القـــــدس
د. محمد إبراهيم بسيونى
عميد طب المنيا السابق
يعمل الطابور الخامس ليل
نهار لضرب الثوابت الدينية والتاريخية لهذه الأمة.
تحركهم أصابع خارجية
لمحاولة التأثير على القرار السياسي وزعزعة العقيدة الثابتة، في الوقت الذي تقف
فيه الدولة بكل قوة مع الحق الفلسطيني وعودة القدس وضد الهيمنة الإسرائيلية وتهويد
القدس.
في هذا الوقت بالذات يخرج
علينا البعض ليبرروا الممارسات الإسرائيلية في القدس ويدعوا أن المسجد الأقصى
مكانه الحقيقي في طور سيناء.
علماء التاريخ والسياسة
والفلسطينيون أكدوا أن هذا الكلام تخاريف وأباطيل لا سند لها إلا أوهام داخل نفس
صاحبها.
والقراءة الجيدة للتاريخ
تؤكد أن المسجد الأقصى قبل الإسلام كان عبارة عن بقعة مقدسة لدى العرب الييوسين
والكنعانيين الذين كانوا يقطنون أرض فلسطين، وكان "مليكي صادف" الملك
الذي كان يعامل في شعبه معاملة الأتقياء الموحدين، حيث كان يتعبد في هذه البقعة،
وبقيت هذه البقعة مكانا للعبادة حتى خربها البابلي بختنصر وسلب جميع ما فيها من
الذهب والفضة والجواهر ونقلوها إلى أرض بابل، ومع ذلك بقيت البقعة مكانا مقدسا.
من صخرتها عرج الرسول صلى
الله عليه وسلم إلى السموات العلا: قال الله تعالى "سُبْحَانَ الَّذِي
أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا
حَوْلَهُ" وعنها تحدث الرسول صلى الله عليه وسلم قائلا "لا تشد الرحال
إلا لثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا".
وفي ذلك الوقت لم يكن هناك
مسجد للأقصى بمعنى المبنى، وإنما كانت "البقعة" التي باركنا حولها فهي
بقعة شديدة الأهمية لدى المسلمين لأنها كانت قبلة المسلمين الأولى. فكيف يأتي من
يدعي بان المسجد الأقصى ليس مكانه القدس، وإنما مكانه الأصلي في سيناء؟.
وعندما جاء أمير المؤمنين
عمر ين الخطاب إلى القدس عندما عادت إلى العرب كانت هذه "البقعة"
المقدسة مكانا للقمامة فازاح رضي الله عنه هذه القمامة ونظف المكان وصلى بها. ثم
جاء بعد ذلك عبد الملك بن مروان ليشرع في إقامة مبنى المسجد الأقصى الذي هو عليه
الآن، واتم بناؤه الوليد بن عبد الملك. وقد أثارت هذه الادعاءات المشكوك فيها ردود
أفعال عنيفة لدى الأوساط الدينية والفكرية والسياسية. لا أعتقد أن هناك إنسانا
عاقلا أو دارسا يصرح بمثل هذا التصريح أو هذه الخيالات، فهذا أمر معروف في القرآن
الكريم والسنة النبوية وكتب الجغرافيا، فتاريخ المسجد الأقصى قضية معروفة منذ آلاف
السنين ولا تحتاج أن ينكرها أحد. وما يحدث هو خيال وأوهام مخالفة للواقع والحقيقة
والتاريخ وللدين وكل علوم المعرفة.
مثل هذه التصريحات والأقوال تدخل في نطاق خدمة تهويد
القدس وبلبلة الرأي العام الإسلامي. هذه التصريحات أهدافها مشبوهة للبلبلة ولإحداث
فتنة ولتمكين الإسرائيلين لتهويد القدس. فهذه التصريحات معادية للدين الإسلامي
والمسيحي ولشعب المنطقة كلها، ولذلك لابد من محاسبة مثل هؤلاء الأشخاص.
مجرد التشكيك في المسجد الأقصى أو في عروبة
القدس من أحد المثقفين العرب يعد خيانة، ويؤكد ان أمثال هؤلاء لا يريدون شيئا غير
مصالحهم الشخصية وحصولهم على الأموال حتى ولو كان على حساب دينهم.
إنني أتعجب من هذه
التصريحات في هذا الوقت بالذات التي تحاصر فيه إسرائيل القدس بالمستوطنات وكأن ذلك
حلقة متصلة تحاول به إسرائيل أن تكمل مسيرتها لتهويد القدس. وهذا ما يؤكد أن
إسرائيل، بل وبعض المنظمات الصهيونية المتشددة هي التي تستخدم هؤلاء لترديد مثل
هذه الآراء لإحداث البلبلة لدى الرأي العام العربي لصرف النظر عن الجرائم التي
ترتكبها إسرائيل في القدس.
هناك مائة إثبات وإثبات
موجود في القرآن الكريم والسنة النبوية يؤكد أن المسجد الأقصى مكانه بالقدس، كما
ان هناك قبور القادة المسلمين موجودة في هذا المكان المقدس، بالإضافة إلى وجود
الصخرة المقدسة التي عرج منها بالرسول صلى الله عليه وسلم. فهل هؤلاء ينكرون كل
هذه الحقائق. كيف ينكر هؤلاء البراق وهو الحائط الذي هو حائط المسجد الأقصى الذي
تتنازع عليه إسرائيل وتدعي أنه حائط المبكى.
0 تعليقات