آخر الأخبار

الحروب غير المتناظرة في ليبيا





الحروب غير المتناظرة في ليبيا



ماهر فرغلى

لازم نعرف أولا أن التيار الذي يحكم أمريكا الآن يرى الانسحاب من منطقة الشرق الأوسط والاهتمام بالداخل، والذهاب لمناطق أشد أهمية مثل جنوب شرق آسيا، وترك المنطقة للاعبين إقليميين كشرطيين جاهزين.. بالطبع تركيا كانت جاهزة وإيران وإسرائيل، كل من هذه القوى له أدوات للسيطرة، وفي الأغلب هي أدوات غير متناظرة في الحروب، مثل استخدام الميليشيات (إيران)، وتركيا (تيارات الإسلام السياسي)، كلا من إيران وتركيا كانا يتنافسان في التمدد وبسرعة في المنطقة، وأدركت أمريكا خطأها بالعراق والخطر فاستخدمت وجود داعش للعودة وبقوة.. لذا فوجودها غير مرحب به إيرانيًا، وأي وسيلة تُخرج القوات الأمريكية من العراق فهي ستقوم بها، وأعتقد أن موت قاسمي سليماني جاء في صالح هذه النقطة.. لكن وزير الخارجية الأمريكي قال لهم: إن قواعد اللعبة في الشرق الأوسط تغيرت (أمريكا لن تخرج).

في المقابل سنرى الأتراك يرون أن مشروعهم للتمدد يصطدم بمصر التي لا تستخدم أدوات الحروب غير المتناظرة، لكن لها أدوات أخرى ناعمة مثل (الأزهر)، وطوال الوقت يريدون حصارها وإثارة الفوضى بها، من جزيرة سواكن (أيام الإخواني البشير)، ليبيا، تعز باليمن، الصومال.. ألخ ألخ.. لذا فطرابلس في غاية الأهمية، خاصة أن مصر موجودة الآن بسوريا، وخلف التحالف باليمن، ومع الجيش الليبي الذي حرر سرت اليوم، وعلى أبواب طرابلس، وموجودة بقوة في شرق المتوسط، وفي اتفاقيات الغاز مع اليونان وقبرص.

ستحقق أنقرة مجموعة من الأهداف السياسية والأمنية والاقتصادية حال تمكنها من السيطرة علي ليبيا.. أولا تكوين جيوب لمقاتلين إسلاميين متطرفين يمكنها استخدامهم لإعادة إحياء مشروع الإسلام السياسي، وتستخدم ذلك لتهديد مصر والضغط عليها.

كما تسيطر على خامس احتياطي نفطي في العالم (تقدر الاحتياطيات الليبيبة بـ٧٤ مليار برميل من خام النفط عالي الجودة)، إضافة إلى الضغط على منتدى غاز شرق المتوسط وتحقيق سيطرة جيواستراتيجية.

الإخوان العملاء هنا مع أردوغان في كل خطواته، لأنه يضمن لهم البقاء في تونس وليبيا ويمكن أن يمكنهم من العودة بمصر!.

في المقابل إخواننا في إمارة النهضة الإسلامية الآن بتونس جاهزون لتأييد هذه الخطوات لولا ضغوط بعض الفرقاء في البرلمان.. وأما الجزائر فهي مؤمنة لحد ما باحتواء إسلاميي ليبيا خوفاً من ارتدادهم إليها وفرارهم، وفي ذات الوقت هي لا تريد مصر على حدودها، وترى أن حل المشكلة بالتفاوض سيحقق مصالحها، وأما المغرب فهي ترى أنها لا ينفع أن تدعم حفتر الذي وراءه الإمارات المتنافسة معها في ملف المساجد بأوربا!.

المسألة معقدة، والحل هو الحسم العسكري عن طريق قوات الجيش الليبي، فمصر لن تتورط في الداخل الليبي، وأيضا تركيا ستتخلص من الدواعش والمرتزقة في ليبيا وتضرب عصفورين بحجر واحد، وهو التحلض من هؤلاء الذين لا تريدهم بلادهم، وأيضا دعم حلفائها الميليشيات.

تركيا ستراقب وتدعم وتخطط عبر قاعدة عسكرية لها في الداخل، ومصر أيضا ستدعم دون الدخول للقضاء على هذه الميليشيات.. إنها الحروب غير المتناظرة (ليست حروب جيوش مباشرة).

إرسال تعليق

0 تعليقات