المناورات الأمريكية
الإيرانية
هل كان الرد الإيراني كاف على اغتيال سليماني..؟ لماذا ردت بهذه الطريقة
البسيطة..؟ وماذا ربحت طهران..؟
بقلم / سجاد الحسيني
أحداث تشبه كثيراً بطولة كأس العالم، لكن لم تكن قطر المستضيفة بل استضافته
بغداد، في ليلة مثيرة، في وقت متأخر من ليل الجمعة 5 كانون الثاني،
بدأ ترامب الهجوم قبل انطلاق صافرة الحكم ، ليعطي الأوامر باغتيال الجنرال
قاسم سليماني ، الشخصية الأبرز في إدارة الملفات الخارجية الأمنية والعسكرية
لإيران، برفقة الشهيد ابو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي ورفاقهما في
محيط مطار بغداد الدولي،
بعد هذه العملية وبغضون ساعات عينت طهران بديلا لقائدها سليماني وتوعدت
أمريكا برد قاسي وعتبرت الشرق الأوسط ساحة لأخذ الثأر ،
أخذ الجميع يترقب الهجمة الإيرانية المرتدة وكيف ستنتقم من خصمها وعدوها
اللدود للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، الأمر الذي جعل دول الخليج في قلق
شديد ، مما دفع الأخير الى إرسال وزير الخارجية القطري من اجل التهدئة وربما
التفاوض مع طهران ،،
سبق الوزير القطري ،. إرسال الولايات المتحدة الأمريكية رسالة بيد السفير
السويسري في طهران الذي يقوم بالمصالح الأمريكية هناك ،، وحسب التسريبات المؤكدة
ان الرسالة كان فيها مغريات كبيرة تصل إلى تخفيف العقوبات والحصار الاقتصادي على
إيران مقابل ترك الرد وعدم التعرض للمصالح الأمريكية في المنطقة ،
حلفاء الأمريكان في المنطقة سيما الخليج دعم هذا الخيار بشدة وكانت زيارة
الوزير القطري الحقيقية لأجل التفاوض على هذا الخيار ، رغم ان ماشاع في الإعلام
الرسمي الإيراني ان المبادرة رُفضت من حكومة طهران الا ان المعطيات تؤكد ان هناك
تسويات ما في الموضوع،
بعد أيام من عملية الاغتيال، وفي ليلة دفن الأجساد، أمطرت إيران قاعدتي عين
الأسد والحريري وابل من صواريخ البالستية ومواقع أمريكية أخرى في العراق ،
احدث الرد الإيراني جدال كبير وتجاذبات عديدة بين المحللين والإعلام
والمواطنين بصورة عامة ،، بعضهم وصفها رد شكلي لحفظ ماء وجه إيران، والبعض الآخر
اعتبره ردا حقيقي أوجع الأمريكان،،
إيران الرقم الصعب في معادلة الشرق
الأوسط، تمتلك من القوة والسلاح والعقيدة مايكفي للرد على اي اعتداء تتعرض له، لكن
بنفس الوقت سياسيا ايران ليس بالدولة المتهورة فهي تسير وفق خطوات مرسومة ومدروسة
تراعي فيها مصلحة البلد على جميع الأصعدة ،،.
واعتقد رد طهران جاء بهذا الشكل
لسبب وهدف معين وهو ، ركزت طهران على الرد الفني التقني اكثر من الرد المادي
البشري،وماينتج عنه من خسائر ،
أوصلت طهران بصواريخها رسالة لخصومها أنها تمتلك سلاح تستطيع من خلاله
ان تصيب وبسهولة أهداف متعددة دون ان تكشفها منظومة الدفاع الأمريكية المتطورة ،
واختيار قاعدة عين الأسد خصوصاً له رسالة خاصة وهي القاعدة الأكبر لقوات
التحالف الدولي والتي يزورها ترامب والرؤساء الأمريكان بصورة متكررة ،
وبهذا نكون أمام احتمالين وكلاهما مفيد للجانب الإيراني عكس بعض الأصوات
التي قالت إيران لم تكسب شيء من هذه المناورات ،
الاحتمال الأول _ إيران استفادت خلف الكواليس من رسائل التسوية التي بعثتها
أمريكا عن طريق الحلفاء، وتفاوضت للحصول على مكاسب اقتصادية لتخفيف الضغط
الاقتصادي المفروض عليها منذ زمن مقابل رد شكلي تقوم به طهران لتسكت الرأي العام
وتحفظ هيبتها امام الملأ، وهذا مكسب كبير جدا لتنفيس المجتمع ورفاهية الشعب ،
وربما ايران تفضله على الرد المادي الذي يقتصر على الخسائر البشرية،
الاحتمال الثاني _ هو بالفعل الرد الإيراني الذي تعتقده حكومة طهران بانه
رد كاف لهذه المرحلة والتصعيد بالتصعيد بعد ان هددت إيران ان الرد على اي تصعيد
أمريكي سيكون في حيفا ودبي،
بكلا الحالتين إيران لم تخسر شيء من هذه المناورات التي يراد منها جر كل
طرف الطرف الاخر للجلوس على طاولة الحوار والتفاوض، وليس هي بداية لاشتعال الحرب
بين الطرفين التي لم يحن أوانها بعد ،
العراق وفي ظل التخبط الحكومي على مدار ١٦ عام فضلا عن الفساد وضعف الدولة
ومؤسساتها وغياب التخطيط ، كان الحلقة الأضعف واستضاف الاستعراض على أرضه مجبورا ،
وللأسف بفضل الاعلام الموجه والدعاية والجيوش الالكترونية التي توجه الرأي
العام وتهيمن على تفكير المجتمعات ، جعلت من العراقيين منقسمين في معسكرين
ويتبادلون التهم والتسقيط فيما بينهم تاركين قضايا البلد الاساسية من حكومة جديدة
والتعديلات التشريعية والوزارية والاصلاحات الاخرى التي طالب بها الشعب وضحى من
اجلها..
٩ كانون الثاني ٢٠٢٠
0 تعليقات