آخر الأخبار

الحصار والتحدي بين عنجهية ترامب وغباء السياسي العراقي





الحصار والتحدي

بين عنجهية ترامب وغباء السياسي العراقي



عز الدين محمد

أمس اصدر الرئيس الأمريكي ترامب تهديدا بأنه سيفرض عقوبات اقتصادية غير مسبوقة على العراق فيما لو أجبرت قواته على الانسحاب. ورغم رفضنا للوجود الأمريكي على أرض الرافدين ومنذ اللحظة الأولى لتواجدها بعد 2003 عندما كانت كثير من قيادات أحزاب الاسلام السياسي وخصوصا الشيعي تتسابق للعمل وفق المشروع الامريكي والذي يضمن حل الجيش العراقي وقانون الاجتثاث الذي أريد منه طرد الكفاءات من الدولة الراقية بحجج واهية.

لم تراجع هذه الأحزاب نفسها، واستمرت ضمن المشروع الأمريكي الذي سمح لها بأن تسرق بشكل غير مسبوق وأن تدمر الدولة بكل مفاصلها ، وأن تعمل كل ما يمكن لنشر الطائفية وتفتيت المجتمع ودعم الانفصاليين في شمال العراق، حتى صار النفط العراقي يباع تحت سعر السوق للكيان الصهيوني وبعلم الكل حتى بدون اثارة هذا الموضوع إعلاميا. ولن يعد للعراق اي احترام بين الدول حتى صارت دول العالم كلها تصول مخابراتها وتجول في العراق، وحتى الكويت الجار الصغير للعراق كان يأكل باستمرار من الأراضي العراقية ويشتري ذمم مسؤوليه،  والآن صحا القوم من نومتهم وقرروا أن أرض العراق يجب أن تطهر من الوجود الأمريكي، كلنا نتمنى هذا لكن بطريقة عقلانية ورؤية سياسية، لا بطريقة طفولية استعراضية يمكن أن تكلف العراق شيئا كثيرا.

في 1990  فرض الحصار على العراق بقرار أممي، أما الآن وبعد ان تضخمت قوتها الاقتصادية بشكل كبير فلن تحتاج أمريكا لقرار كهذا بل يكفي فقط ان تهدد الشركات والمصارف التي تعامل مع العراق كما فعلت الآن مع إيران. ولن تستطيع الصين ولا روسيا أن تمد يد العون إلا بشكل محدود كما نرى الآن في الوضع الإيراني ومعاناته.

لا يجب عليك أن تضع نفسك تحت الحصار لتثبت أنك شجاع ومقاوم، لا يجب عليك أن تنضم الى كوريا الشمالية التي تعاني من المجاعات والدكتاتورية وفنزويلا التي صارت قيمة عملتها أقل من قيمة الورق الذي تطبع عليها وإيران التي يعاني شعبها كثيرا من الحصار. 

طبعا لا يمكن مقارنة الوضع هنا بوضع إيران، فإيران فيها سلطة مركزية يمكنها بسهولة إن تسيطر على أسعار المواد الرئيسية من الخبر والدواء والوقود وما الى ذلك... كما إنها دولة مكتفية ذاتيا، وليست مثل العراق الذي يستورد كل شيء وبدون رقابة ولا حساب.
من يرون أن التحدي بهذه الطريقة هو فرصة جيدة لإظهار شجاعتهم لن يجدوا الأمر كذلك فيما بعد، ويمكن أن اذكر لهم بأنّ هناك مليون طفل عراقي توفوا بسبب الحصار. لا يعرفون ان هناك نساء خضعن بشكل سيء للظروف، عندما عجزن عن إعالة أيتامهن، وغير ذلك وغير ذلك.

هل حسب هؤلاء وضع كردستان؟ وأن أمريكا سوف تدعم المشروع الانفصالي، لأن الأكراد لن يقبلوا بتحمل عقوبات لا معنى لتحملها، كما أن الأمريكان سيجدون دعم الدولة الانفصالية فرصة جيدة للبقاء في العراق بقوة.

كما ان مناطق السنة ستأخذ موقفا يجعل وضعها أقرب الى وضع  كردستان اليوم، وهذا أمر خطر جدا.

اعرف أن الحديث عن الخسائر الكبيرة التي يمكن أن يتحملها العراق لن تعني شيئا للبرلمانيين وأحزاب السلطة، وأعرف أنهم لا يمكن أن يفكروا بنتائج خطوتهم، لكن ربما يمكن أن أدفعهم للتفكير مرة أخرى فيما لو قلت لهم بأنّ هذه العقوبات ستؤثر على إيران باعتبار أن الجمهورية الإسلامية تعتمد اقتصاديا وبشكل كبير على العراق.

إرسال تعليق

0 تعليقات