آخر الأخبار

في رحاب التأويل (2)







في رحاب التأويل (2)


علي الأصولي

ذكرنا في غير هذا المقام قوله الحق سبحانه، { فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍيَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ *رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُون َأَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى وَ قَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ*ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَ قالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ *إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ *يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ } (الدخان من 10-16) .


وحاولنا التأمل في مضامين هذه الآيات الكريمة وما يمكن أن يستفاد منها بالتأمل، ولا مانع وإكمال التأمل للتعرف على المزيد من معانيها ولو في الجملة،

هناك دخان، وهو مرسل من قبل المولى عز وجل، ومهمة هذا الدخان عذابية عامة لكل الناس ( اذا كنا نحن والإطلاق اللفظي القرآني ) وطبيعة هذا العذاب كما يظهر من سياق الآيات انه ناتج من قضية تكذيب ( رسالة وصاحبها ) المبلغ .


بصرف النظر كما نوهنا هناك ودلالة { ما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } التي يمكن أن تستفاد من ( رسولا ) مطلق الحجة، سواء كان فقيه أو غيره، وهو أظهر واقرب من كون مطلق ( الحجة قرآن أو سنة ) التي لها وجود منبسط ودائمي منذ الصدور إلى يوم القيامة،


نعم: على ما يبدو لي أن الفهم الأقرب حسب الظهور والعرف والسياق هو تعنون ( رسولا ) أو ( جاءهم رسول مبين ) هو من بتلبس برسالة ( تذكيرية تبشيرية تنذيرية ) وبصرف النظر عن مصداق المتلبس ( سواء كان على مستوى مرجع للتقليد أو على مستوى يماني حسب مفاد بعض الأخبار ) ولا مانع بالجمع بين كونه يماني وكونه فقهيا مجتهدا، أو منفصلا عن العنوان الفقهي المرجعي، المهم سواء كان هذا أو ذاك أو هذا هو ذاك،


المهم في المقام ( لا نجازف بالعصمة ) للمبلغ حسب تعريفها الكلامي ومصاديقها التاريخية، المتمثلة بأئمة أهل البيت (ع) قديما أو بالإمام المهدي(ع) مستقبلا،


ولكن لا نعدو كون المبلغ لهذه الرسالة ( كما نبهنا أعلاه رسالة تذكيرية تبشيرية تنذيرية ) لا رسالة ( تشريعية ) .


لا يعدو كون المبلغ يتمتع بمقولة التسديد الناتجة من جهة تقوائية،
عموما ( وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) العذاب يأتي برتبة متأخرة عن التبليغ، ومع عدمه فلا عذاب، ومن هنا كان لنا الميل في البحث الأصولي لمقولة ( قبح العقاب بلا بيان ).


ولا نفهم من التبليغ إلا الوصول للمبلغ ومع عدم صدور أصل التبليغ أو مع صدوره وعدم وصوله فلا معنى وتعميم العقاب ومن هنا لو وجدت قبائل بدائية في المجاهل الأفريقية مثلا لم يصل لهم الإسلام أو المذهب الحق، لا معنى والتنكير عليهم ولا معنى والقول بعقوبتهم بلحاظ كونهم خارج نطاق الدين والمذهب، فهم في عذر ما لم يعلموا على أي حال،

طبعا كل ما أحاول أن ابتعد في هذه التأملات والخوض في بعض المفردات الأصولية أجدني خائض لبعض أطرافها ولربما هذا الخوض واستعراض النكت الأصولية وربطها وسياق المفاهيم القرآنية من الأهمية بمكان لأننا تعودنا في الأبحاث ( على مستوى القراءة والمطالعة والسماع ) ان الخوض في الاستدلال حول بعض المباني عقلية أكثر منها قرآنية حديثية .


وأنا أحاول جاهدا ربط الاستدلال العقلي مع النقلي ما أمكن بطبيعة الحال ومن تابع التأملات وغيرها ذات الصلة يجد ذلك بوضوح تام وما أروم إليه، وله الحمد والمنة على كل حال...





إرسال تعليق

0 تعليقات