محاضرات أصولية : مبحث
الضد (2)
علي الأصولي
عرفت سابقا رأي صاحب ( المعالم ) الناص على أن الوجوب مركب من جزأين، وهذا
الرأي لا يساعده عليه أهل اللغة فضلا عن أهل العرف، فلا معنى وإيجاد مخرج لمعنى
الجزء الثاني من المركب بدل الذي هو المنع من الترك، إلى معنى عدم الرخصة في
الترك، فيكون التصوير حسب المخرج هكذا الوجوب = طلب الفعل + عدم الرخصة: وهذا معنى
المركب،
وما يقال في الوجوب يقال في الاستحباب =
طلب الفعل ( بملاك اخف ) + رخصة في الترك = المركب،
فهذه التخريجة صحتها مشروطة على مبنى أن الوجوب مدلول وضعي،
وما نحن فيه من حكم فهو عقلي، ومعلوم أن الأحكام العقلية لا معنى للتركب
فيها، هذا كله بالنظر للدلالة التضمنية،
وأما مع دلالة الالتزام، فهو إما أن النهي عن الترك يحصل بلا اختيار ( يعني
بمجرد الأمر بالصلاة ) يتحقق النهي عن تركها قهرا، وإما أن الحق تعالى يجعل المكلف
باختياره،
والفرض الأول، فاسد لمعلومية أن الحكم اختياري،
والفرض الثاني، فهو باطل وإلا للزم تعدد العقوبة ( عقوبة عدم الطاعة
وعقوبة على مخالفة النهي الثابت بالالتزام حسب الفرض)
إن قيل أننا بمجرد أن نتصور الصلاة نتصور النهي عن تركها،
طبعا إن هذا التصور هو بناء على الدلالة الالتزامية وهو من قبيل اللزوم
بالمعنى الأخص، وحيث أن اللزوم بالمعنى الأعم تحتاج إلى عناية وانتباه فلا نستبعد
اللزوم بالمعنى الأخص وتصور الموضوع سهل المؤونة،
فإنه يقال: إن هذا التصور لا برفع المحذور فلا يمكن تصور تعدد العقوبات في
الموضوع المذكور،
وعلى أي حال مقولة ( الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده العام ) نعم قد
ترى فيها طرف (أ ) وطرف (ب) ولكن ليس للشرع إلا أمر واحد وهو ( أفعل الصلاة ) وعقوبة
المخالفة واحدة أي مخالفة الأمر.
0 تعليقات