إثبات تأريخانية
النص يلازم نسبية المعرفة
علي الأصولى
لازال الكلام بالفهم المنهجي لهذه النظرية، حيث تفرض النظرية نفسها على
كونها تنظر إلى المعرفة نسبية وعليه يتخلى الفرد من كل المطلقات المعرفية بعد أن
يقر بنسبيتها،
وإسقاط المعرفة المطلقة يعني المزيد من التدخل العقلي بفهم النص بعيدا عن
مطلقاته وما ورائياته؛ والنتيجة يعتكف كل إنسان وفهمه ويستغني عن غيره بلا مرجعيات
محددة غير مرجعية العقل الذي يتفاوت الأفراد بمدركاتهم وافهامهم وكما ترى مرجعية
العقل بلا محددات وبمختلف مستوياته عند الأفراد يربك أصل المعرفة إذ لا ضابط
موضوعي محدد في البين،
عندما يتحدث الآخر عن الطبيعة، وكونه جزء منها والعودة إليها فالمقصود من
كل ذلك هو العودة للمادة وعالمها المحسوس وهذا يعوض الآخر عن النظريات الأخرى إذ
أنه يكتف بما يسمها المصدر الوحيد للحقيقة، وأن الحقيقة تستمد منه لا من خارجه،
وبمعية العقل الذي له سلطة عليا يمكن فهم القوانين ، وقوانين المادة وحركة الحياة
والتاريخ بمختلف أبعادها الانطلوجية، وبالتالي فهذا الفرد يحسب أنه استطاع من خلال
تراكم المعرفة على تكوين منظومة معرفية يمكن لها قيادته للتقدم والتحديث،
وهذه الفرضية تعطي لأصحابها رقعة واسعة من الحركة في فضاء الأفكار وكلما
زادت رقعة المعرفة انكمشت رقعة المجهول، وبعد ذلك يمكن الاستغناء عن الدين وعن
الله بعد الاتكال بشكل مطلق على العلم والعقل، وبالتالي فلا حسن ولا قبح إلا ما
وفق مخرجات العقل والعلم،
ولذلك قال سبينوزا ( أن العالم آلي
خال من الغائية ، وأن العلم يجب أن لا يَنسب الغائية لأي شيء في الواقع المادي ،
وبالتالي فإن أي إشارة إلى الماورائيات هو رجعية وتخلف )
ومن هذه الفرضية خرجت فكرة دارون عن التطور، وانتقل مركز القداسة من الدين
إلى العلم، ومن هنا قال ماركس ( إن العقل هو إنعكاس المادة على الدماغ ، نافيا ضرورة
المعلومات السابقة للتفكير، لأن الإقرار بها ينسف أزلية المادة )
وكل هذه المخرجات جاءت نتيجة طبيعية لإبعاد الفهم الغيبي والجانب الروحي
للعالم،
وبهذا المنطق أخرج الفلاسفة الإنسان من إنسانيته ، ووضعوه في خانة الأشياء
المادية ، وخلطوا قوانين الطبيعة بقوانين المعرفة الإنسانية ، وطبقوها على
العلاقات المجتمعية والفلسفة والتاريخ.
وخلاصة القول: إن نسبية الحقيقة وأن تصورناها بلحاظ الأفراد ولكن لا
يمكن تصورها بلحاظ الواقع الخارجي،
ان الإيمان بالنسبية بقول مطلق يعني الإيمان بمبدأ التساوي وهذا من شأنه أن
يخلق حالة من السيولة والعدمية المعرفية ، بحيث تتلاشى معها كل المعاني وتنهدم
الحقيقة ، ويصبح الدين مجرد موسيقى تصويرية مرافقة ، وذلك لإضفاء نوع من المشاعرية
على المشهد،
ومنه أضيف تأريخانية النص لإكمال المسرحية النظرية وتكون المعيارية منقادة
لزمان ومكان ما ولا تتعداه،
وبذلك لا يمكن الاستقرار وفق معيارية النص لوجود الخلل المدعى، فلا وعي
يرتجى منه ولا قيم يمكن أن تستل من مخرجاته؛ وتتآكل الهوية وتتداخل ونشهد السقوط
المدوي لرسالة السماء
وكيفما اتفق، نحن نؤمن بأن ما يسميه الحداثويون بطريق الوعي والإدراك هو
طريق غيبوبة الوعي وتخبط الأدراك،
فما زعموا هو إعاقة فكرية والتصحيح لا يمكن أن يرتفع إلا على أساس
التوازنات الروحية المادية وسلب حصة على حساب الحصة الأخرى خلاف المنهج الصحيح
والطريق القويم فالماديات محفوظة والروحيات محفوظة ولا ترجيح لكفة على الأخرى، نعم
إن الأصل والانطلاق هو الأساس الروحي، ومنه نفهم الكون والإنسان والخالق.
الفهم المنهجي لتأريخية النص
الفهم المنهجي لتأريخية النص
0 تعليقات