مصدوم ولست مغشوش
محمود جابر
فى الخامسة إلا عشر دقائق صباحا وصلتني رسالة على الماسنجر الخاص بالفيس
بوك من صديق أظنه من الناس الأحسن أخلاقا ،
قال من جملة رسالته :
"نصيحة لك ربما كنت مغشوشا ولا اعتقد ذلك ولكني اترك احتمال يبرئ
ساحتك. لا تتطاول على مرجعية السيد السيستاني . وإذا كنت باحثا عن حقيقة فابحث بجد
وعن كل المراجع والمتمرجعين وبتجرد".
هذه الرسالة التى قرأتها وأنا استعد للنهوض من الفراشي، وقد أصابتني بحزن
بالغ لا استطيع التخلص منه، والموضوع يعود إلى عدة أسباب :
أن الرجل لم يرد على على العام وأثر النصح فى رسالة خاصة، فالرجل ناصح حقيقي
. وهذه أولا ...
الثاني : أنني لم أكن أحب أن أتناول أحد يعظمه الناس ويجل قدره كالسادة المراجع أو
القامات الروحية لاى دين أو مذهب لما لهم من اعتبار عند أتباعهم، مما يعنى أن الأمر
يبدو من الوهلة الأولى عدم احترام مشاعر الآخرين وأنا لا أحب أن أكون بهذه الصورة
.
الثالث : أننا كإبراهيميين أو محمديين أو مسلمين أو حسينيين أو موالين لم نتعلم لا
من القرآن ولا من السنة الشريفة ما يجب أن نتعلمه، وهو تعلم الشك الدال على اليقين،
الشك الذى جعل الخليل إبراهيم يدخلنا الى تجربة علمية من خلال قوله فيما حكاه
القرآن (إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ
قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي)، فما احد
ينظر إلى النقد بأنه شك، وانه بحث عن الطمأنة واليقين، التى فعلها من هم أفضل منا
مع من هو فوق العرش وفوق الفوق وهو الأول والآخر والظاهر والباطن والذي ليس كمثله
شىء.
وهذا منهج قرآني ربني محمدي، وهذا
المنهج فعله موسى مجددا حينما قال ربى أرني انظر إليك وهو النبى الذى يعلم أن
الرؤية إحاطة ولكنه أراد أن يعلم ما وراء هذه الرؤية وهذا التجلي الالهى فقال فيما
قصه القرآن (قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ
انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا
تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا
أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ)، أذا
موسى الكليم أراد أن يرى رب العزة ويرى كيف يكون تجلى الالهى على الكون، وجاء
الجواب لن ترانى، ولكن الله لم يمنعه من التجربة وكان تجلى الله تعالى على الجبل،
وهنا خر موسى صعقا .
وكانت هناك تجربة أخرى مع عزير حين مر على القرية وهو عالم او أحد أنبياء
بنى إسرائيل، حين مر على الموتى، وقال آنا يحيى هذه الله بعد موتها، لم يقل أحد أن
عزير الذى يسأل عن قدرة الله ليس سؤال إيمان ولكنه سؤال كفر وتشكك ووو، ولكن جاء
الجواب العملى المناسب فى آيات البقرة قال
تعالى (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا
قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ
مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا
أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ
طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ
وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ۖ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا
ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ
عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
فالله تعالى وهو الذي لا يسأل عما يفعل، ادخل عزيرا فى التجربة حتى النهاية
حتى تبين له،
فالسؤال والاستفهام والوقوف على السبب ومعرفة النتائج والجواب ليس منهجا
تشكيكيا ولا تسقيطيا ولا منهج المنحرفين وله هو منهج القرآن الحكيم الذي يبدأ من
الشك الى اليقين حتى يبين الليل من النهار والحق من الباطل والادعاء من الصدق .
فالنبوة والتى هى ليست كسبا شخصيا ولا منهجا عقليا، كان الناس يسألون أنبيائهم
ويمتحنو صدقهم فما قال لهم احد من الأنبياء انتم كاذبون وطابور خامس وموساد
ومدفوعين من جهات، ولكن تعلموا ان تقديم الدليل هو الحد القاطع بين الصدق وبين
الكذب ...
يا صديقي المحترم ...
ويا كل الإخوة والأصدقاء أنا لم أتطاول أبدا ويعلم الله على مراجعنا ولا
مراجعكم ولا انظر لأحد بعين الصغار – استغفر الله – ولا ورائي هدفا مدفوع به غير
الحق والحقيقة، والدفاع عن المظلومين فى أزمنة التيه وإن كنت ارتكبت خطأ فأنا لست
أول من أخطأ بمقاييسكم فأنا تعلم هذا من القرآن وحاشى للقرآن أن يعلم الناس الخطأ
... ولكنه يعلمهم اليقين والبحث الذى لا يرقى إليه شك .
فانا يا أخوتي مصدوم من منهجكم ولكنى لست مغشوشا، ولكن أردت أن أبصر طريقا
أحب أن ألقى ربى وأنا على يقين ممن أقلده أو تقلدونهم، وحتى لا أقول وقتها (إِذْ
تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ
وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ
لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا ۗ كَذَٰلِكَ
يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ ۖ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ
مِنَ النَّارِ)....
0 تعليقات