آخر الأخبار

محاضرات أصولية - مبحث الضد (3)











محاضرات أصولية - مبحث الضد (3)


علي الأصولي



بعد أن انتهينا من مناقشة صاحب ( المعالم ) ومذهبه في طبيعة وماهية الوجوب المركب،

نشرع هنا في بحث ( الضد الخاص ) فقد ذهب جملة من الأصوليين إلى إثبات، الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده الخاص، أما بمسلك التلازم أو بمسلك المقدمية،


والأول: وهو مسلك التلازم ويراد منه ان الأمر بالشيء ( الشيء كإزالة النجاسة) يدل أو قل يقتضي بالملازمة النهي عن ضده الخاص أي ( الصلاة مثلا ) بتقريب ان وجود كل شيء يلازم عدم ضده ( الخاص) أو قل أن وجود الإزالة يلزم أو يلازم عدم أي ضد خاص له أي للإزالة، والضد كما قلت كالصلاة والنوم ونحو ذلك، فهذا الشيء الوجودي الذي هو الإزالة يستلزم طرد الأضداد الأخرى الوجودية،


ومعلوم أن المتلازمان لا يتصور فيهما الاختلاف بدلالة الملازمة ولذا فهو الاتفاق، ومن هنا قالوا من باب التمثيل، ما دام وجود الإزالة يلازم عدم الصلاة فحكم عدم الصلاة مع الإزالة هو بالحقيقة يصير واحد، والأول حكمه الوجوب أي الإزالة والثاني وهو العدم الخاص أي عدم الصلاة يصير حكمه الوجوب أيضا، وإذا وجب عدم الضد حرم وجود الضد،


بتعبير أقرب ( إذا وجب عدم الصلاة - أي عدم الضد - حرمة وجود الصلاة - أي نفس الضد ) ولذا قالوا وجوب كل شيء يقتضي النهي عن ضده العام، فإذا كانت الصلاة تركها واجب - لأنه ملازم لوجود الإزالة، فالضد العام الذي هو ترك الصلاة وهو نفس الصلاة، من باب تقابل الأضداد فأن الصلاة نقيضها عدم الصلاة وعدمها اي هذه الصلاة نقيض الصلاة، وبعد فرض وجوب عدم الصلاة حرم الضد العام وهو النقيض المسمى كما أسلفنا نفس الصلاة، ومن هنا استفاد العلماء بإثبات المطلوب ( وهو حرمة الضد الخاص )


وما ذكروه أعلاه فهو مبني على عدة مقدمات:

1-       وجود الإزالة يلازم الضد الخاص، ( كالصلاة ).

2-       الملازمة في الوجود يعني الملازمة بالاتفاق والحكم.


3-        اذا كان عدم الصلاة واجبا فالنقيض وهو نفس الصلاة يصير واجبا أيضا وهو المطلوب إثباته.

ويمكن توضيح المقدمة الثانية، بتقريب ان الإزالة اذا كانت واجبة بالملازمة فعدم الصلاة يصير واجبا أيضا،

ولا مانع بعرض صياغة للتقريب وهي عن لسان أحد أهل الفن لبيان ما ذكر أعلاه، وهي: إذا وجبت الإزالة حرم تركها من باب الأمر بالشيء يقتضي النهي عن الضدّ العام ، وترك الإزالة ملازم لفعل الصلاة ، والمتلازمان ينبغي أن يتفقا في الحكم ، وحيث إن ترك الإزالة حرامٌ فقد ثبت بذلك حرمة الملازم - وهو الصلاة وهو المطلوب،


إذن هذا تقريب بياني بعد طوي المقدمة الأولى أعلاه، كما هو واضح، غايته في المقدمة الأولى يلاحظ فيها ان وجود الإزالة يلازم عدم الضدّ الخاص ، أمّا في التقريب البياني الآخر فالملاحظ هو إنَّ وجوب الإزالة يقتضي حرمة الضد العام - يعني الترك،


وقد نقلنا في ( بحثنا المخطوط المنشور على الصفحة ) ان الشيخ النائيني ناقش المقدمة الأولى كما في ( أجود التقريرات ) إذ قال: هذا يتمّ في الضدّين اللذين لا ثالث لهما كما في الحركة والسكون ، فوجود الحركة يلازم عدم السكون ، وأما في الضدّين اللذين لهما ثالث فوجود أحد الضدّين لا يقتضي عدم الضدّ الثاني لاحتمال وجود الضدّ الثالث ( كالأكل والنوم مثلا )


وقد أثير على كلامه مناقشة مفادها، أن تمامية ما أفاده المحقق النائيني تكمن في الجانب العدمي لا في الجانب الوجودي، وما نحن فيه نلحظ الجانب الوجودي فلا يتم ما ذكره، بعبارة أخرى، ان عدم الإزالة لا يلازم وجود الصلاة وهذا صحيح لاحتمال الانشغال بالنوم مثلا، وهذا الكلام تام بالجانب العدمي، أما في الجانب الوجودي فلا معنى اذا وجدت الإزالة فجزما لا صلاة في المقام لان الإزالة تلازم عدم الصلاة، بصرف النظر عن وجود ضد ثالث ام لا،


لان المفروض هو أن وجود الإزالة يلازم عدم الصلاة ، ولم نقول عدم الإزالة يلازم وجود الصلاة، فالمكلف إذا أشتغل بالإزالة والإزالة تكون موجودة فالصلاة لا يتمكن من الإتيان بها ، فإذن اتضح أنّ المقدّمة الأولى تامّة لا كما أفاد المحقق النائيني.

إرسال تعليق

0 تعليقات