الدعاية وأثرها النفسي
علي الأصولي
أطلقت دعاية في ألمانيا حول الجيش النازي وكان مفادها الجيش الذي لا يقهر ،
وقد اختارت الماكينة الإعلامية على عاتقها ونشر القصص والحكايات والأساطير حول أسطورة
الجيش النازي وإبطال جنود هتلر في المعارك ،
حتى دخلت هذه الدعاية المرعبة إلى الكثير من البلاد الأوربية وغير الأوربية
،
ولهذه الدعاية جذر واقعي حيث كان الألمان لهم جنون بقيادة الرأيخ وتحديدا
بهتلر أشبه بالعقيدة الدينية عند السفليين تجاه السلف ، وكان لهم ثقة عالية بالماكينة
العسكرية الألمانية المتفوفة على الكثير من الدول آنذاك ، فأخذهم الغرور كل مأخذ ،
حتى قرروا أن يحاربوا العالم كله بمفردهم !
نعم كان أبرز حلفاء الألمان آنذاك النمسا والإمبراطورية العثمانية ، ولكن
القوة النمساوية لا قيمة لها والتشرذم العثماني لا يعول عليه كثيرا بنظر خصوم الألمان
،
الجيش الألماني واجه بمفرده كل من صربيا وانجلترا وفرنسا وأمريكا ورومانيا
وإيطاليا وروسيا أيضا في الحرب العالمية الأولى ،
فلم تصمد روسيا ولملمت أوراقها وانسحبت من المشهد في منتصف الحرب ، وفرنسا
لم تسعفها طاقاتها الاقتصادية بالصمود إلى أن ارتبكت أوضاعها الداخلية ،
بينما الألمان اخذوا فتح الكثير من المدن بسهولة قل نظيرها والغريب كان
أسرى الجيش النازي بالألوف المؤلفة ، حتى أن رومل أخذ شهرته في هذه الحرب إذ أنه
أسر الكثير من الجيش الفرنسي ، نعم عرف رومل بتكتيكاته الجديدة في كل مدينة يدخلها
،
وبعد أن طالت مدة النزاع بدأت ألمانيا تخسر المدن الفرنسية المحتلة مدينة
بعد أخرى ، وما أن طلب العالم السلام كانت ألمانيا من المبادرين لهذه الاتفاقية ،
لم يختلج الجيش الألماني اي شعور بالخاسرات الفادحة في صفوف مقاتليه
وتجهيزاتهم وكونهم الجيش المتفوق الذي لا يقهر ، فكانت الدعاية ماثلة أمام هؤلاء الألمان
!
بعد الهدنة شهد العالم بعض الاضطرابات الداخلية فروسيا الإمبراطورية لم
تفلت من الثورة البلشفية والنمسا والمجر حصلت تفككات مجتمعية نتيجة التنوع السكاني
، وبريطانيا تخطت شبح الثورة بأعجوبة ،
وبعد تلك التغييرات الجليوسياسية اتجهت ألمانيا لفرنسا وتم اجتياح نص
الأراضي الفرنسية ، ولم تكن فرنسا وحدها في الميدان فكانت بريطانيا الحليفة بالإسناد
،
الجيش الألماني استدعى رومل وقد أبدع في الجبهة الفرنسية واخذ من الجيش
الفرنسي الكثير الكثير من الأسرى، ونكل بالفرنسيين وأهانهم وذلهم شر ذلة ،
ولم تنهار القطاعات أمامه إلا وكانت الدعاية في المقدمة وعلى ضوء هذه
الدعاية تم أسر ( ٣٠ ) ألف جندي في معركة واحدة !
وبعد دخول الألمان لفرنسا انسحب الكثير من القطعات الانكليزية المرابطة في
الجبهة الفرنسية ، تحت تأثير الدعاية والميدان ،
وبفضل الدعاية أصبح قادة الجيش الألماني لا بدخول كبرى المعارك إلا بربع
العدد في قبال دول وجيوش متكاملة ،
إلى أن اتجهت بوصلة الرايخ إلى روسيا وكانت روسيا محمية بالجيش السادس
بقيادة فان باولوس ،
وما ان استقر الرأي على المواجهة لم يبقى يهودي في ألمانيا فهم ما بين
القتل والتشريد ، لم تسلم شعوب ك بولندا واكرانيا من الجيش المتقدم نحو روسيا
فأخذوا رجالهم اما للحرب أو للسخرة ، كانت أوضاع متسارعة وأرقام فلكية بالمجازر وإجرام
قل نظيره تاريخيا يسجل بإسم هتلر وجيشه الذي لا يقهر !
بدأ الألمان حربهم مع الروس ب ( ٣٠٠ ) ألف عسكري !
وأخذوا بفتح المدن واسر أعداد هائلة في الجبهات المشتعلة إلا أن وصلوا
لمدينة ستلينغراد ،
حاول ستالين الدفع بكل ثقله للحفاظ على هذه المدينة التي تحمل اسمه فكانت
أكبر الحروب دموية شهدتها المنطقة وقتل فيها من الجيش الأحمر ما يقترب نصف مليون
عسكري ومدني !
كانت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في موقف سعيد أثناء تلك الحرب
لوجود من يشغل هتلر عنهم بالنيابة !
وهنا اتجهوا إلى المساعدات اللوجستية لدعم روسيا استاليين لديمومة الحرب
وإبعاد الرعب وأجواء الحرب وشبحهها عنهم ولو لفترة ،
تم تزويد ستالين ( ١٥ ) ألف طيارة حربية و ( ٧ ) ألاف دبابة ومدرعة وتقريبا
( ٣٠ ) ألف مدفع مقاوم للطائرات ،
بالإضافة إلى ( ١١ ) مليار دولار ، ناهيك عن الأغذية والوجبات السريعة
للجيش ودعم سكان روسيا بالمواد الغذائية ،
لك أن تتخيل الخوف والرعب الذي سيطر على قادة تلك الدول وجعل الرايخ
كابوسها المزعج !
طلب ستالين من قادة الدول النزول معه للميدان حتى لا ينهك الجيش الروسي في
حرب لا يعرف لها من قرار ،
طلب منهم فتح الجبهة الغربية من سنة ( ٤١ ) إلى سنة ( ٤٣ ) وقادة الدول
تتملص من الوعود ،
شعر ستالين بإنه مضطر للدفع بالمزيد من الجنود لمحرقة ستالين غراد بغية عدم
تقدم الجيش الألماني ، لا بغية الحاق الهزيمة بهتلر ، فقد حاربت روسيا ( ٢٠٠ ) فرقة
عسكرية بينما أمريكا وبريطانيا أقصى حروبهم ب (١٠ ) فرق !
حدثت فعالية أمريكية بريطانية فرنسية وقامت هذه الدول بإنزال عسكري في
أفريقيا في محاولة لاقناع روسيا على أنه نحن معكم ، وفي الحقيقة هذه الدول لم تقنع
ستالين ولم تستفز هتلر بهذه الفعالية ، وعندما وجدوا أنفسهم في حرج تم إنزال آخر
وكان في ايطاليا !
وفي غفلة من المعركة تم أسر جماعات عسكرية المانية بكامل العدة والعدد بيد
ستالين وسقطت قطعات عملاقة بيد الجيش الاحمر في سابقة غير متوقعة !
وهنا تم كسر الدعاية الجيش الذي لا يقهر ، روسيا متفوقة بالإنتاج العسكري
الكمي والكيفي في بعض القطعات لم تتوقع هذه النتيجة السريعة في سوح العمليات !
بدأ الجيش الألماني بالتعب والانهماك وتعرقل خطوط الإمدادات وطولها النسبي
، وتم تطويق ستالين غراد من الجهات التي لم يغطيها جيش هتلر في المعركة ،
فكان ( ركز على السبب والنتيجة ) الاستسلام أول ما بدا على يد باولس بمعية (
٩٠ ) ألف ألماني بعد أن كرهوا هتلر ومغامراته ،
لم يسقط الجيش النازي إلا بعد سقوط دعايته وانهزام رجاله تحت أصعب المناخات
الشتوية في ستاليغراد !
0 تعليقات