أزمة السد
بهاء الصالحى
شهدت حالة التأزم فى العلاقات المصرية الأثيوبية عدة
اعتبارات :
1- تعالى النخبة المصرية على القضية مع اعتبار انها
صاحبة القول الفصل فى هذه القضية مستندين الى بنية قانونية قد ترفضها افريقيا
الجديدة ، مع عدم الاعتبار للقومية الاخرى وهى القومية الاثيوبية التى يتم
استنهاضها وقت الازمات السياسية مع مصر علاوة على مبالغة فى فهم الدور الدينى
للكنيسة المصرية فى اثيوبيا من خلال المبالغة فى فهم دورها التاريخى وهو ماسيرد
فيما يلى فى المعالجة للعلاقات التاريخيةو بين مصر واثيوبيا .
2- عدم تكاملية النظرة فى الازمة هل هى ثنائية فقط أم
أنها جزء من من أزمة شاملة لدول حوض النيل واثيوبيا جزء منه وليست كله فهى مع
التحكم فى المياه من المصادر القادمة اليها قد تعانى أزمة علما بأن أزمة مياه
النيل تبدأ من رواندا حتى مصر .
3- الفرص المهدرة فى بناء جسور ثقة فى العلاقات المصرية
الافريقية منذ عهد الرئيس جمال عبدالناصر والذى شهد عصره مبدأ معرفة الثقافة
المصرية بالجامعة الافريقية التى تم إختزالها فى علاقات التكامل المائى مع السودان
والحرب مع بلد افريقى أخر وهو ليبيا واستخدام مصر كرأس سهم امام طموحات شعب مثل
زائير وذلك فى عهد الرئيس الراحل انور السادات ، ثم مرحلة الاحتقار التام لأفريقيا
فى عهد حسنى مبارك مما خلق ثلاثين عاما من إحلال وتكثيف كل القوى الدولية فى
افريقيا علاوة على نجاح الحملات الدعائية للعدو اليهودى فى ترسيخ صورته كصديق قادر
على إعطاء التكنولوجيا والقبول لدى دول الغرب علاوة على الضعف وعدم القدرة على
مواجهة ذلك الدور بحكم تلجيم الدور المصرى وفق إتفاقية مارس 1979 مع إسرائيل ، مما
أورث مصر وضعا صعبا فى التفاوض ،ولكن المأزق هنا وقوع مصر فى أزمة داخلية حيث
تحولت القضايا الاستراتجية الى اوراق مزايدة داخلية ومحاولة اسقاط وتشويه اخر
لصالح أخر .
4- ماهى طبيعة طرح مشروع التعاون مع افريقيا هل هو تقنى
استراتيجى ام براجماتى متعلق بمياه النيل فقط وبالتالى فأن فائض الخبرة العلمية
لمصر خاصة فى مجال الرى كان جديرا بأن يخلق تواجدا مصريا يسعى الغرب للدخول
لأفريقيا من خلاله بدلا من توظيف ذلك الفائض فى مشاريع قائمة على تدمير الدور
المصرى والمسؤؤل عن ذلك ذلك التقزيم للدور المصرى منذ عهد السادات ، علما بأن
الاستراتيجى ناتج بناء وتراكم تاريخى وليس فهم مرحلى وانتقالى ما ، ولكن هنا ماهى
الابنية والهياكل الدبلوماسية والتنفيذية المسؤؤلة عن ملف التعاون الافريقى ومدى
إستقلاليتها وتبعيتها للأمن القومى العام ، ولعل تهميش دور الدكتور بطرس غالى فى
الاداء المصرى فى ملف افريقيا .
5- تهميش دور الرأى العام المصرى فى قضايا الامن القومى
واقتصار ذلك الدور على تجييش الحملات الدعائية فقط من استنهاض هامشى غير قائم على
الشفافية فى طرح الاتفاقيات المنظمة ،والعوائق الفعلية وتهميش دور الدبلوماسية
الشعبية فى توطيد التعاون المشترك مع افريقيا وذلك التهميش مرتبط بتعالى النخبة
المصرية وكذلك التوجه الاستسلامى للدبلوماسية المصرية للغرب مع تلك المقولة --- ان
99% من أوراق اللعبة فى يد أمريكا تلك المقولة المؤسسة لكل أزمات مصر منذ 1971 حتى
الان .
6 – الاداء الغير منظم للنخبة المصرية من خلال تغاضيها
عدة اعتبارات :
* التغاضى عن بناء كيان قانونى لأفريقيا مابعد التحرير
خاصة فى مسألة التعاون بين دول حوض النيل ، علاوة على الاحساس العام بالأمان
الناتج عن السد العالى الذى لم يكن بناء فقط فى حين أن المراجع للخطط المصاحبة
للسد وكمية المشاريع الإنمائية التى تؤدى الى الشبع المائى وكذلك تقليل نسبة
الاعتماد على الطريقة التقليدية فى الرى والتعامل مع زيادة السكان فى المستقبل
ولكن الاداء الشوفينى للسادات ورغبته فى تجاوز اهمال القيادة السابقة له فألغى
وزارة السد العالى فضاعت كل هذه المشاريع ووصلنا لحالة الجوع المائى مرة اخرى .
* التأثير السئ لتسريب المؤتمر الذى عقد فى مصر عام
2013 وتم نقل تهديد النخبة بضرب اثيوبيا علنا مما أدى الى توظيف ذلك التسريب فى
إذكاء القومية الاثيوبية مما صعب التدخل العسكرى .
* غياب الاعتبار القومى فى عقيدة الدبلوماسية المصرية
مع غياب دور الدولة القائدة وظهور نموذج الدولة الكومبرادورية فى زمن تجاوزها
وصعوبة استمكرار ذلك الدور مع دولة بحجم مصرمما أدى للعب مصر دور المدخل لأفريقيا .
يتبع
0 تعليقات