آخر الأخبار

عن التاريخ







عن التاريخ

د.أحمد دبيان

رغم إصرار الكثير من العلماء والفلاسفة والمفكرين على التنبيه على فضيلة قراءة التاريخ ،

فيقول سبينوزا :احرص على ان تقرأ التاريخ جيدا كى لا تعيشه مرة أخرى ، وبنفس المعنى وان اختلفت الصياغة قالها السياسى البريطانى الأشهر وينستون تشرتشل حين قال : التاريخ يعيد نفسه عند الحمقى الذين لا يقرأونه .

سوف يتعجب البعض حين يعلمون ان أعظم المنظرين الاستراتيجيين ، كانوا علماءا للتاريخ بدئاً من صن تزو ، لكارل فون كلاوزفيتز الى ليدل هارت .

الأهم ان ابرز مؤرخى القرن العشرين ، المخضرمين بدئاً من ارنولد توينبى وموسوعته التاريخية الى برنار لويس منظر سايكس بيكو القرن الواحد والعشرين كانوا ضباط مخابرات ، ولا نتعجب كثيرا ان ضابط المخابرات البريطانى الأشهر توماس ادوارد لورانس الشهير ب

Lawrence of Arabia

أو لورانس العرب ،

كان دارسا للآثار و للتاريخ قبل التحاقه بالمخابرات البريطانية .

بل وان لورانسة العرب الخاتون ، جيرتوود بل راسمة حدود العراق الحديث كانت ايضا عالمة آثار ودارسة للتاريخ قبل انضمامها للمخابرات البريطانية .

رغم كل هذا يصر الكثيرون حين تمس قراءة ما للتاريخ مغايرة لقناعاتهم الموروثة السلفية ، على تحويل مسار التوجيه بتعاطى المقولة النمطية : ( دعونا نلتفت للمستقبل وننحى التاريخ جانبا ) .

يقول احد الباحثين ان عالمنا المعاصر يشهد علوا للأمم التي استطاعت أن تعيد فهم تاريخها بشكل جديد، بينما تتحجر الأمم التي تفشل في فهم صيرورة تاريخها. نحن بحاجة ماسة لأن ننتقل من تقديس التاريخ بصفته قدرا محتوما إلى إعادة فهم التاريخ بصفته فاعلية حققها أسلافنا، وتفتح بدل أن تغلق، علينا نوافذ جديدة لإتيان فاعليات جديدة مجاوزة وليست مطابقة لما سلف.

بداية يجب ان نفرق ما بين الشهادة على العصر وهى رواية آحاد ، يشوبها الهوى وهى ضعيفة بالمنطق الجدلى أو العلمى ، وما بين مناهج قراءة التاريخ .

فمثلا القديس أوجستين كان تصوره أن التاريخ كله فترة من الزمن، تتحقق فيها إرادة الله، أي أن التاريخ تاريخ خلاص.

وقد شغلت مسألة فكرة التقدم في التاريخ أذهان جملة من المؤرخين والفلاسفة أمثال هيجل وتلميذه ماركس، فإن كانت الهيجلية ذات نظرة دينية في هذا الصدد، فالماركسية نظرتها قطرية كذلك، فالتاريخ عندها قائم على الجدلية والصراع، وعليه فسرت التاريخ بصراع الطبقات، أي العامل الاقتصادي، ملغية تماما الجانب الروحي في الإنسان.

أما الفلسفة المعاصرة فهي بنيوية في نظر برودل “فالتاريخ مجموع التواريخ الممكنة ” غير أن هذه البنيوية لم تستقر على حال، لتنتقل الى التفكيكية، أي القراءة التفكيكية للحادثة ، بعد القراءة التقليدية لها، فالبنيويون نسوا ماذا يعني النص -من مضمون -وهذا ما التفت له التفكيكون.

التاريخ عرف بروز فلسفتين ومنهجين مهمين؛ فلسفة نقدية واهتمت بالتفسير التاريخي، والموضوعي. في حين اهتمت الفلسفة التأملية بمسألتين: حركة التاريخ، ومعنى التاريخ.

فى مقدمة كتابه

Why don’t we learn from
history ?!!!

لماذا لا نتعلم من التاريخ ؟!!!

يقول أعظم من خط فى علم الإستراتيجية والتأريخ ،
سير باسيل ليدل هارت متسائلا :

ما هو الهدف الموضوعى للتاريخ ؟

ليجيب ان الهدف ببساطة هو الحقيقة ، فانها كلمة وفكرة خرجت عن نطاق المعاصرة ولكن نتائج تنحيتها و اختزالها تكون أسوأ كثيرا من رعايتها وتحليلها.

محدودية التاريخ تكمن فى انه لا يستطيع منحنا علامات مباشرة او تفصيلات حالة الطريق ولكنه يستطيع إرشادنا لبدايات الدرب القويم اذا ما استطعنا قراءته وتحليله .

يستطيع التاريخ ان يمنحنا فضيلة ما يجب ان نتجنبه رغم انه لا يستطيع ان يعلمنا ماذا نفعل ؟

وتكمن الفضيلة الكبرى للتاريخ فى دراسة الزلل المتكرر الذى قد يقوم به الانسان تفاعلا مع الجغرافيا فى مكان ما منعا لتكراره .

وفى الخاتمة نورد مقولة السياسى البروسي ( الألمانى )

أوتو فون بسمارك :

( الحمقى يقولون انهم يتعلمون بالخبرة الحياتية ، إما أنا فأفضل خبرات السابقين وزللهم وأخطائهم )

إرسال تعليق

2 تعليقات