أين العراق ؟!
محمود جابر
حين قرأت حوار مسعود البارزانى يوم 21 فبراير الجاري فى الاندبندنت
البريطانية، لم يصبنى الحوار بالدهشة بقدر ما أصابني الصمت المطبق والرهيب على
تصريحاته من جانب الحكومة والأحزاب العراقية جميعا دون استثناء ومن جميع الطبقة
السياسية، صمت لم يحظى به ثوار العراق ومنتفضيه الذين خرجوا يطلبون وطن، ووقتها
عرفت، بل، أيقنت أن جميع الطبقة السياسية من الشمال الى الجنوب والغرب يقفون على
مسافة واحدة من قضية الوطن العراقى، وهم جميعا فى خندق؛ خندق غير خندق ثوار
العراق، هذا الخندق الذى جعلهم جيمعا يصبون جم لعناتهم على الثوار ويبلعون السنتهم
عما يفعله البارزانى وما يقوله، صمت ناله الفلسطينيون فى العراق، صمت على الذل
والتشريد والجوع والتعطل عن العمل والنوم فى الشارع بلا مأوى ...
والجميع صامت فى مواجهة تلك المعاناة صمت يفضح عورات الجميع بما فيهم فيلق
القدس ومن معه من فصائل الحشد ....
فالاتجار بفضية فلسطين ليس سوى اتجار، وإلا لنال الفلسطيني المقيم فى
العراق المولود فيها والذى يعيش على ترابها منذ ان عرف الحياة، لنال هذا الفلسطيني
قدر من الكرامة والإنسانية على يد هؤلاء وهم جزء من الحكومة والقوى المتنفذة فى
العراق...
هذا الصمت أو التجاهل أو العمد دعا الفلسطينيون أن يراسلوا المبعوثة الأممية
جينين بلاسخارت دون غيرها، ولا يخاطبون لا رئيس الدولة ولا رئيس الوزراء، ولا الأحزاب
السياسية، ولا المرجعية، ولا فيلق القدس، ولا حتى فصائل الحشد القريبة من الفيلق
....
كل هذا الكلام طرح فى ذهنى سؤال مفاده : أين العراق ؟!
رسائل فلسطينية كاشفة :
للعلم .. فإن فلسطينيو العراق أو اللاجئين الفلسطينيين فى العراق هم من
مواليد العراق، جميعا الآن ولدوا هناك وعاشوا هناك وما يزالون يعيشون معاناة منذ
السقوط وحتى الآن دون ان يمد أحد لهم يد العون !!
كتب أحدهم رسالة الى المبعوثة الأممية قال فيها :
سيدتي العزيزة جينين بلاسخارت نحن عينة من البشر ولدنا في العراق فوجدنا
انفسنا نحمل هوية تحميل اسم ( لاجئ فلسطيني) بعد ان رحلوا عنا الجيل الأول الذين
ولدوا في فلسطين . ووفق هذه الكلمة تحملنا ما لا يتحمله أي إنسان , فقد ذقنا مرارة
الحياة في بلد يعاني الأزمات بعد عام 2003. يسألني ابني الذي الآن أصبح بعمر
العشرين عاما : لماذا انا لاجئ ولا يحق لي التعيين في العراق ولماذا نحن
الفلسطينيون لا نستطيع العودة الى بلدنا .
هذه الأسئلة جلعتني محبط ولا اعرف ماذا أقول له عن مسيرة امتدت منذ عام 1948
الى يومنا هذا .
عزيزتي جينين بلاسخارت ..
نحن ثلاث مائة عائلة فلسطينية قد تهجرنا من منازلنا في بغداد عام 2003 بسبب
هويتنا الفلسطينية , وقد عشنا في نادي حيفا الرياضي بخيم لمدة سنتين . وبعدها قامت
مفوضية اللاجئين في العراق بإسكاننا في عمارات سكنية وهي التي كانت تتكفل لنا بدفع
بدل الإيجار بسبب سوء وضعنا , واستمر هذا الحال ووضعنا يزيد سوءا بسبب ما يمر به
العراق وأنت تعرفين هذا جيدا , في بداية عام 2020 أبلغتنا مفوضية اللاجئين في
العراق وعلى شكل وجبات عن قطع بدل الإيجار عنا . قمنا بالاعتراض على هذا القرار
المريب والذي بسببه سنعيد السكن في المخيم من جديد , وقد اتصلت شخصيا بالسفير
الفلسطيني في العراق وقد اخبرني ان مفوضية اللاجئين مصرة على قرارها , وعلى ضوء
هذا القرار ناشدت وسائل الإعلام لكوني صحفي مستقل , وعملنا وقفة احتجاجية في نادي
حيفا الرياضي الذي كان يوما من الأيام مخيما لنا ؟ .
أنا عندي ثلاث أبناء , أصغرهم في الصف الرابع الابتدائي يقول لي : بابا لا
تتعب نفسك ساترك المدرسة لتستطيع توفر لنا إيجار سكننا .
نحن نناشدك باسم الإنسانية ان تتدخلي شخصيا وان تلتقي بي مع مجموعة من
اللاجئين الفلسطينيين لنطلعك على همومنا والقرار الصادر من مفوضية اللاجئين .
نحن اليوم نعيش مع أطفالنا بقلق بالغ وأصبحنا مجردين من كافة الحقوق ومن
ضمنها " عدم رجوع اللاجئين إلى فلسطين " حسب ما جاء باتفاق صفقة القرن .
سيدتي الكريمة : نحن العينة وصل بنا الأمر ان نشكك بحالنا " هل نحن
بشر" حقا
وفي الختام : أود مقابلتك فورا لتحلي لنا قضية مهمة وهي إيقاف هذا القرار
من مفوضية اللاجئين ..
البارزانى يخرج لسانه للجميع :
وعود على بدء لحوار البارزانى مع الصحيفة البريطانية والتى تضمنت ثلاثة اثافى،
الأولى أنه قال ان كركوك محتلة احتلال عسكرى؟
ثاني الاثافى انه قضية الانفصال قضية مركزية فى عقله هو وجماعته وحزبه ولن
يتنازل عنها.
أما ثالثة الاثافى فهى العلاقة التى لا تخفى عن احد ولكن هذه المرة يقولها
بتبجح دون خشية لا من حكومة العراق ولا من أحزابها الإسلامية ولا من الدولة الجارة
التى تدعمهم وتساعدهم دائما وأبدا.
وقد تحدث البارزانى ان العلاقة مع إسرائيل أمر طبيعي فقد أصبحت واقعا ولا
يمكن لأحد أن يرميها في البحر.
وتضمن الحوار ان البارزانى جزء من صفقة القرن الصهيو أمريكية مشيرا بقوله
أن مشروع للسلام أفضل من مشروع حرب، أما طريقة تقييمها والتعاطي معها فهو شأن أهل
البيت (صاحب الدار أدرى بما فيها)، مشيرا الى ان "الحرب لن تؤدي إلى نتيجة
أبدا، فقد تمت تجربة 3 حروب 1956 و1967 و1973 إلى جانب عشرات الحروب الصغيرة
الأخرى، وكلها لم تفلح".
هذه الجرأة أو التبجح البارزانى كاشفا على حجم الاتفاقات بين الكورد
المتمثلة فى مسعود وبين دول الجوار وبين حكومة بغداد وأحزابها و يأتي هذا فى سياق التفاهم
من أجل إذلال الفلسطينيين فى العراق .
0 تعليقات