النهضة الفاطمية دراسة فى خطاب ناصر الزهراء (4)
محمود جابر
الزهراء: ميزان الحق
سؤال تبادر إلى ذهني بعد قراءة خطبة سماحة المرجع
اليعقوبى (فاطمة
الزهراء: ميزان الحق)[1]،
وأثناء
كتابة تحليل للخطبة أو جملة الخطابات التي تتناول نهضة السيدة الزهراء ( عليه
السلام).
والسؤال : كيف تكتبُ عن فاطمة ؟
وماذا عسانا أن نكتبُ عن الشعائر الفاطمية؟
أي إضافة نوعية قد يكون بمقدورك أن تضيفها إلى مئات الآلاف من المؤلفات،
وملايين الصفحات عنها، وأي مسحة لون فارقة وطازجة يمكن أن تقدم، هل بمقدورنا أن
نقدم صورتها المشبعة بألوان الإسلام، وهى ((سلام الله عليها)) الإسلام المتولد من
رحمها، العلم، والحكمة، والنبوة، والولاية، وهى سلام الله عليها الطاقة الكونية
التي لا تنفد منها أسرار السر الأعظم ...
الآن ... نعترف بعجزنا جميعا، والآن يجب أن نقر بأن ما كتب عنها هو دليل
عجز عن الإحاطة؛ ولكن يجرفني إحساس دفين بأن أكتب عنها ((سلام الله عليها))، وعن
ذلك الرجل الذي شق الصفوف إلى قلب الجموع من قلب عاصمة الإمام مناصرا لحقها ومذكرا
الجموع المؤمنة، بل الدنيا بأسرها، بشمسه التي لا تغيب، وضوئها الذي لا يفقد في
الليل البهيم ...
لقد كتبت منذ البداية ، باحثا عن مسحة لونية طازجة وفارقة، في صورتها،
وربما استطيع أن أوثق هذه المسحة اللونية، أو العلامة الفارقة، بالقول، بصراحة
شديدة، وتحديد أدق، أن الزهراء لم تكن من هذا العالم (!)...
نعم ، ولو كانت (سلام الله عليها) جزء منه، ما كان لفكرها وأهدافها
ومبادئها، أن تشق طريقها بين الصخور، وفي حقول الألغام، وأن تتنفس حياة، في المحيط
والفضاء الواسع، رغم بغض الباغضين وحقد الحاقدين، وتضليل المضلين، وتزيف المزيفين،
وتعتيم المعتمين، ودس الدساسين ... لكنها الزهراء الزاهر الندية الحوراء الإنسية
...
لو كانت الزهراء واقعية لوسعها أن تجلس في دارها، تستقبل العطايا والهدايا،
وتحكى عن أبيها النبي، وتكون حلسا فى بيتها، ويكون زوجها متمتع بأعراض الدنيا
وأغراضها، وتعيش الأسرة الصغيرة على تراث النبوة، وفتوحات البلاد في هناء ورغد،
وبذلك ما كانت لتموت شهيدة مظلومة مسلوبة حقها وإرثها، ولا يحبس ويحاصر ويحارب
زوجها، ويسب على المنابر، وفى ختام الصلوات الخمس، ولا يخذل ولا يسم ولدها، ولا
تفصل الرأس الشريفة من جسد فلذة كبدها، ولا سيقت البنات والنساء والصبية من بناتها
وأحفادها، ولا صاحت زينب " وااااااه محمداااه ......
لتشهد الدنيا كلها كم فعل البغاة فيمن قال الله تعالى فيهم (قُل لَّا
أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ) الشورى 23.
ناصر الزهراء ..
أكتب عن رجل شق صفوف الناس من رحم معاناة أهل العلم، ومعاناة أهل العراق،
مصاب قلبه بولعة وفراق مُعلمهُ، الذي راح مدرجا بدمائها مع ولديه، ومهما مرت
السنين والأعوام، فإن ذكرى مقتله تظل حية في عينيه، ونار تأكل الصبر الجميل فى
قلبه، ولكن مهما بلغ من عشقه وحبه ولوعته على المُعلم الشهيد، فإن مصاب الزهراء
دونه مصائب الدنيا ....
خرج اليعقوبى ليقول:
بسم الله الرحمن الرحيم
(إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ
فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ )...
خرج اليعقوبى يعلن :
"فاطمة الزهراء: ميزان الحق "...
صدع اليعقوبى بالحق حينما أعلن أنه يشيع جنازة سيدته وسيدة العالمين،
الأولين منهم والآخرين، ويحيى ما أعجز السابقين عن القيام به، وهو الإحياء
الفاطمي، اليعقوبى يصدع بما أمر به، وقام بالأمانة التى فقهها من قول الله تعالى
(فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي
الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ
يَحْذَرُونَ) التوبة 122 .
والتشيع كان رمزيا، ورمزيا أراد اليعقوبى أن يهيئ الناس للتمهيد للغائب
المنتظر فهل فهم الناس دلالات الكلام عام بعد عام بعد عام ؟!!
[1] - فاطمة الزهراء ميزان الحق ... خطاب
سماحة المرجع اليعقوبى فى يوم الخميس 3/جمادى
الثانية/1427 المصادف 29 / 6 / 2006. اليعقوبى الموقع
الرسمي .
0 تعليقات