قراءة الاتفاق
المبدئي حول سد النهضة في ضوء الموقف التفاوضي لأطراف النزاع
رشاد حامد
يوم 15 يناير الماضي انتهت جلسة المفاوضات الاولي بين مصر و إثيوبيا و
السودان بوساطة أمريكا والبنك الدولي و صدر بيان مشترك من 6 نقاط
…
و فيما يلي خلاصة ما اتفق عليه بصياغة مختلفة عن نص البيان:
1- الملء الأول
- ملء السد يتم على مراحل
- المرحلة الأولي ستكون حتى منسوب 595 متر فوق سطح البحر
- الملء سيكون في الشهر الثاني والثالث للفيضان و قد يمتد للشهر الرابع
- المراحل التالية يتفق عليها
2- شروط الملء الأول
- الملء يأخذ في الاعتبار هيدرولوجيا النيل الأزرق
- الملء يأخذ في الاعتبار أثر الـ ملء على الخزانات في مجرى النهر (الروصيرص
و سنار و مروي و السد العالي)
- تقدم تدابير وقائية مناسبة لمصر والسودان في حال استمرار الملء في فترة
الجفاف و الجفاف الممتد
3- التشغيل الدائم
- يتفق على آلية عمل محددة
4- شروط التشغيل الدائم
- تقديم تدابير لازمة احترازية لكل من مصر والسودان في فترات الجفاف، بما
لا يؤثر على قدرة السد على توليد الكهرباء.
- سيتم إنشاء آلية تنسيق فعالة وأحكام لتسوية النزاعات.
عقب إصدار البيان أعلنت إثيوبيا أنها توافق على تدفقات سنوية مقدارها 37
مليار متر مكعب.
ولكي نقيم الاتفاق المبدئي و نعرف مدى قربه أو بعده عن الرؤية المصرية
السابق طرحها في المفاوضات، علينا العودة للوراء قليلا ، و سنجد:
1- ان مصر تشترط حد أدنى للتدفقات مقداره 40 مليار ، واقترحت السودان 35
مليار ، وكان المقترح الإثيوبي 30 مليار.
2- مصر تطلب تدفقات تحافظ على حد أدنى لـ منسوب السد العالي مقداره 165 متر فوق سطح البحر ، و
كانت إثيوبيا ترفض هذا الطلب.
3- مصر تطلب تدفقات تراعي هيدرولوجيا النيل الأزرق ، و إثيوبيا ترفض.
4- مصر تطلب ان تطلق إثيوبيا تدفقات من المياه التي تكون قد خزنتها في
سنوات سابقة في حالة الجفاف و الجفاف الممتد ، و إثيوبيا ترفض.
وقبل مفاوضات واشنطن و عقب أخر جلسة مفاوضات في أديس أبابا تصاعد الصدام
بين إثيوبيا و مصر و أصدرت الخارجية الإثيوبية بيانا تتهم فيه مصر بالتعنت و انها
تريد ملء السد في فترة تتراوح بين 12 و21 سنة، و انها تريد الاستيلاء على مياه
النيل بمفردها و انها تريد سلب إثيوبيا سيادتها علي مياهها، و ان اقتراح مراعاة
هيدرولوجيا النهر (التدفق الطبيعي حسب نص البيان) يعني ان مصر تتجاهل المنشآت التي
اقامتها إثيوبيا علي النيل الأزرق طوال ال 50 عام الماضية ... الخ
وردت الخارجية المصرية علي بيان إثيوبيا ببيان شديد اللهجة و أتهمت أثيوبيا
بالتعنت وتبنيها لمواقف مغالى فيها تكشف عن نيتها في فرض الأمر الواقع وبسط
سيطرتها على النيل الأزرق وملء وتشغيل سد النهضة دون أدنى مراعاة للمصالح المائية
لدول المصب وبالأخص مصر بوصفها دولة المصب الأخيرة، بما يخالف التزامات اثيوبيا
القانونية وفق المعاهدات والأعراف الدولية، وفي مقدمتها اتفاق إعلان المبادئ
المبرم في 23 مارس 2015، وكذلك اتفاقية ١٩٠٢ التى أبرمتها اثيوبيا بارادتها الحرة
كدولة مستقلة، واتفاقية ١٩٩٣ التى تعهدت فيها بعدم احداث ضرر لمصالح مصر المائية،
الا ان اثيوبيا تسعى للتحكم فى النيل الأزرق كما تفعل فى انهار دولية مشتركة اخرى
تتشاطر فيها مع دول شقيقة. https://www.facebook.com/MFAEgypt/posts/3486394838099104?__xts__[0]=68.ARCmJ6wAfZ3WFCzVflcml1ZC4GLsGd-j5R6iDUihopTNe4bsfLFiR6Digbshx8QXWbmNWETALF7MVu-vriOmFrFpn97eQcmByRUzHXl3W1JO9JJ5Xj1-PtEm06tFBrZ8idp15ngMaaXEoxxiptPwpr16QjujHV5ffa1AIDQ1B7eYPUVKC3twgG0UHFcbaFD2om1j8DkvcJ7U4UPY9QixVk2S_R9G4VpZgTHHNyWZxm1LWf0mbnY3WCCcI8kaClczRYZmsaK0NuCDq_WTQQivfZv716HciE2JgDmP8vq_sNb61JbpjHGFxFlouEJWBHm4hOYj_mV7SakvCpro_cMc0A&__tn__=-R
وهكذا، و بمقارنة الاتفاق المبدئي مع موقف كل من مصر و إثيوبيا قبل جلسة
المفاوضات في واشنطن سنجد أن إثيوبيا وافقت على كل ما كانت ترفضه من طلبات مصر ، و
أكثر من ذلك تطوعت بالإعلان عن موافقتها على تدفقات 37 مليار بدلا من الـ 30 مليار
التي كانت تقترحها ، وهكذا تجاوزت طلب السودان (35 مليار) و اقتربت كثيرا من طلب
مصر (40 مليار).
يبقي تفسير أن المرحلة الأولى سوف تكون إلى منسوب 595 متر وحجم المياه
المحتجزة التي تحقق هذا المنسوب و الزمن اللازم للوصول له.
بالنظر للرسم الأول المرفق نلاحظ أن منسوب 595 متر هو أقل منسوب يبدأ
عنده تشغيل السد حيث يبلغ المخزون 14.7 مليار متر مكعب ، و عند هذا المنسوب ستمر
كل المياه الداخلة لخزان سد النهضة عبر فتحات التوربينات و تخرج في اتجاه السودان
و مصر، و هنا لابد من مزيد من الشرح لنعرف لماذا.
بالنظر للرسم الثاني نلاحظ أن تدفقات النيل الأزرق في الشهرين الثاني
والثالث للفيضان مجموعها 27 مليار في المتوسط و هذا تقريبا ضعف الحجم المطلوب لـ
الوصول لمنسوب 595 ، إذن إثيوبيا سيكون مسموحا لها في المرحلة الأولي في حالة
فيضان متوسط او أكثر احتجاز نصف التدفقات الداخلة لخزان السد و إطلاق الباقي ، و
حيث ان المياه فوق منسوب 595 سيكون من الممكن مرورها عبر فتحات التوربينات لذلك
تستغلها إثيوبيا في توليد الكهرباء ، وبدون نشر حسابات معقدة يصعب نشرها هنا ، أستخدمت
القانون الأول في الديناميكا الحرارية (First law of thermodynamics) وهو قانون
حفظ الطاقة وحولت طاقة وضع المياه المحتجزة إلى طاقة كهربية ، و قسمت الناتج علي
قدرة التوربينات (350 MW) لكل توربين و ضربته في عدد التوربينات (13) فكانت النتيجة توليد
كهرباء لمدة 4 شهور و نصف قبل انخفاض المنسوب تحت 595 متر و باستمرار التوليد
من التوربينين السفليين يتواصل انخفاض المنسوب حتى يصل إلى المنسوب الميت ، في
العام التالي في حالة فيضان متوسط أيضا سيتكرر نفس السيناريو و لكن ستكون مدة
توليد الكهرباء 7 شهور للتوربينات العلوية ثم ينخفض المنسوب دون ال 595 متر بقليل ، و في العام
الثالث و أيضا في حالة الفيضان المتوسط نتجاوز منسوب 595 متر و لا تنخفض تحته و
يستمر توليد الكهرباء من التوربينات العلوية حوالي 9 شهور.
ملحوظة : الحسابات تعتمد على ورقتين بحثيتين :
https://pdfs.semanticscholar.org/…/4516b35e3dca6b2b51f293a1
…
https://www.pietrangeli.com/…/634-DESIGN-OF-GRAND-ETHIOPIAN
…
0 تعليقات