آخر الأخبار

25 يناير 2011





25 يناير 2011


د. محمد ابراهيم بسيونى

عميد طب المنيا السابق

قبل ٢٥ يناير ٢٠١١ بعدة أشهر بدأ بعض الساسة ووسائل الإعلام تعد السيد جمال مبارك ليتسلم حكم البلاد، فبدأت الدولة إعداد القوانين وانتشرت الإشاعات حول هذا الأمر، لتقيس ردود الأفعال، الأمر الذي أشعر الشعب المصري والمؤسسة العسكرية بالقلق، وانعقد اجتماع لقادة الجيش العليا خرجوا منه باتفاق يحافظ علي وحدة مصر.

 بدأت قوي الشباب والمعارضة نشر الإخبار، وتسليط الضوء على السلبيات، وظهر جو من المعارضة الممنهجة، وتسليط الضوء على شخصية الدكتور محمد البرادعي لتقود الحراك الثوري المرجو، وظهرت دعوات بالتظاهر والتجمهر لأخذ الثأر لخالد سعيد الذي مات نتيجة تعذيب الشرطة له، مثله مثل بعض من الشباب الذي وقع ضحية وحشية الشرطة، وبدأ الإعداد لمظاهرات تدعو لإسقاط وزير الداخلية اللواء حبيب العادلي، ومحاسبة المذنبين في حق الشاب الذي لقي حتفه على أيدي الشرطة وإختاروا لهذه التظاهرات يوم الـ ٢٥ من يناير والذي كان عيدا للشرطة.

وبدأ اليوم بتجمع بضعة مئات من الشباب في ميدان التحرير، دون أن يظهر أي رد فعل من الشرطة وعناصر الأمن المركزي التي بدأت في الازدياد متزامنة مع ازدياد أعداد المتظاهرين الذي كسر حاجز العشرة آلاف في ساعاته الأولى، وبدأت تظهر على الشاشات نبرة معارضة تدعو الشباب للنزول ليزداد العدد.

 شعر الرئيس حسني مبارك بالقلق، مما دفعه لتنفيذ مطالب الشباب وحل حكومة الدكتور احمد نظيف وشكل حكومة جديدة برئاسة الفريق احمد شفيق، ظنا منه بأن ذلك القرار سيهدئ من ثورة الشباب، ولكن ما حدث كان مخالفا لتوقعاته، فبمجرد تنفيذه للمطالب بدأ سقف الطموحات يزداد لدى الشباب وبدأت المطالب بالازدياد حتى وصل الأمر للهتاف، ب (إرحل .. إرحل)، ولا يستطيع أحد إنكار حقيقة أن الجيش وقف مع الشعب المصري، حتى وصل الأمر للمطالبة بتنحي الرئيس حسني مبارك الذي تربع على عرش مصر ثلاثون عاما دون تذمر من أحد، كان ذلك يوم الـ٢٨ من يناير ٢٠١١، أو كما عرف إعلاميا بجمعة الغضب، ذلك اليوم الذي غلب عليه طابع الفوضى، فتحت فيه السجون من قبل أعضاء من منظمة حماس، وهرب كثير من المسجونين والبلطجية وتبنى البعض دور تخويف الشعب من أعمال شغب متوقعة، وبدأت تنتشر الاشاعات والقصص حول بلطجية يستهدفون البيوت والشركات بهدف السرقة، وكان أغلب تلك القصص حقيقيا، وانتشر بين الناس بأن تلك الثورة ثورة بلطجية وبأن الرئيس مبارك كان له الفضل في استقرار البلاد على مدار ثلاثون عاما وأن بدونه ستضييع البلاد، وكانت كل تلك الأعمال بمثابة ناقوس الخطر الذي بدأت معه الشرطة بالخروج عن صمتها وأخذت في توجيه السلاح للمتظاهرين، وإلقاء قنابل الغاز المسيلة للدموع، وبدأت سلسلة من الاعتقالات. وما كان من الشباب إلا أن يقابل تلك الضربات بأعمال عنف ضد الشرطة، وحرقت العديد من أقسام الشرطة والمدرعات وأخذ الشباب يلقون الحجارة على عناصر الشرطة، وبدأت تظهر ملامح لحرب بين الشرطة والشعب، وعندئذ حاول البعض إقناع الرئيس حسني مبارك بأن نزول الجيش للشارع سيقضي على تلك الثورة، ونزل الجيش إلى الشارع واستقبله الشباب بالورود والترحيب وكأنه هو المنقذ لا محالة، وأعلن الجيش عندئذ وقوفه في صف شعبه، وأعلن تأييده لشعبه، وبدأت تنتشر حالة من الاستقرار التي لم تشوبها شائبة، سوى موقعة عرفت إعلاميا بإسم "موقعة الجمل" التي ظهرت بعد ذلك أدلة قاطعة تثبت تورط الإخوان فيها والتي لم يتم التعرف على الأهداف الحقيقية منها حتى الآن ولكن يمكننا أن ندرجها تحت مسمى الفوضى.


 بعد عدة أيام قرر الجيش بأن يكمل وأمر الرئيس حسني مبارك بالخضوع لإرادة الشعب وهدده الجيش بأنه في حال لم يحدث ذلك سيكون البديل هو الفوضي والخراب، فما كان من الرئيس مبارك إلا الموافقة على التنحي وتسليم السلطة إلى المجلس العسكري ليتولى إدارة البلاد لمرحلة انتقالية حتى يتم انتخاب رئيس جديد لمصر. وذهب الرئيس مبارك وتسلم بعد ذلك المجلس العسكري زمام البلاد لفترة انتقالية، واتسمت هذه المرحلة بعدم الاستقرار، وهو الذي ظهر في عدد ليس بقليل في احتجاجات وأحداث أكثرها تأثيرا هو حدث شارع محمد محمود والذي راح ضحيته العديد من الشباب، ولوحظ في هذا اليوم انسحاب الإخوان وعدم مشاركتهم في التظاهر، وهو ما دفع الشباب لإدعاء أن الاخوان تحالفوا مع الجيش، وما إلى ذلك، ظلت الأمور غير مستقرة حتى جاء ميعاد إنتخابات مجلس الشعب. وأعلن الإخوان عزمهم على الترشح في ٣٠ % من مقاعد البرلمان وأعلنوا عدم ترشح أي عضو منهم لرئاسة الجمهورية. جاء موعد الانتخابات وإذا بالإخوان يجلسون على ٤٥ % من كراسي البرلمان في مشهد غير متوقع، فبعد ما يقارب أربعون عاما من الشحن الإعلامي ضد هذا الفصيل كان من المتوقع أن تهاب الناس هذا الفصيل وتنفر منه، وهذا النجاح الساحق أشعر الإخوان بقوتهم وأشعرهم بأنه من الواجب ترشحهم لكرسي الرئاسة ودخول المعركة الرئاسية وخالفوا وعودهم كعادتهم، وكانت الخطة كالتالي، أن يتولى الاخوان حكم البلاد في حالة من التضييق والسيطرة من قبل الجيش على كل المؤسسات بالدولة، ولكن كان من الصعب أن يتولى الإخوان السلطة بانتخابات فكما يوجد ٤٥ % من الشعب مؤيدين لهم، هناك ٥٥ % آخرين متخوفين من هذا الفصيل، فقام البعض عند إذ بالتلاعب في نتيجة الانتخابات ليستطيع إيصال أضعف المرشحين إلى جولة الإعادة ليتنافس مع مرشح الإخوان ثقة منه بأن الشعب المصري لن يقبل عودة النظام السابق مرة أخرى متجسدا في الفريق أحمد شفيق الذي كان له دوره الواضح وبصمته في نهاية عصر الرئيس مبارك وزيرا ورئيسا للوزراء. انتخب مرشح الإخوان حتى وان لم يكن متوافقا مع ميول أغلب الجماهير، وسار الأمر كما خطط له، وأعلنت نتائج الانتخابات بفوز المرشح الدكتور محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة الاخواني، وكانت الخطة ووصل الإخوان للسلطة وفشلوا وشعر الناس بسوء الأوضاع وشعر الناس بأن ذلك الفصيل فشل في إدارة البلاد. انتشرت روح من السخط على المجلس العسكري من قبل شباب الثورة والتي ظهرت في مشاهد كثيرة وأعلنها هتاف "يسقط يسقط حكم العسكر" والذي كان يهز مصر في كل مظاهرة وكل تجمع صغير، وعلى الرغم ذلك حاول الدكتور محمد مرسي بكل ما أوتي من قوة التثبت بالسلطة، واتخذ خطوات وقرارات كان من المفترض أن تؤثر على الرأي العام في الشارع المصري، ولكن كيف لهذا ان يحدث في ظل إعلام وشعب رافض لهذا الفصيل. علي مشارف إنتهاء العام الأول من مدة حكمه ظهرت حركة ألقت على نفسها إسم "تمرد" وبدأت تنتشر دعوات لإسقاط النظام عن طريق جمع توقيعات الأغلبية من الشعب ما لم يوافق الدكتور محمد مرسي على مجموعة من الطلبات، ودعوا لمليونية حاشدة إتخذت يوم ٣٠ يونيو٢٠١٣ تاريخا لها وهو اليوم الذي تولى فيها الرئيس محمد مرسي حكم مصر أي بعد عام من توليه الحكم، وفي هذا اليوم ألقى وزير الدفاع المصري اللواء عبد الفتاح السيسي خطابا بالنيابة عن المؤسسة العسكرية يتضمن، إعطاء فرصة ثلاث أيام لحل الأزمة والوصول لحل يرضي جميع الأطراف ويحقق الصالح العام، وقبل انتهاء المهلة خرج الدكتور مرسي بخطاب حث فيه شعبه على الحفاظ على الشرعية وأكد على أن وظيفة الجيش هي حماية حدود البلاد وأوصى فيه الشعب على الحفاظ على ثورتهم، وتضمن خطابه أيضا موافقة على بعض الطلبات التي قدمت من حركة تمرد وهو ما لم يكن يثق فيه الشباب. خرج الشعب في اليوم الموافق لـ ٣ يوليو ٢٠١٣ معلنا اسقاطه للرئيس بسبب رفضه الموافقة على تنفيذ المطالب المقدمة له من قبل الجماهير الثائرة، وأن الجيش سيساند للمرة الثانية، وبدأت تنتشر أصوات الاحتفال والتأييد.

الملخص هو ان الإخوان ومعهم بعض القوى السلفية أقاموا دولة موازية للدولة الرسمية أثناء عهد الرئيس محمد أنور السادات والرئيس حسني مبارك، ولأسباب متعددة ترك النظام هذه الدولة الموازية تكبر وتترعرع حتى التهمت المجتمع بأكمله. هل يمكننا ان نلوم الإخوان أو غيرهم من السلفيين على انهم تقدموا وقدموا مساعدات إنسانية للفقراء والمحتاجين وكل ما طلبوه من هؤلاء ان يذهبوا إلى لجان الاقتراع ويردوا لهم الجميل اى «التصويت مقابل الغذاء» ؟؟.

معظم الساسة كانوا يتحدثون عن دبلوماسية أو طريقة أو نظام "الزيت والسكر" ولم نكن نعرف أن الأمر اكبر من مجرد زيت وسكر بل نظام اجتماعى متكامل يؤدى وظيفة دولة شاخت وترهلت وفسدت فكان من الطبيعى ان يحدث الانهيار.

المسألة باختصار ان الدولة انسحبت فدخلت جماعة الإخوان المسلمين.

إرسال تعليق

0 تعليقات