مراجعات فقهية، فقه
الثورة السلمية الأهداف والمآلات
على الأصولى
منذ الأيام الأولى للحراك السلمي، تخوف الوسط الديني من تأييد الحراك إلا
بعد اتضاح معالمه وأهدافه المعلنة، وهذا التخوف له مبرراته الموضوعية بلحاظ عدم
الانسياق نحو المجهول
وما ان انكشفت الغبرة سمعنا
بالبيانات والتأييدات وهذا الحراك السلمي، بصرف النظر عن حقيقة هذا التأييد هل هو
لأجل قناعات مسبقة وضرورة التحرك لتصحيح المسار أو جاء انسياقا وإرضاء الشارع
المحتج والتخوف من الوقوف بالضد منه مما يكون المضاد لهذا الحراك في موقف لا يحسد
عليه.
ومع هذا وذاك لازال جملة من الاعزة في الوسط وفي منصات التواصل الاجتماعي
في حالة قلق من هذا الحراك وما قد يصاحبه من فتن ونحو ذلك، وهذه المقولة قد تم
توظيفها من قبل المتضرر وهذا الحراك السلمي، وهذا التوظيف ما هو إلا المزيد من
شرعنة بقاء الفاسد المعلوم، تخلصا من المستقبل المجهول، وهو في الحقيقة تم استحضار
هذه المقولة التخويفية لإبقاء الوضع على ما هو عليه والحفاظ على الامتيازات
والمغانم.
الموروث الفقهي الشيعي الإمامي لا يسعف الحكام كثيرا فهو لم يداهن ويراعي
الطبقات الحاكمة بقدر ما يقف مع الشعوب المقهورة خلاف فقه أهل السنة وموروثهم
الفقهي الذي نجده في تحالف واصطفاف مستمر على طول التاريخ والسلاطين.
وحتى لو افترضنا جدلا بأن الموروث يصب بصالح الحكام فيمكن أن يقال ان
الموروث وأن نسبناه للوحي والعصمة فهو بالتالي يخضع لإفهام بشرية غير معصومة، فلا
خرق الشهرة الفتوائية بدعة ولا الخروج من عقد الاجماعات الفقهية مخل، لمن يحاول أن
يقدم قراءة فقهية مغايرة ضمن الفهم الصناعي .
للاسف يتعامل بعض الإخوة ومنهم بعض الطلبة مع الحراك من باب دع ما يريبك
إلى ما لا يريبك !
وبهذا فهم اعذروا أنفسهم وفق مبدأ أهون الشرين وأخف الضررين ، وقد غاب عنهم
أن هذا المبدأ يتحرك ويوجد ويفعل مع ما يصطلح عليه إمامة، المتغلب لا مع ظرف مختلف
حيث الوسائل السياسية الحديثة والالتزامات القانونية الدستورية التي التزم بها كل
الساسة الحاليين، وبالتالي التداول السلمي للسلطة وفق مقررات العملية الانتخابية .
نعم الفتنة المذمومة شرعا وعرفا هي ما إذا كانت تجر الناس إلى منزلقات
خطيرة وصدامات دموية لا سامح الله والنتيجة زعزعت أمن البلاد والعباد والمصالح
العليا.
وهذا الانجرار كما يحصل من قبل طرف الحراك السلمي بطرح شروط على الواقع
وسقف عالي ومثالي غير قابل للتطبيق فهو يحصل من قبل الطبقة الحاكمة فيما لو استهانة
بالمطالب الشرعية التفافا أو تسويفا ونحو ذلك فالفتنة لا سامح الله لا يمكن عصبها
برأس هذا الفريق دون ذاك.
وهنا لابد من تحرير النزاع حتى نقف على أصل المطلب، بعد تحديد ضابط الفتنة أعلاه :
= فيقال أن التدافع والتوسل بالطرق السلمية القانونية الشرعية الأخلاقية
العرفية لتحصيل الأهداف وحصد النتائج لو تزاحم بالخوف النسبي والقليل من الضرر
الدنيوي فلا تكون هذه المسائل تصنف بخانة الفتنة فلا الإضرابات القانونية ولا
العصيان المدني يدخل ضمن ضابط الفتنة النوعية المخيفة.
= لان كل الطرق تتم وفق الدستور المعمول به في البلاد، وتحت أنظار وسيطرة أهل
الحل والعقد فلاحظ ، فلا طلب حق فتنة ولا إنكار منكر فتنة ولا دفع ظلم فتنة، وإنما
الفتنة كل الفتنة السكوت عن كل ذلك...
0 تعليقات