آخر الأخبار

مأساة الإمام الطبري مع الحشوية





مأساة الإمام الطبري مع الحشوية

أبوهاشم بكر


لم يكن المؤرخ والفقيه الإمام ابن جرير الطبري شيخ المفسرين يعلم أن رأيه البسيط الذي وصف به سلفه الإمام أحمد بن حنبل (رحمه الله تعالى) سيجلب له كل ذلك الغضب والكراهية والتكفير!

تخيل أنه حين وافته المنية بعد التنكيل به وحبسه في داره، لم يستطيع أهله أخذه إلى المقبرة، وتم دفنه ليلاً في داره!

لأن عوام الحشوية الذين شَانَوا وشَوَّهَوا المذهب الحنبلي، اجتمعوا ومنعوا دفنه نهاراً وادعوا عليه انه من الشيّعة الرافضة، ثم ادعوا عليه الإلحاد، وكان علي بن عيسى يقول: والله لو سُئِل هؤلاء عن معنى الرفض والإلحاد ما عرفوه ولا فهموه!

و يروي المؤرخ ابن الأثير في كتابه «الكامل في التاريخ» هذه الواقعة معلقاً:

 «وحاشى ذلك الإمام عن مثل هذه الأشياء».

ومؤكداً أن من تعصبوا لمنع دفنه كانوا بعض العوام الجهال الذين سمم عقولهم شيوخ التكفير والتبديع.

ثم يروي بعد ذلك سبب كل هذه العداوة والكره للإمام الطبري، والتي لم تكن سوى أنه قام بتأليف كتاب تحدث فيه عن الفقهاء، لكنه لم يذكر فيه الإمام أحمد بن حنبل، فلما سُئِّل عن سر ذلك قال:

( لأنه لم يكن فقيهاً وإنما كان محدّثاً)، فاشتد ذلك على فريق من العوام المحسوبين على الحنابلة (أتباع البربهاري)، وكانوا لا يحصون كثرة ببغداد، فشغبوا عليه وقالوا ما أرادوا».

وبعد أن يروي ابن الأثير بعض مناقب الطبري ويشيد بكتابه المشهور «في تاريخ الأمم والملوك» وبتفسيره «الذي لم يصنف مثله»، ويذكر أن الحنابلة كانوا يمنعون طلبة العلم من الدخول عليه، وأنهم ظلموه مع أنه «ليس أعلم على أديم الأرض منه»، وأن مشكلته تتلخص في ما وصفه الفرغاني بأنه «كان ممن لا يأخذه في الله لومة لائم.. مع عظيم ما كان يلحقه من الأذى والشناعات من جاهل وحاسد وملحد».

لكن الطبري كان رغم كل شيء أسعد حظاً من المتصوف والعلامة والشاعر الحسين بن منصور الحلاج، الذي لقي مصيراً مؤلماً في السنة التي سبقت رحيل الطبري، فقد تم ـ كما يروي ابن الأثير ـ ضربه ألف سوط ثم قطعت يده ثم رجله ثم يده ثم رجله ثم قُتِل وأحرق بالنار، فلما صار رماداً ألقي في دجلة ونصب رأسه ببغداد، رغم أنه أنكر ادعاء الربوبية والنبوة، ولم يفده في شيء قوله لقاتليه «إنما أنا رجل أعبد الله عز وجل… ما يحل لكم دمي واعتقادي الإسلام ومذهبي السنة ولي فيها كتب موجودة فالله الله في دمي».

فليراجع من يشاء هذه التفاصيل في كتاب (الكامل في التاريخ) لابن الأثير ـ المجلد السابع.


إرسال تعليق

0 تعليقات