علي أصولي
لم تكن مسألة الأحاديث المهدوية غائبة عن الذهنية الشيعية في
الجملة في زمن الإمام موسى الكاظم (ع) وأن كانت متفرقة وليست كما هي اليوم مصنفات
ومؤلفات ومؤلفين وجمع أحاديث في كتاب أو كتب معروفة، بل كانت الأحاديث في صدور
الرجال، والفكرة الموجودة ان المهدي يولد من نفس السلالة النبوية العلوية، وله
غيبة وحيرة، مع وجود أحاديث حول العلامات وما شابه ذلك،
قلت لكم سابقا وأقولها حاليا، إن كل ضيق يشعر به الفرد أو الجماعة،
اجتماعيا وماليا وسياسيا فهو للتوجه الغيبي أقرب حيث لا أمل معقود سوى أمل السماء وإفاضاتها
وانفراجها من بعد شدة، سواء كان التضييق في عصر المعصوم أم في عصر الغيبة،
نحن عرفنا أن جملة من أصحاب الإمام الصادق(ع) سألوه هل أنت القائم
؟!
السؤال ليس من باب الترف أو من باب المعلومة ونافلة القول، بل
نتيجة ضغط سياسي عام على الجماعة الشيعية،
ولذا الإمام الصادق (ع) نجده لم يوبخهم على طبيعة السؤال بل جاراهم
( على ما يعبرون باطنيا ) وقال نعم أنا القائم !!
ولكن لست بصاحبكم !!
الإمام الصادق (ع) متفهم لطبيعة ونفسية الأصحاب وهذا السؤال الغريب
حيث لا غيبة ولا هم يحزنون، وهم أيضا أصبح عندهم اطمئنان نوعي لهذا الجواب، لا اقل
نحن مع أحد أفراد ومصاديق ( على ما يعبرون منطقيا ) القائم غايته ليس هو من أشارت
إليه الروايات ودولة العدل الإلهي،
بعد أن عرفنا أن السؤال مثار حول من هو المهدي أو القائم (ع) على
ايام الإمام الصادق (ع)
إذن هناك توجه نفسي حول قبول فكرة الإمامة المهدوية بأقل ادعاء مع
إظهار بعض الفذلكات العلمية والنفسية، فيما لو حاول أحدهم داعائها، ولكن تبقى
المشكلة مستعصية وفق ضوابط ذكرها الكليني في الكافي وكيفية معرفة الحجة، أو قل
معرفة الإمام اللاحق إذا غادر الإمام السابق،
المهم كفكرة ذهنية موجودة واستعداد بقبول الأطروحة أيضا موجود
بالتالي، ولهذا استثمر كبار الواقفة موضوعة الإمام القائم وإسقاطها على الإمام
موسى الكاظم (ع) وهو استثمار ذكي خصوصا في ظل أجواء غيبة الإمام الكاظم(ع) في
السجن وهي أشبه بأجواء الغيبة الصغرى !
كانت محاججات أصحاب الوقف مع رفقاء الدرب هو في هذه الموضوعة على
وجه الخصوص، الواقفية لم ينكروا وجود الأموال بين أيديهم ولكنهم احتجوا بأن هذه
الأموال ودائع لصاحبها الشرعي وهو الإمام الكاظم (ع)
وهنا يثار أو تثار أهم الأسئلة في هذا الباب وهو كيف لكبار الأصحاب
ذهبوا للوقف مع علمهم بخط الإمامة الذي بدأ ب علي بن أبي طالب (ع) وينتهي بالإمام
المهدي (ع) وهو آخر الأئمة بهذه السلسلة !؟
قد لا تعرف البطائني جيدا، وقد لا تعرف بعض رفاق الدرب والفكرة
والمعتقد، هذا الرجل يعد من مراجع الشيعة آنذاك وكبيرهم في الملمات وله رئاسة
وسطوة على من هو دونه بالتأكيد،
عامة الشيعة آنذاك خصمهم علي بن أبي حمزة الفقيه المجتهد الذي خبر
مسالك الشيعة فقها وأصولا، فلا تظن أن هؤلاء سذج أو جهلة أو لا يحسنون صناعة الجدل
والمغالطة،
بل لهم باع علمي مرموق وللان تأخذ بأحاديثهم المروية عن الإمام
الكاظم والإمام الصادق (ع) منهم، لأننا بالتالي نشترط الوثاقة في الراوية لا
العدالة كما يعبرون ( درائيا ) وفي أبحاث علم الرجال،
ما يهم، على مستوى شيخ الطائفة يحاول جاهدا رد أحد كتهم المعنون (
نصرة الواقفة ) لمؤلف لا نعرفه إلا أن اسمه الموسوي، بل إن كتابه هذا مفقود، وكل
من جاءنا عنه فهو بالنقل عما أورده الشيخ الطوسي،
وعلى حد تعبير غالب الشابندر أن الواقفة كانوا يخوضون معركة جادة
للدفاع عن معتقدهم، وأحتمل الشابندر قوة الكتاب ( نصرة الواقفة ) على اعتبار أخذ
اهتمام شيخ الطائفة بالرد عليه،
الأحاديث التي نقلها الشيخ الطوسي، وحاول أن يردها مرة ويوجه بعضها
مرة أخرى، هي أحاديث موجودة عندنا في الجملة، حول الإمام المهدي (ع)
وعلى ما يبدو لي بأن من اقتنع بالفكرة المهدوية وأسقطها على الإمام
الكاظم (ع) فهو انخدع بطريقة نفسية صرفة، إذ أن مشكلة المقتنع ( وأتحدث عن صغار
الواقفة لا على زعمائهم ) أنهم توهموا ان تلك المفاهيم مصداقها هو موسى الكاظم (ع)
وهذه الإشكالية دائما تجدها مستحدثة في عالمنا الشيعي، ابتداء من المشكلة
الاحسائية ومرورا بالفرقة الكشفية وزعيمها السيد كاظم الرشتي، وانتهاء بالبابوية
بقيادة السيد محمد علي الشيرازي المعروف بالباب!
بل واستمرت حتى في هذه الإعصار والعرف والحركات ببابك ولا مزيد من
الإيضاح فأفهم وتدبر،
تحصن الخط الواقفي بترسانة علمائية رفيعة المستوى، وكم روائي ليس
بالقليل، وأموال طائلة تتيح لهم التحرك الواسع، مع رغبة سياسية سلطوية في إدامة وإذكاء
الصراع العقدي الشيعي الشيعي آنذاك،
مما اضطرت شخصية بمستوى وحجم ومكانة علي بن موسى (ع) الدخول على خط
الأزمة، معلنا حرب على هذه الجماعة لتحجيم ضجيجها في الوسط الشيعي،
وهذا الدخول، أضاف عنصر قوة ضاغط على هذه الجماعة التي خدمتها
الظروف السياسية والمالية والعلمية في بادئ أمرها، مما أربك وضع كبار أهل الوقف
وزعاماتهم الروحية لما يحظى به الإمام الرضا (ع) من مكانة روحية بالوسط،
هذا الحافز أعطى زخم عالي لإتباع الإمام الرضا (ع) لمواصلة كفاحهم
الفكري والعقدي مع رموز وفقهاء الواقفة،
فهذا الجليل يونس بن عبد الرحمن دخل في مناظرة مع علي بن إسماعيل
الميثمي، ولحدتها وصلوا إلى طريق مسدود، ( ولا أعرف ماذا دار بينهم بالضبط ولكن
على ما يبدو لي هناك تشنج ملحوظ حتى وصل بيونس ان يصف خصمه بقول ما انتم إلا كلاب
ممطورة ) وعلي هذا، هو من سكنة الكوفة ومن وجوه المتكلمين على ما نص ذلك النجاشي،
وهذه التسمية ( الكلاب الممطورة ) لازمت الواقفة حتى عصر النوبختي
من أعلام القرن الرابع الهجري.
0 تعليقات