العراق و حركة تموز 1958م
(3)
محمود جابر
فى الحلقة الماضية تحدثنا عن تنظيم الضباط الأحرار فى الجيش العراقى،
ومحاولات التنظيم الفاشلة لقلب نظام الحكم فى 1949، وكيف لعب الأردن دورا فى
الوشاية بالثورة ..
واليوم نحن نستعرض إعادة بناء هذا التنظيم وكيف لعب عبد السلام عارف دورا
كبيرا فى إعادة البناء مستعينا بعبد الكريم قاسم، ودور مصر وجمال عبد الناصر فى
نجاح ثورة تموز ...
العد التنازلي للتنفيذ
أتاح ترأس عبد الكريم قاسم للجنة العليا للتنظيم لعبد السلام عارف الفرصة
للعمل المشترك مع قاسم لتحقيق أمالهما في أحداث تغيير في البلد. وبعد ورود بعض
المعلومات للقصر الملكي ودار السراي للحكومة العراقية بأن تنظيما سريا قد تشكل هدفه
أحداث تغيير في البلد سارعت الحكومة بإصدار تعليماتها لقيادة الجيش بأحداث حركة
تنقلات شمل بها العميد عبد الكريم قاسم والعقيد عبد السلام عارف الذين نقلا إلى
المنصورية في محافظة ديالى حيث تم تنسيب عبد الكريم قاسم امراً للواء التاسع عشر،
وعبد السلام عارف امراً للواء العشرين الذين كانا تحت إمرة اللواء غازي الداغزتاني
قائد الفرقة الثالثة ومقرها في القاطع الأوسط للعمليات في محافظة ديالى شمال شرق
بغداد.
في حركة سياسية لافتة للانتباه لامتصاص نقمة الضباط على الحكم وأحداث تفرقة
في صفوف الضباط المشتبه بانضمامهم للتنظيم قام الوصي على العرش الأمير عبد الإله
مع الملك فيصل الثاني برفقتهما الفريق نوري السعيد باشا رئيس الوزراء بزيارة عدد
من القطعات العسكرية بضمنها معسكر المنصورية حيث عرض نوري باشا على عبد الكريم
قاسم منصب نائب القائد العام للجيش الذي اعتذر عنه ولعبد السلام عارف منصب وزير
الدفاع والذي كان مرشحا قريبا لرتبة عميد ركن الذي اعتذر عنه هو الآخر. فما كان من
ديوان سراي الحكومة إلا أن يعالج الأمر بنقل عبد السلام عارف مع عدد من الضباط
المشتبه بانتمائهم للتنظيم إلى الأردن وهم من المعروف عنهم استيائهم المعلن أو مشاركتهم
بثورة رشيد عالي الكيلاني باشا عام 1941، حيث استغلت الحكومة قيام الاتحاد
الفدرالي الهاشمي بين المملكتين العراقية والأردنية عام 1958 وتوتر الحدود
الأردنية الإسرائيلية بسبب قيام الاتحاد من جهة وبسبب قيام الجمهورية العربية
المتحدة من نفس العام من الجهة الأخرى.
في مطلع تموز من عام 1958، وعند صدور الأوامر بتحرك القطعات للمفرق بالأردن
مروراً ببغداد دعا ذلك كل من قاسم وعارف لعقد اجتماع عاجل للتنظيم حيث ابلغا
التنظيم الذي تلكأ كثيرا بالقيام بالثورة بأنهما سيقودا عدداً من ضباط التنظيم
لاستغلال هذه الفرصة للإطاحة بالنظام الملكي. ثم اتفق عارف مع قاسم بإعطاء التنظيم
فرصة أخيرة للتحرك من خلال ضم الفرق الأربعة العسكرية الموزعة في المحافظات
العراقية الأخرى لمساندة تحرك قطعات المنصورية فذهب عارف وحده قائلا "انا
والزعيم نخبركم لاخر مرة بأنه في حالة عدم الاشتراك معنا فنقول لكم هذا حدنه وياكم
".
عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف يتصلان سرا بعبد الناصر
بعد ظهور ملامح الاصطفافات الجديدة حول قيادات تنظيم الضباط الوطنيين بعد
تمحور البعض حول قاسم وعارف والبعض الآخر حول القيادة التقليدية للتنظيم بزعامة
الفريق نجيب الربيعي ومؤسس التنظيم رفعت الحاج سري الدين والعميدين ناجي طالب
وناظم الطبقجلي. والبروز اللامع والشعبية الصاروخية الجلية للزعامة الجديدة
للتنظيم للثنائي قاسم وعارف. حيث بدأت تتكتل حولهما بعض اعضاء قيادة التنظيم، وهذا
التطور الهام عزز احتمال قيام الحركة ودفع هذا التيار إلى الاقتراب أكثر من العد
التنازلي للتنفيذ وعلى شكل خطوات مدروسة تعبويا وسوقيا لامناص من اتخاذها إذا ما أريد
للقيادة الجديدة لتحقيق أهدافها.
فالخطوة الأولى التي اتخذتها قيادة تيار قاسم / عارف هي أما استقطاب أعضاء
القيادة التقليدية للتنظيم وأعضاء الحلقة الوسطية أو تحييدها. لضمان عدم انشقاق
التنظيم من جهة ولضمان عدم تسرب الخطط للاستخبارات العسكرية والحكومة ونوري باشا
من جهة ثانية.
أما الخطوة الثانية فتمثلت بالبحث عن دعم عربي أو دولي لموازنة الدعم
العربي والدولي الذي تتمتع به الحكومة والنظام الملكي المتمثل بإسناد المملكة
الأردنية الهاشمية عربيا وبريطانيا دوليا.
فبعد سلسلة من الاجتماعات السرية الهامة للقيادة المصغرة لتنظيم الضباط
الوطنيين والتي شملت تيار القيادة الجديدة لقاسم \ عارف، توصلوا إلى قرار بضرورة
مفاتحة الجمهورية العربية المتحدة " سوريا ومصر المتوحدتين ضمن إطار الاتحاد
العربي" حيث وأثناء زيارة ميدانية لتفقد القطعات العراقية في الأردن سافر كل
من عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف إلى الأردن وبعد اتصالات سرية مع حكومة عبد
الناصر زارا أثناء إجازة نهاية الأسبوع سرا مدينة الرمثة الحدودية الأردنية، ومنها
عبرا خلسة إلى الجانب السوري حيث اجتمعا في مدينة درعا الحدودية السورية مع موفد
حكومة عبد الناصر وزير الداخلية عبد الحميد السراج ووزير المواصلات أمين النافوري
وأحمد عبد الكريم وزير البلديات, حيث سلماهم رسالة سرية وعاجلة إلى الرئيس جمال
عبد الناصر طالبين دعم وإسناد الجمهورية العربية المتحدة لحركة الضباط الوطنيين في
العراق.
وهذه الرسالة كما أرسلها نصا كل من عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف إلى
حكومة الجمهورية العربية المتحدة معنونة إلى جمال عبد الناصر:
"رسالة من تنظيم الضباط الوطنيين العراقي إلى سيادة الرئيس جمال عبد
الناصر المحترم.
" نود تفضل سيادتكم باطلاع بان هناك تنظيماً سرياً في الجيش العراقي،
وإن ضباط هذا التنظيم قد فاض بهم الألم وما عادوا يطيقون الصبر أو يقدرون عليه،
وإنهم سوف يتحركون مهما كلفهم الأمر ضد نورى السعيد وكل من يمثله، ابتداءً من حلف
بغداد، إلى التآمر على القومية العربية".
حيث ورد الجواب عاجلا بطريقة النصيحة التي سميت الاخوية " من ثوار مصر
إلى ثوار العراق " وتلخصت بجملة نقاط هي:
1- برغم التقدير العالي لحكومة الجمهورية العربية المتحدة للثقة العالية من
الضباط العراقيين ان أي تدخل بالأسلوب الذي يطلبه الضباط العراقيين يعد هيمنة من
حكومة عبد الناصر على حركة العراق.
2- يمكن التنسيق العسكري في مجال المعلوماتي والسوقي والتعبوي.
3- تدعم حكومة عبد الناصر بشكل كبير الحركة عسكريا وتسليحيا وإعلاميا, كما
ستدعمها سياسيا ودبلوماسيا وفي المحافل الدولية كحركة عدم الانحياز الناشئة حديثا
ومع الدول الكبرى كالاتحاد السوفيتي.
4- ان يتبنى الضباط العراقيين أسلوب الكتمان الشديد في تحركاتهم وانتقاء
أفضل العناصر المهنية والمؤمنة والكتومة في صفحة التنفيذ.
5- من المهم جدا ان يتبنى أمر اللواء الذي سيقوم من جانبه بمهمة التنفيذ ان
يضع خطة تنفيذ الحركة لانه هو الادرى بقطعاته ونقاط قوتها ومراكز ضعفها، ولانه هو
المعني بتحركات قطعاته وبمسارها وتوقفها.
وبناء على الرد الجوابي لعبد الناصر عقدت قيادة تنظيم تيار قاسم \ عارف
اجتماعا حاسما اتفقوا بموجبه ان يضع عبد السلام عارف خطط تنفيذ الحركة طالما ان
لوائه، اللواء العشرين هو المكلف بالتحرك للأردن من قبل رئاسة أركان الجيش
والقيادة العامة للقوات المسلحة.
الساعة "س".. ساعة الصفر
تولّى القيادة الرئيسية للعمليات منذ ذلك الحين رجلان مع دعم من هم بمعيتهم
من ضباط أعضاء التنظيم، هما كل عبد الكريم قاسم آمر اللواء التاسع عشر وعبد السلام
عارف آمر اللواء العشرين، وقد أخفيا الموعد المحدد لقيام الحركة، لضمان عدم تسرب
الأخبار وفي يوم 13 تموز قام كلاهما بزيارة بغداد وتحديد مسار الحركة ومهام
التنفيذ. وفي 10 تموز وبعد عطلة عيد الأضحى مباشرة صدرت الأوامر العسكرية من
القيادة العامة للجيش بتحرك اللواء العشرين في 14 تموز إلى الأردن وكان اللواء
العشرين أحد تشكيلات الفرقة الثالثة التي يقودها الفريق غازي الداغستاني في معسكر
المنصورية، للوقوف في وجه التهديدات الإسرائيلية على الأردن، وكان قائد الجحفل أو
القطعات المنتخبة من معسكرات مختلفة والمتجهة إلى الأردن، هو اللواء أحمد حقي.
وعند ذلك اعتبر قادة الحركة بأن الفرصة مناسبة لتنفيذ حركتهم أو ثورتهم ضد الحكم
الملكي.
وضع الرجلان خطط التحضير والقيام بحركة تموز 1958 وأُعطيت لخلية التنظيم من
الضباط ممن تقرر إشراكهم في تنفيذ الحركة، حيث كان توجّس العميد عبد الكريم قاسم
من تصرفات الحكومة وأي عملية ثورة مضادة فاتفق مع العقيد عبد السلام عارف بإنشاء
غرفة عمليات سرية يديرها قاسم من مقرة في معسكر المنصورية في مدينة المقدادية،
وأُوكلت لبقية الضباط تنفيذ العمليات داخل وخارج بغداد مستغلين فرصة قيام الإتحاد
الهاشمي بين العراق والأردن وتحرك القطعات العراقية لإسناد الأردن ضد التهديدات
الإسرائيلية لقيام الاتحاد. كما اتفق التنظيم على عدم إخبار القوات الزاحفة من غير
اعضاء التنظيم بما ستقوم به في بغداد من إعلان للثورة ؛ خشية من تسرّب أخبار ذلك
إلى الحكومة وقيادة الجيش. وإصدار التعليمات للضباط أعضاء التنظيم، الذين سيقومون
بمهام تنفيذ الحركة بعدم أخبار أي ضباط آخرين؛ للمحافظة على السرية والمباغتة،
ومنعاً لتسرب أخبار الثورة.
عبد السلام عارف يشرع بتنفيذ خطته للسيطرة
اختار عبد السلام عارف لنفسه تنفيذ عدد من العمليات وهي السيطرة على مقر
قيادة الجيش في وزارة الدفاع والسيطرة على مركز اتصالات الهاتف المركزي والسيطرة
على دار الإذاعة إضافة إلى أهدافا أخرى حيوية كالسيطرة على القصر الملكي وقصر نوري
السعيد ومعسكري الرشيد والوشاش.
في يوم 14 تموز، تهيّأ اللواء العشرين بقيادة عبد السلام عارف للتحرك لبدء
تنفيذ الحركة. حيث درس الأعضاء البارزين للهيئة العليا لتنظيم الضباط الوطنيون
وبحضور العميد الركن عبد الكريم قاسم خط سير الرتل المزمع سلوكه عبر بغداد، كما
استمعوا إلى إيجاز قدّمه العقيد الركن عبد السلام عارف عن الخطة التي وضعها ضمن
تحرك لوائه للسيطرة على بغداد ويمكن وصف خطة عارف وخط سير القطعات بالتالي:
تقع على خط سير القطعات الذاهبة للأردن المواقع المهمة التي تشكل أهدافا
إستراتيجية لتنفيذ الحركة ونجاحها فيما إذا تمت السيطرة عليها. فيمر خط السير
المخصص للقطعات، بضمنها اللواء العشرين الذي سيقوم بتنفيذ الحركة والذي يتكون من
أربعة كتائب أو افواج وذلك عبر عدد من النقاط والمواقع الإستراتيجية الهامة والتي
لا مَناص من السيطرة عليها حيث كان الرتل الذاهب أصلاً للأردن سيمر قاطعا بغداد من
الشرق إلى الغرب، أتيا من لواء "أو محافظة" ديالى في الشرق حيث معسكر
المنصورية ومتوجها عبر جنوب بغداد نحو الطريق الدولي الموصل للحدود الأردنية.
فبدئا بالتحرك من معسكر المنصورية يمر خط السير عبر طريق بغداد - ديالى
القديم مرورا بشرق بغداد من جهة منطقة المشتل المؤدي إلى بغداد الجديدة المجاورة
لمعسكر الرشيد في الزعفرانية وهو المحطة الهامة الأولى التي سيسيطر عليه بأحد
الكتائب الأربعة، ومن ثم التوجه إلى الباب الشرقي حيث جسر الملكة عالية "جسر
الجمهورية حاليا" وهو المحطة الثانية المهمة لتامين تدفق قطعات اللواء للعبور
إلى جانب الكرخ. ومن هنا يجب أن تتقسم الكتائب المتبقية إلى ثلاثة أرتال للاستكمال
السيطرة على قاطع الرصافة قبل العبور إلى الكرخ، فيذهب الرتل الأول للسيطرة على
قاطع مديريات شرطة باب الشيخ وهو أحد أهم مراكز الشرطة الذي يتضمن غرفة حركات
الداخلية المكلف بمهمة الاتصال بوزارة الداخلية ورئاسة الوزراء عن أي تهديد امني
ومنها يتم قطع الاتصالات الهاتفية للبدالة المركزية، ثم يتوجه لاحتلال وزارة
الدفاع وهي أيضا مقر القيادة العامة للقوات المسلحة في الباب المعظم ثم يسطر الرتل
نفسه على معسكر الحرس الملكي في الكرنتينة المجاورة وبعد ذلك يسيطر على مقرات
البلاط الملكي في الكسرة المجاورة أيضا. وبعد عبور جسر الملكة عالية يوجد موقعين
هامين يجب السيطرة عليهما واحتلالهما الأول قصر الزعيم البارز نوري السعيد ومحطة
دار الإذاعة العراقية في منطقة الصالحية المتاخمة للجسر، وهي أهم النقاط التي يجب
السيطرة عليه لإذاعة البيان الأول للحركة وتوجيه القطعات والجماهير عبر الإذاعة.
ومن جسر الجمهورية يستمر خط السير للتوجه عبر كرادة مريم " المجمع الرئاسي أو
المنطقة الخضراء حاليا" ثم الحارثية حيث معسكر الوشاش المسيطر على قاطع الكرخ
ويليه قصر الرحاب مقر إقامة الملك وولي العهد عبد الإله وهو أحد أهم النقاط
الإستراتيجية ليأخذ شارع اليرموك المتوجه إلى غرب بغداد إلى الطريق الدولي نحو
الحدود الأردنية.
اتخذ عبد السلام عارف عدد من الإجراءات داخل اللواء العشرين الذي بإمرته
هدفها ضمان نجاح تنفيذ الحركة منها، أصدر أوامره باعتقال كل قادة القطعات العسكرية
والتي ستشارك في الجحفل والتي ستمر عبر خط سير القطعات الذاهبة للأردن، أي القطعات
المزمع تنفيذها للحركة من غير تنظيم الضباط الوطنيين وعيّن بدلاً عنهم ضباطًا من
التنظيم ثم أصدر عدة أوامر هامة، وهي:
أ ـ يتسلم العقيد عبد اللطيف الدراجي قيادة اللواء العشرين مع عبد السلام
عارف لكي يتمكن الأخير من التحرك بمرونة لقيادة العمليات والسيطرة على القطعات
والوحدات الأخرى ومعالجة أي طارئ، إضافة إلى قيادة الكتيبة الأولى من اللواء التي
تكلف بعدد من المهام على رأسها، الاتصال بأعضاء تنظيم الضباط الوطنيين في معسكر
الرشيد ودعمهم للقيام بتنفيذ الخطة التكميلية وهي السيطرة على وحدات المعسكر
والانطلاق مع وحدات اللواء العشرين لإتمام المهمة، وفي حالة فشلهم يستمر اللواء
العشرين بالمهمة وحده الذي سيتوجه لاحتلال قاطع شرطة باب الشيخ وقطع الاتصالات
الهاتفية المركزي ثم السيطرة على جسر الملكة عالية في الباب الشرقي. وعند مرورها
في منطقة الصالحية تحتل القطعات دارالإذاعة.
ب - يتوجه الرائد بهجت سعيد إلى قصر نوري السعيد رئيس الوزراء للقبض عليه.
ت ـ تكلف الكتيبة الثانية بقيادة المقدم عادل جلال بالتوجه لقاطع الباب
المعظم لاحتلال وزارة الدفاع ثم تطويق معسكر الحرس الملكي في الكرنتينة لشله عن
الحركة وحصار الديوان الملكي في الكسرة.
ث ـ يعين المقدم فاضل محمد علي قائدًا للكتيبة المدرعة الثالثة المكلفة
باحتلال الكرخ بالتعاون مع قطعات منتخبة من معسكر الوشاش الذي يقوده الزعيم عبد
الرحمن عارف " شقيق عبد السلام عارف" المكلف بالسيطرة على الشوارع
والنقاط المهمة في قاطع الكرخ.
ج ـ يتوجه الرائد عبد الجواد حامد الجومرد على رأس سرية خاصة للتوجه إلى
منطقة الحرثية لحصار قصر الرحاب حيث يقيم الملك فيصل الثاني، وولي عهده الأمير عبد
الإله لاعتقالهما.
د – وبعد إنجاز المهام الرئيسية والتي روعي أن تتم أغلبها بشكل متزامن
يتوجه عبد السلام عارف بنفسه لإذاعة البيان الأول.
وبهذه الخطة المحكمة استطاع عبد السلام عارف إحكام قبضته على بغداد، وتوجه
إلى مبنى الإذاعة وألقى بيان الثورة.
وعند بدء تحرك القطعات الروتيني بدأ وكان كل شيء يمر بهدود ورتابة كما خططت
له القيادة العامة للقوات المسلحة، إلا أن نذر عاصفة عاتية قد هبت بعد مرور
القطعات في بغداد بقيادة اللواء أحمد حقي الذي تجاوز بغداد مارا بالفلوجة القريبة
حيث نجح الضباط بتنفيذ الخطة للإطاحة بالنظام، وقد تولى العقيد الركن عبد السلام
عارف بفاعلية وشجاعة قيادة القطعات الموكلة له منفذا جميع العمليات الموكلة إليه
والتي أدت إلى سقوط النظام الملكي، وكتب رسالته الشهيرة لوالده عند الشروع بالحركة
طالباً رضاه والدعاء له بتحقيق النصر أو الدعاء له ليتقبله الله شهيدا في حالة
وفاته حيث أذاع عارف بنفسه البيان الأول للحركة صبيحة 14 تموز 1958.
في هذه الأثناء كان العميد الركن عبد الكريم قاسم يراقب عن كثب سير الأمور
ويشرف على العمليات من مقره في معسكر المنصورية في محافظة ديالى المتاخمة لبغداد،
حيث كان قائدًا للواء التاسع عشر الذي لم يكن مخططا ذهابه مع القطعات الذاهبة
للأردن، فلما بلغه احتلال عبد السلام عارف لبغداد لحق به وسمع من مذياع سيارته صوت
عبد السلام عارف وهو يلقي بيان الثورة، وإعلان قيام الجمهورية العراقية. وبعد سماع
النباء بإذاعة البيان الأول، خرجت الجماهير عن بكرة أبيها على شكل موجات هائجة
ومظاهرات تأييد ومناصرة تملأ شوارع العاصمة والمدن الأخرى وأصبح العهد الملكي بين
ليلة وضحاها من ذكريات الماضي كما أصبح في تلك اللحظات الحرجة مكروها من غلبية
فئات الشعب.
0 تعليقات