ثورة البنزين هل تسقط إيران؟
محمود جابر
منذ ان اندلعت المظاهرات فى ايران على اثر ارتفاع اسعار المحروقات، والعديد
يطلق التصريحات ويوسع فى التحليلات بأن هذه هى القشة التى سوف تقسم ظهر البعير وان
هذه المظاهرات تستطيع ان تسقط هذا النظام،
وبعضهم يقول ان اى نظام دينى مهما طال أمده حتما سوف ينهار ...
وهنا سوف نناقش هذه الاطروحة فى نهاية هذا المقال وتحت عنوان وهنا وقفه ...
هذا وقد انطلقت مظاهرات مناهضة للحكومة الإيرانية، يوم الجمعة 15 فبراير
الجارى وما تزال مستمرة حتى كتابة هذه السطور في أنحاء مختلفة من البلاد، حيث وصلت
إلى العاصمة طهران، رغم تحذيرات من وزارة الداخلية تتعلق بالمشاركة في تلك
المسيرات.
وذكرت وكالة ”فارس“ الإيرانية للأنباء، أن عشرات المتظاهرين رددوا شعارات
مناهضة للحكومة خارج جامعة طهران.
وقال وزير الداخلية الإيراني عبدالرضا رحمان فضلي: ”إن تلك التجمعات غير
قانونية، ونطالب الشعب بعدم المشاركة فيها، وإلا ستكون هناك عواقب“.
وقد أدت هذه المصادمات وقوع قتلى بين المتظاهرين واعتقال، وعليه خرج المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية
آية الله علي خامنئي عن صمته وأعلن موقفه من قرار زيادة أسعار البنزين وتقنين
توزيعه، وقال التلفزيون الرسمي الإيراني
إن الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي أيد اليوم الأحد(17 يونيو/حزيران 2019) رفع
سعر البنزين الذي فجر احتجاجات في شتى أنحاء البلاد منحيا باللوم في "أعمال
التخريب" على معارضي الجمهورية الإسلامية وأعدائها الأجانب.
وقال خامنئي "هذا القرار جعل
بعض الناس يشعرون بقلق دون شك... ولكن أعمال التخريب وإشعال الحرائق يقوم بها
مثيرو الشغب وليس شعبنا. الثورة المضادة وأعداء إيران يدعمون دائما أعمال التخريب
والإخلال بالأمن ويواصلون فعل ذلك. للأسف حدثت بعض المشاكل وفقد عدد من الأشخاص
أرواحهم ودُمرت بعض المرافق".
أعمال عنف في عدة مدن
وذكر مسؤولون أن شخصا قتل في مدينة سيرجان بجنوب شرق البلاد بينما أشارت
تقارير على وسائل التواصل الاجتماعي إلى وقوع عدة وفيات أخرى إذ اشتبكت شرطة
مكافحة الشغب وقوات الأمن مع محتجين في طهران وعشرات المدن في أنحاء إيران يوم
السبت فيما اتخذت الاحتجاجات منحى سياسيا.
وأوقفت السلطات الإيرانية 40 شخصا في مدينة يزد في وسط البلاد بعد صدامات
مع الشرطة خلال تظاهرات احتجاجا على رفع اسعار البنزين، على ما ذكرت وكالة إسنا
شبه الرسمية الأحد. ونقلت الوكالة عن المدعي العام في المدينة محمد حداد زاده قوله
إنّ الموقوفين "مثيرو شغب" متهمون بتنفيذ افعال تخريب ومعظمهم ليسوا من
سكان المدينة.
ونقل التلفزيون عن خامنئي قوله إن زيادة سعر البنزين استندت إلى رأي
الخبراء ويجب تطبيقها لكنه دعا المسؤولين إلى الحيلولة دون ارتفاع أسعار السلع
الأخرى.
وذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية أنه تم تقييد الوصول إلى
الإنترنت في إيران بناء على أمر من مجلس معني بأمن الدولة وذلك بعد يومين من
الاحتجاجات على ارتفاع أسعار البنزين والعمل بنظام الحصص.
من جهته، قال وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني فضلي للتلفزيون
الرسمي بإن قوات الأمن ستتحرك لاستعادة الهدوء إذا ألحق المحتجون "أضرارا
بالممتلكات العامة" وذلك مع انتشار الاحتجاجات المناهضة للحكومة في أنحاء
البلاد. وأضاف "قوات الأمن ضبطت نفسها حتى الآن وتساهلت مع الاحتجاجات. لكن
الأولوية لدينا هي الهدوء وأمن الأفراد وستنجز (القوات) مهمتها باستعادة الهدوء
إذا استمرت الهجمات على الممتلكات العامة والخاصة".
ظروف معيشية صعبة
يرى إيرانيون كثيرون أن البنزين الرخيص في الدولة المنتجة للنفط حق لهم
وأشعلت زيادة سعره مخاوف من حدوث المزيد من الضغوط المعيشية، على الرغم من تأكيدات
السلطات أن عائد الزيادة سيستخدم في مساعدة الأسر الفقيرة. وباتت قدرة الإيرانيين
على شراء لوازمهم أضعف بوضوح منذ العام الماضي عندما انسحبت الولايات المتحدة من
اتفاق عام 2015 النووي الذي وقعته إيران مع القوى الكبرى وعودة العقوبات الأمريكية
عليها.
وبالإضافة إلى ارتفاع التضخم وزيادة البطالة وانخفاض الريال واستشراء
الفساد ألحقت سياسة (الضغوط القصوى) التي تنتهجها واشنطن المزيد من الضرر
بالاقتصاد الإيراني.
ويحرص رجال الدين الذين يحكمون إيران إلى منع تكرار الاضطرابات التي حدثت
في أواخر عام 2017 في 80 مدينة وبلدة بسبب تدني مستوى المعيشة وترددت فيها دعوات
لرجال الدين كي يتركوا الحكم. وقال المسؤولون الإيرانيون إن 22 شخصا لقوا حتفهم في
تلك الاحتجاجات.
وهنا وقفه :
النظام الايرانى الذى يعانى ظروفا اقتصادية صعبة استطاع ان يلتف حول كل
العقوبات بتصدير معاناته فى كل دول الجوار المحيطة ودول الإقليم فإيران تتمدد شرقا
إلى أفغانستان وباكستان والهند، وتتمدد غربا الى العراق حيث اكبر سوق للمنتجات الإيرانية
وسوق لتدبير الدولارات، وكذلك سوريا التى دخلت معها فى حرب لها صفة الإقليمية
واستطاعت ان تحصل على مكاسب ليست بالقليلة كما ان وجود إيران فى لبنان واليمن وعدد
من الدول الأفريقية كان من شانه تدبير وترويج السلع الإيرانية وإعطاء جرعات ليست
بالقليلة لهذا الاقتصاد المحاصر .
وبالتالي إيران تستطيع ان تستمر سنوات وسنوات تحت هذا الحصار فاقتصاد الحرب
قادرا على تدوير نفسه من الشرق والغرب ليصب فى آلية الصرف الايرانى متعكزا عليها
ومصرفا نفسه من خلال شراكة اقتصادية تركية ايرانية .
ولن يحدث تغييرات كبيرة فى الداخل حيث نظام الحزب الواحد ذو الأجنحة
الثلاثة الأصوليين والإصلاحيين والبازار وهم يكمل بعضهم البعض فى مواجهة الأخطار
وامتصاص الصدمات، كما ان الشارع الايرانى لا يثق فى تنظيم خلق الذى يرى له امتدادا
إسرائيليا معاديا لقومية الفارسية التى وان اعترض المواطن الايرانى على نهج السلطة
فيها الا انها تحقق له نشوة الانتصار والشعور بالزهو كمواطن فى هذه الإمبراطورية
وهذا ما يقلل فرص خلق فى الداخل الايرانى والذى يستطيع النظام بشكل جيد تسويق
خيانتها للايران وليس للنظام وهنا يستغل النظام غباء الآخرين أكثر من يعمل ذكائه
فى هذا الصراع .
كما ان المحيط الجفرافى لايران والذى يرى فى سلوك التوسع الايرانى سلوكا
غير سوى ولكن الجميع ما بين خائف او مستفيد ومن هنا لم يتشكل بعد قوى حقيقية قادرة
على مواجهة ايران والضغط عليها والاستفادة من اخطاء النظام كما ان حالة ايران
الطائفية هى حالة مريحة للغرب لاستمرار مفهوم الصراع فى المنطقة والذى يستفيد منه
اكثر من كل دول الاقليم .
ومن كل ما سبق فان انتفاضة البنزين ستكون محطة من محطات الانتفاضات التى
مهما طال بها الوقت حتما سوف تنتهى ويعود الشارع الايرانى كما كان ..
0 تعليقات