً وتجسيداً
حياً لما لم يصل اليه خيال ديستويكفسكى فى الإخوة كارمازوف
الأخ الكبير تآمر ليقتل الأخ الصغير ففر منه وبدأت ملحمة الاستعانة والاستقواء بالخارج ، ووقت حصار الفرنجة للقدس فى الحملة الصليبية الأولى كان الاثنان يرفضان خروج جيشهما لحرب الفرنجة خوفا من غدر الآخر وانقضاضه عليه ،
انتهى الأمر بسقوط بيت المقدس واجتياح الفرنجة اورسالم
وخوض سنابك خيلهم فى دماء القتلى من العرب ،
ظل
الحال هكذا الى ان أتى المجاهد نور الدين بن عماد زنكى ليبدأ جهادهم ويكسر حاجز
الخوف منهم وليأتى من بعده القائد صلاح الدين الايوبى فيوحد الجبهات بعد صراعات
دموية (وكانت هذه لغة العصر ) فقضى على عناصر الفتنة والاستقواء بالخارج من حكام
أدنى من مستوى الحدث ، فكان صلاح الدين يمثل الحرف الأول من اسطر التحرر التى توجت
بكفاح المماليك العظام الذين حرروا الشرق من الفرنجة والتتار وغزوا ذيولهم فى
الشام وقبرص قبل انحدارهم ما بعد غزو سليم الاول مصر المحروسة و تحولهم لترسيخ
مكاسبهم المادية لمجرد لملتزمين وجباة فى ظل الغزو العثمانلى ....
0 تعليقات