آخر الأخبار

النهضة الفاطمية .... دراسة في خطاب ناصر الزهراء (1 )





النهضة الفاطمية
دراسة في خطاب ناصر الزهراء



قبل المقدمة
أتقدم بالشكر والامتنان لكلا من الصديقين العزيزين
المحترم الأستاذ /ستار النعمانى
والمحترم الأستاذ / مقتدى كاظم
على تصميمهما غلاف الكتاب الذي بين يديكم

وشكرا لك الأخوة القراء والمتابعين الذين يقدمون لى الدعم المعنوي لمواصلة هذه المسيرة .... وأرجو أن أكون عند حسن ظنكم جميعا ..



المقدمة

محمود جابر

التاريخ صراع بين العقل واللاعقل، أو بين المنطق واللامنطق، أو بين التبصير والعمى، وبين التنوير والتعمية، وبين نور المعرفة وظلمة الجهل. فالتحكم الذى تفرضه أقلية مخادعة ومضللة ومستبدة وظالمة، يستلزم بالضرورة تعجيز الأغلبية المخدوعة المحرومة؛ وحرمانها من فاعلية العقل والتبصير والتنوير. ومن المؤسف أن الطاغوت اللاعقلى يكاد يكون مستمرا بدرجة أو بأخرى من النمروذ، وفرعون، ومعاوية، باستثناء بعض الانقطاعات الاضطرارية المؤقتة. فالانتصارات الأطول مدى منذ العصور القديمة، كانت انتصارات اللاعقل، والتعمية والتجهيل. وأن عملية طمس الحقائق هو انتصار للعقل التجهيلي فى الماضي والحاضر.

وعندما يتركون أحيانا إشارات التبصير والتنوير غارقة فى عمياء التجهيل، فإنما يفعلون ذلك ليستخدموها فى الاستطلاع الذهني، أي كبالونة اختبار أو كاختبار ذكاء، أو كفرازة، لاستكشاف وفرز ذوى التفكير البعيد ومن لديهم قدرة على التبصر، فهم يبحثون عن العيون التي تبصر فى الظلام لكي يفقئوها...

إن الهدف الاسمي للوجود الإنساني هو المعرفة، والمعرفة هى الجنة، والجهل هو العذاب وهو الضلال، وجنة الجنة هى معرفة الطريق الموصل إلى الخير، والطرق الموصل إلى الخير هو الإمام، لان كل أمة تحشر بإمامها، وهذا هو المقصد الموضوعي لهذا البحث ( معرفة الإمام) فى الماضي والحاضر والمستقبل وهو ما يعرف علميا باسم (التاريخ).
والتاريخ لا يمكن أن يكون عبارة عن الأحداث التي وقعت في الماضي، ويرويها المؤرخ كما وصلت إليه، وإنما التاريخ رؤية تركيبية تعتمد على وثائق(شواهد)عديدة، ويصبح الماضي تبعا لذلك عبارة عن عملية استنتاجيه لا تقف عند حدود الملاحظة كما هو الحال عند النظرة التقليدية للتاريخ التي لا تعطي أهمية للمؤرخ ولا للحاضر، وتنتقل مباشرة من الماضي إلى المستقبل عن طريق رواية حكايات تحكي ما مضى دون النظر إلى المستقبل.

ومادة التاريخ هو الحدث، والحدث: ليس معطى جاهزا، وإنما هو نتيجة ورجاء يهدف المؤرخ إلى الكشف عنه من خلال ما يتوفر لديه من وثائق، فكل مؤرخ يكون حدثا تاريخيا انطلاقا مما لديه من معلومات مستخرجة من الوثائق.

والوثيقة:هي مخلفات الحدث وأثره، وما يوجد في حوزة المؤرخ هو فقط الأثر وليس الحدث. كما أن الوثائق ليست مجردة وهي متمايزة، فيها الرموز والألغاز التى تمثل في مجملها بقايا الحادثة، وفي نفس الوقت هي شهادات على الواقعة.. وفى نفس الوقت نقد السرد التاريخي.

والنقد:لا يقصد به الفهم أو المقارنة أو الترتيب فقط، وإنما كل ما يدخل في ابستومولوجيا(نظرية المعرفة) عامة؛ أهمها تفكيك الشاهد إلى أجزاء ورد كل جزء إلى إطار أصلي، ويكمن جوهر نقد المؤرخ في التفكيك والتجميع حتى يحول مادته إلى ما يشبه العملة المسكوكة المتماسكة والمفيدة فى ذات الوقت.

والمؤرخ هو ذلك الإنسان الكائن في التاريخ الواعي به، الذاكر لمتغيراته، ونحن لا نقصد حصر التعريف فى المحترف المتخصص، فقط، وإنما كل إنسان بما هو كائن في التاريخ واع به متفحص لمتغيراته.
وصاحب النص محل الدراسة يمكن أن نطلق عليه (مؤرخا) باعتباره صاحب نظرية، حيث يصبح التاريخ لديه ذا معنى تعليميا وآخر معرفيا، فالأول خاص بنظرية المعرفة والتعلم من الأخطاء ممن سبقونا (خاصة أهل البيت) مما ينير لنا سبل الحرية والإنعتاق.
اليعقوبي إذن مؤرخا، لأنه يستخلص العبرة من الماضي، ولأنه يعرف من كان على صواب ومن كان على خطأ.
ونحن نتناول هذا العمل من نفس الزاوية التي يقف فيها صاحب الخطاب " الشيخ محمد اليعقوبى"، الذي يتناول تاريخ القيام الفاطمي من زاوية المفهوم، أي المعنى المتجسد فى الواقعة المادية، والذي يبدو وكأنه المحرك لكل تطور، ويسير على خط معلوم نحو الظهور والتجلي، ظهور القيادة الصالحة وتجلى القادم الموعود.. وقد اعتمد صاحب النص للوصول إلى أهدافه في الظهور والتجلي إلى طرق ثلاث :

وللحديث بقية














إرسال تعليق

0 تعليقات