آخر الأخبار

ماذا لوتفشى كورونا في العراق








 ماذا لوتفشى كورونا في العراق

هادي جلو مرعي

كانا يجلسان في أحد مولات بغداد عندما طلبت منه كمامة تضعها على وجهها خشية الإصابة بكورونا فهي كثيرة التنقل بين مؤسسات الدولة ومنزلها ودوائر عدة، لكنه ضحك، وقال : أنت تريدين إخفاء معالم وجهك خاصة أنفك الكبير! فتجهمت وقالت: أنفي ليس كبيرا، واستعانت بصديق لتسأله ، وأكد لها إن أنفها جميل ومتناسب مع وجنتيها وجبينها، وجمال عينيها المائل إلى الزرقة، ولا داع لأن تقلق، وأما الكمامة فهي خيار في النهاية طالما إن الوباء لم ينتشر بعد في العراق، وما عليها إلا أن تنتظر، ولعل الله يحدث أمرا، ونتجاوز المحنة، وحينها فلكل حادث حديث، وربما ألزمت السلطات مواطنيها بأن يضعوا الكمامات على وجوههم تجنبا للعدوى، وانتقال الفيروس بين الأفراد والمجموعات، وأشار لها: إن الأمور ماتزال طيبة، وإن التهويل سياسي وإعلامي بالدرجة الأساس، كما إن وزارة الصناعة العراقية أعلنت قدرتها على سد حاجة السوق من الكمامات الطبية.

الناس في العراق ينساقون للعبة الشائعات، ويندفعون نحو تويتر وفيسبوك وبقية مواقع التواصل الاجتماعي، وهناك نسبة كبيرة منهم تكاد تلتصق بأجهزة الهاتف والتلفزيون والراديو بحثا عن تطورات، وصار كل من يصاب بإنفلونزا، أو يعطس، أو تصيبه أعراض الحساسية يتوهم أنه أصيب بكورونا، ويحاول الاستنجاد بشخص قريب منه، وقد أكد أحد الأطباء إن شقيقه أتصل به، وهو في حال من الهلع لمجرد إصابته بزكام بسيط، ويبدو الفعل السياسي والتجاذب بين أطراف محلية ودولية قد أخذ مداه في العراق مع الانقسام الحاصل بين فئات اجتماعية وسياسية، وصار كل فريق يحاول أن يقدم دفوعاته في قضية كورونا. فهناك من يريد أن يعدها هجوما بايدولوجيا، وهناك من يعتقد أن بعض الدول يجب أن لا نتعامل معها لأنها تصدر كورونا كما يرى.

البعض يتخيل سيناريوهات مرعبة من بينها تصورات موهومة عن حال الأسواق والجامعات والمدارس والمستشفيات وسيارات الأجرة وكراجات النقل وملاعب كرة القدم والمساجد والمزارات والمولات التجارية والشوارع والكازينوهات والمقاه العامة والحدائق ومدن الألعاب والمطاعم وقاعات الأعراس والمناسبات الدينية والاحتفالات والمهرجانات والتجمعات السياسية وسواها، ويطرح تساؤلا مريرا، ويرسم في خياله صورا مرعبة بالفعل، فالمولات ستكون خاوية من مرتاديها، والمقاه فارغة، ولايسمع صدى صيحات المتبارين في لعبة الدومينو والنرد، بينما تبدو الجامعات والمدارس كأنها لم تعرف بشرا في يوم حيث تنقطع الدراسة، ويمكث التلاميذ والطلاب في بيوتهم، ولايتوجه الناس الى الحدائق ومدن الألعاب، وتشعر الأشجار التي تضربها الريح والطيور والعصافير بالوحشة، وتنطلق سيارات الأجرة وهي تكاد تكون فارغة من الركاب، بينما لايجرؤ أحد على دخول ملاعب كرة القدم، ويحاول الكثيرون الإعتذار عن حضور حفلات الأعراس والمناسبات العامة كتأبين ميت، في حين تشكو المطاعم من غياب الزبائن القسري.

إنه سيناريو الرعب، الذي لا تنفع معه كمامة وإن غلا ثمنها.

إرسال تعليق

0 تعليقات