استشهاد جول جمال..ضابط
بحرية سورى
سامح جميل
في مثل هذا اليوم 4 نوفمبر1956م..
استشهاد جول جمال..ضابط بحرية سورى ..
ولد جول يوسف جمال في مدينة اللاذقية الساحلية في سوريا لأسرة مسيحية
أرثوذكسية في الأول من أبريل عام 1932
م وكان والده يعمل كطبيب بيطري وقد شارك الوالد في
المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي في سوريا ولم يكن غريبا أن يشب أبناؤه الثلاثة جول
ودعد وعادل على حب العروبة.
كان جول طالبا في كلية الآداب في الجامعة السورية عندما تركها في سبتمبر من
عام 1953 عندما أُرسل ضمن عشر طلاب سوريين في بعثة عسكرية للالتحاق بالكلية
البحرية في مصر وهكذا تحقق حلمه بأن يصبح ضابط في سلاح البحرية.
و قد نال جول في مايو 1956 شهادة البكالوريوس في الدراسات البحرية وكان
ترتيبه الأول على الدفعة ليصير الملازم ثاني جول جمال، وفي شهر يوليو من نفس العام
فوجئ العالم كله بقرار الرئيس جمال عبد الناصر بتأميم شركة قناة السويس للملاحة
كشركة مساهمة مصرية وبدأت بوادر عاصفة سياسية دبلوماسية غربية في الهبوب لتتحول
إلى عاصفة حربية ضاربة سيناء قبل أن تعصف بمدن القناة وهي عاصفة العدوان الثُلاثي
إنجلترا وفرنسا والدولة الحديثة المزورعة في قلب الوطن العربي.. إسرائيل.
لم يرحل جول وبقية أفراد البعثة السورية من مصر بعد التخرج في تلك الفترة
لأن مصر استوردت زوارق طوربيد حديثة وقد رأت الحكومة السورية في ذلك الوقت أنه من
الأفضل أن يتم تدريب ضباطها على تلك الزوارق الحديثة. وربما كان القدر يلعب لعبته
ليكتب أسطورة جديدة بدأت في الليلة الرابعة من نوفمبر.
في ليلة 4 نوفمبر، تحديداً في منتصف الليل التقط جول وأقرانه بثّاً فرنسياً
للسفينة الحربية جان بارت العملاقة، كانت أول سفينة مزوّدة برادار في العالم،
وكانت مهمتها عندما تصل بالقرب من شاطئ بورسعيد أن تُدمّر ما تَبقّى من المدينة
التي كادت أن تكون مدينة أشباح بعد قصف سلاح الطيران الملكي والبحرية الملكية لها.
عندما عَلِم جول جمّال بأن البارجة والمدمرة الفرنسية جان بار تتقدم نحو
السواحل المصرية تطوّع في قيادة عملية بحرية للزوارق الطوربيدية المصرية في البحر
الأبيض المتوسط شمال البرلس يوم 4 (نوفمبر) تشرين الثاني عام 1956م إبّان العدوان
الثلاثي على مصر. وعلى الفور بلغ جول قائده جلال الدسوقي واقترح عليه أن يذهب في
دورية إلى تلك المنطقة المحددة التي ستكون فيها السفينة، وعلى عكس اللوائح التي
تمنع خروج أي أجنبي في دورية بحرية أعطاه الدسوقى تصريحاً للخروج بعد إصرار جول
أنه في وقت المعركة لا فرق بين مصري أو سوري وأن مصر كسوريا لا فرق بينهما.
وضع جول جمال خطة في التصدي لمواجهة المُدمّرة الفرنسية ونفَّذ عملية
فدائية قُتِل في إثرها بعد تدميره وإغراقه للمدمرة الفرنسية (جان بار).إذ وجَّه
جول جمّال أحد الزوارق الحربية في مواجهة مدمرة عملاقة محدثاً فيها أضراراً كبيرة،
وإغراقها قبل أن يُقتَل.
في تلك الليلة خرجت ثلاث زوارق طوربيد لمقابلة فخر البحرية الفرنسية أمام
سواحل البرلس وكانت مقابلة عكس كل التوقعات التي قد ترجح كفة السفينة العملاقة فقد
تصدت لها الثلاث زوراق في معركة قلّما تحدث مثلها في تاريخ المعارك البحرية. أصاب
جول جمال السفينة الحربية جان بارت وأوقفها عن التقدم ولم يقسمها إلى نصفين كما هو
شائع، ولكنه هو ورفاقه تصدوا للسفينة وأصابوها بالشلل التام. طول المدمرة الفرنسية
247.9م × 3550م وزنها 48750 طنا مجهزة ب(109) مدافع" من مختلف العيارات
طاقمها 88 ضابطا" و 2055 جنديّاً" بحارا".
أُنتِجَ فلم حول قصة جول جمّال باسم عمالقة البحار" الذي يظهر جول
جمال مُرتبطاً بخطيبة له خلافاً للواقع، الأمر الذي أراده المخرج لإضافة جانب
رومانسي لقصة مقتله. لكن حقيقة الأمر أن جول جمّال لم يكن مرتبطاً بأحد.
لُقِّب بسليمان الحلبي للقرن العشرين. إذ تتشارك الشخصيتان في أنهما تصديا
للقوات الفرنسية. وتُدرَّس قصته وقصة مواجهته للبارجة الحربية (جان دارك) في
المناهج الدراسية المصرية.
التكريم:
كرّمته مصر وسوريا بأوسمة وبنياشين عديدة.
في وطنه سوريا ما زال السوريون يتذكّرونه وتجسّد ذلك في وداعهم لشقيقته دعد
التي توفيت عام 2007 بعد صراع طويل من المرض.
في عام 1960 أُنتِج فلم مصري باسم "عمالقة البحار" بطولة أحمد
مظهر ,عبد المنعم إبراهيم ولأول مرة على شاشة السينما نادية لطفي ومثّل دور جول جمال
شقيقه عادل. الفيلم من إخراج السيد بدير لكنَّه كان مليئاً بالمغالطات التاريخية
خاصة بما يتعلق بجول. أيضا يوجد شارع في الدقي باسم جول جمّال ويظن بعض سكانه أن
جول كان يسكن في هذه المنطقة.
تخليداً له: سميت شوارع رئيسية في مدن عديدة باسمه مثل دمشق، اللاذقية،
وغيرها وأُطلق اسمه على مدارس في سوريا، وحملت إحدى دورات الكلية الحربية اسمه
ويوجد شارع باسم جول جمال بالمهندسين الجيزة في مصر، كما سمي شارع في مدينة رام
الله في فلسطين باسمه، هناك أيضا شارع باسمه في الإسكندرية بمصر يطلق عليه شارع
الشهيد جول جمّال.
مُنح براءة الوسام العسكري الأكبر من الحكومة، وبراءة النجمة العسكرية من
جمال عبد الناصر، وبراءة الوشاح الأكبر من بطريرك إنطاكية، وسائر المشرق للروم
الأرثوذكس بدمشق ووسام القديسين بطرس وبولس من درجة الوشاح الأكبر.
كرمته الجمعية الخيرية في بلدة المشتاية في حمص بتمثال جداري معلق في بهو
الثانوية المسماة باسمه..!!
0 تعليقات