بيزنس العلاج
بالخلايا الجذعية
د. محمد إبراهيم بسيونى
عميد طب المنيا السابق
تعبير خلية جذعية، يشير إلى كل خلية لديها القدرة على التمحور لاكتساب صفات
نسيج آخر، ومن المعروف أن خلايا الجنين فى مراحل تكونه الأولى توصف بأنها جذعية
لأنها سوف تنشأ عنها أنسجة مختلفة تكون فى مجموعها جسم الكائن اليافع، وهذه
الخلايا هى من التعريف خلايا جذعية جنينية، ولكن توجد أيضا فى الجسم اليافع خلايا
قابلة للتحور لأنواع مختلفة من الأنسجة وأشهر مثال لذلك هو خلايا النخاع العظمى،
والتى تتحول إلى أنواع مختلفة من خلايا الدم (كرات دموية حمراء أو بيضاء بأنواعها
أو صفائح).
أما بالنسبة للعين فتوجد مجموعة واحدة ووحيدة من الخلايا ذات خاصية شبيهة،
وهى الخلايا التى تغطى سطح الجزء من الملتحمة الملاصق للقرنية (limbus)، وهذه
الخلايا يمكنها أن تتحور لتصبح مماثلة أما لباقى خلايا سطح الملتحمة أو لتكون
مماثلة لباقى خلايا سطح القرنية، ولذلك فإن لها بالفعل استخدامات محدودة فى حالات مرضية
محددة، وتلك الاستخدامات المحدودة معظمها معروف ومستقر منذ عشرات السنين، ولا
تعتبر اكتشافا حديثا وأملا جديدا لأمراض العيون المستعصية مثلا.
ان نجاح بعض حالات العلاج بالخلايا الجذعية فى بعض دول العالم ولا سيما
الصين دفع بعض الأطباء والشركات ومراكز التجميل للنصب على المرضى باسم "العلاج
بالخلايا الجذعية" مستهدفين الطبقات الثرية فى المجتمع.
ويأتى ضمن صور النصب استخدام
الخلايا الجذعية الموجودة بالمشيمة بمراكز التجميل التى تجذب مهاويس التجميل
للعلاج بما يسمى "بمستخلص النمو" بالإضافة إلى قيام بعض الشركات الصينية
بالحصول على المشيمات بعد الولادة بتجفيفها وطحنها وبيعها بالأسواق على أنها أدوية
مخصصة للعلاج بالخلايا الجذعية.
بيزنس العلاج بالخلايا الجذعية يحتل صدارة البيزنس العلاجى فى مختلف دول
العالم فأرباحه لا تقل عن السلاح والمخدرات وضمن أطر شرعية، خاصة ما يتعلق
بالمراكز المختلفة التى تقوم بعمليات فصل الخلايا الجذعية لاستخدامها فى العلاج
للمرضى ومراكز حفظ الخلايا الجذعية المنتشرة فى العديد من الدول العربية
والأوروبية، وأخيرا مصر، حيث تم إنشاء بنكين خاصين بالجيزة والإسكندرية لهذا الغرض.
إن العلاج بالخلايا الجذعية محظور العمل به فى المراكز الطبية والمستشفيات في مصر،
ومسموح العمل به فقط فى المراكز البحثية فقط، وتسعى وزارة الصحة من خلال منظومة
الرقابة على المنشآت غير الحكومية إلى ضبط إيقاع جميع العلاجات المستحدثة بقرارات
ولوائح تضمن سلامة المريض وشفاءه.
ان عمليات النصب باسم الخلايا الجذعية تتخذ عدة صور منها إنشاء معامل لفصل
الخلايا واستخدامها فى العلاج سراً فى مراكز غير معروفة، وهو ما يفتح باب خلفى
للعلاج بطريق مجهولة.
العديد من مراكز التجميل تقوم
بالترويج لمراكزها من خلال وضع إعلانات تتضمن عمليات علاج بالخلايا الجذعية
مستخدمين ما يسمى بـ"مستخلص النمو" لعلاج البشرة والصلع، بالإضافة إلى
دعوة البعض لحفظ خلايا المشيمة بعد الولادة تحسباً لحدوث مرض لصاحبها فيستغلها فى
العلاج، فى حين أنه لا فائدة منه لأن حجم الخلايا لا يتعدى بأى حال ٢ مليون خلية
تكفى لطفل أقل من سنتين لو مصاب مثلاً بسرطان الدم. إن خلايا الحبل السرى والمشيمة
لا فائدة منها فى العلاج بالخلايا الجذعية، وبالتالى حفظها فى البنوك خارج مصر ليس
له أهمية ومكلف بدون داع.
أخطر أنواع الدجل هو ما يصدر عن أستاذ أكاديمى متخصص لأنه يمتلك المصداقية
وقوة التأثير من خلال وظيفته وشهاداته. صار الإعلام الطبى للأسف يتبنى هؤلاء
ويلمعهم ويقدمهم للقراء والمشاهدين الغلابة على أنهم المرجع والملجأ والملاذ. كم
من المرضى اليائسين يقرأ ويقتنع بأن الخلايا الجذعية ستعالج جميع الأمراض
المستعصية، ويذهب ليدفع عشرات الآلاف فى سبيل الوهم. هناك خلط شديد بين جزء بسيط
من الحقيقة مع جزء أكبر كثيرا من الوهم والتدليس للأسف، والذى يرتدى ثوب العلم،
بينما هو مجرد تجارة بآلام المرضى.
0 تعليقات