الناصرية.... قلعة الوعي
عز
الدين محمد
في
تاريخ العراق الحديث هناك مدن عرفت بشكل خاص بوعيها وبتفاعلها الثقافي، وكل مدن
العراق لها في ذلك نصيب لكن ربما كان أهمها النجف والناصرية والحلة والسليمانية
طبعا بعد بغداد.. الناصرية كان لها دور كبير في الوعي تأثرا وانتاجا، فسياسيا كانت
التيارات السياسية كالشيوعيين والقوميين ( ناصريين وبعثيين) واسلاميين كلها تملك
ثقلا كبيرا في الناصرية واقضيتها ونواحيها.
حتى
دينيا كانت الناصرية لها رؤيتها، فقد كان فيها حوزة خاصة بها ترأسها المجتهد الشيخ
عباس الخويبراوي الذي كان يمثل قامة علمية حقيقية، وفي سوق الشيوخ كانت هناك ما
عرفت بقرية المؤمنين التي كانت والى وقت قريب تمثل قلعة صغيرة وحصينة للحركة
الاخبارية بعد ضربها وانكفائها.
اما
مساهمتهما بالفن بمختلف صوره فحدث ولا حرج، وعندما نتكلم عن الفن فانا اتكلم عن فن
راقٍ عميق في كل المجالات، واما في الشعر فحدث وحدث ولا حرج.
وواقعا
كنت اتألم وأنا أرى الوعي بدأ ينضب وأنا أرى الناس وخصوصا الشباب صاروا يفكرون
بطريقة "دينية لكن وفق رؤية خاطئة" وصار الوعي في العراق ككل وفي
الناصرية ايضا يدور حول التقليد والطقوس والمجالس وووو، حتى اعتقدت بأن الناصرية
فقدت صدارتها الثقافية.
ورغم
أني أؤمن بنظرية المتغيرات الخفية (كما بينتها
سابقا) والتي تعني بأنّ هناك دائما أمورا اجتماعية تحاك وتحصل تحت الواقع
المحسوس وأنها ستبرز يوما ما بشكل قوي إلا أني مع ذلك لم اعتقد بأنّ كما هائلا من
الوعي كهذا سيتفجر في أرض ذي قار، وأن الناصرية ستعيد انتاج الثقافة لا في حدودها
فقط، بل وفي كل العراق.
الناصرية
قررت، والناصرية قالت كلمتها، والناصرية حددت مدتها، واذا قالت الناصرية قال
العراق. الناصرية تدرك اللعبة القذرة للسلطة واعلامها ومندسيها، والتي تحاول
استنزاف الثورة وجرها الى مشاكل جانبية، لذلك اخذت قرارها، وقالت كلمتها.
وكما
انتصف للعرب في أرض ذي قار، سينتصف للعراق في أرضها المباركة.
0 تعليقات