آخر الأخبار

41 عامًا على المعاهدة المصرية – الإسرائيلية ..حصاد مر















*بقلم عاطف مغاوري :




بحلول 26 مارس يكون قد مضي على توقيع اتفاقية السلام المصرية -الاسرائيلية 41عاماً لتحقيق ما وصف بالسلام .. وتطبيع العلاقات بعد انتهاء الصراع الذي شهد حروب 48، 56، 67، 1973 .. حيث الأخيرة حققت مصر خلالها انتصاراً بعد احتلال لسيناء طال إلى ستة أعوام .. لم يتوقف خلالها القتال بفصل حرب الاستنزاف وما شهده الاقتصاد المصري من توجيه وأولوية لإزالة آثار العدوان بشعار لا صوت يعلو على صوت المعركة.


ولكن التدخل الأمريكي المباشر حال دون تحقيق الانتصار الكامل مما دعا القيادة المصرية إلى طرح مبادرة لوقف القتال خلال خطاب 16 أكتوبر 1973.. ومن بعدها قبول لوقف اطلاق النار .. وإعطاء الولايات المتحدة الأمريكية الدور الرئيسي، 99% من أوراق الصراع كما وصفها الرئيس السادات، ثم فصل القوات الأول، الثاني .. وصولا إلى مباحثات جنيف .. حتى حدوث الصدمة .. التي قدمت باعتبارها مبادرة بلا ترتيب وبما يخالف ما كشف عنه النقاب فيما بعد .. أنها لم تكن محض المبادرة في خطاب الرئيس السادات أمام مجلس الشعب المصري، وبحضور أبوعمار . حيث أعلن الرئيس السادات عن استعداده للسفر إلى اسرائيل !! .


 وكانت الأجابة من الطرف الثاني حيث وجهت الدعوة .. التي تمت في 19/11/1977 .


وتم تسويق تلك الخطوة من أكبر دولة عربية من قبل أدوات الإعلام والدعاية الداعمة لها .. باعتبارها .. فانوس علاء الدين لتحقيق الرخاء وحدد عام 1980 موعداً لتحقيق ذلك الرخاء الذي لم يتحقق بعد مرور ما يقارب 41 عاماً.


واليوم وبعد مرور 41 عاماً على إبرام الاتفاقية المصرية الاسرائيلية والتي وصفت في مقدمتها بالديباجة ” اقتناعاً منهما بالضرورة الماسة لإقامة سلام عادل وشامل ودائم في الشرق الأوسط وفقاً لقراري مجلس الأمن 242 و 338 .


” إذ تؤكدان من جديد التزامهما ” بإطار السلام في الشرق الأوسط المتفق عليه في كامب ديفيد ” المؤرخ في 17/9/1978 .


” واقتناعاً منهما بأن عقد معاهدة سلام بين مصر واسرائيل يعتبر خطوة هامة في طريق السلام الشامل في المنطقة والتوصل إلى تسوية للنزاع العربي الاسرائيلي بكافة نواحيه”.


وهو ما وصف باكتساح السلام في مصر .. بفرضية مفادها أن مصر المنزوعة القوة مهمة لتحويلات القيمة والثروة إلى الغرب من افريقيا أو الوطن العربي .. ولكن تطورات الأحداث على مدى 41 عاماً . أفرزت وصول قطاعات واسعة من الطبقة العاملة إلى مستوى الكفاف المتدني . كما أن توقيع اتفاقات كامب ديفيد واعتماد اقتصاد ليبرالي، والانقلاب على الاقتصاد المخطط بدءاً من السبعينيات من القرن الماضي، فإنه وبدلا من أن تؤدي مكاسب ما بعد كامب ديفيد إلى المزيد من التطوير، وتحقيق الرخاء كما روج له، وما قدم من وعود للقطاعات الشعبية من المجتمع المصري، فقد انزلقت مصر نحو مزيد من البؤس والمعاناة، إذ إنها باتباعها سياسة نيوليبرالية، كانت تدفع ضريبة للغازي، بينما كان من الممكن لو اتبعت خط المواجهة أن تدعم طبقتها العاملة، وبالتالي أمنها الوطني، لقد كان اضعاف مصر ممنهجاً وإدخالها في مدار الامبريالية التي تقودها الولايات المتحدة جزءاً من تحقيق الامبريالية أهدافها الأوسع في افريقيا والشرق الأوسط، أما ترتيبات تثبيت الاستقرار الاقتصادي، كما تقتضيها المساعدة الأمريكية، فهي ثانوية في معيار الهيمنة الامبريالية الامريكية الأوسع نطاقا نظرا إلى الثقل العالم الثالثي لمصر، وبذلك تحول شعار ” اكتساح السلام في مصر” إلى ” الدمار الذي خلقه السلام في مصر”.


الاتفاقية والسيادة المصرية في سيناء !


مما لاشك .. لقد استعادت مصر شبه جزيرة سيناء حتى الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب البريطاني، مع الوضع في الاعتبار .. أن هناك قطاعا من سيناء والملاصق لمجري قناة السويس تواجدت فيه مصر بالانجاز العسكري انتصار اكتوبر 1973 .. الذي أصاب الغطرسة الاسرائيلية والآلة العسكرية بصدمة .. أزالت وللأبد وهم القوة التي لا تقهر .. حيث كانت تتواجد وحدات عسكرية، والتي تم تنظيمها وفقا للاتفاقية المصرية الاسرائيلية المؤممة في سبتمبر 1975، والمشار إليها فيما بعد باتفاقية عام 1975 .. فض الاشتباك الأولى / الثاني .


فإن ما نصت عليه الاتفاقية في البروتوكول الخاص بالانسحاب الإسرائيلي وترتيبات الأمن .. والذي تناول فيه أسس الانسحاب في مادته الأولى، وتحديد الخطوط النهائية والمناطق في المادة الثانية، ونظام الطيران العسكري في المادة الثالثة، والنظام البحري العسكري في المادة الرابعة، ثم نظام الإنذار المبكر في المادة الخامسة، أما المادة السادسة اختصت بعمليات الأمم المتحدة، والمادة السابعة نظام الاتصال، حتى احترام النصب التذكاري لمجرمي الحرب الاسرائيليين الذين ارتكبوا مذابح في حق الاسري !! وفي الختام من البروتوكول المادة التاسعة حيث يُنظم المرفق لهذا الملحق والخريطتان رقم 2، 3 انسحاب القوات المسلحة الاسرائيلية والمدنيين إلى ما وراء خط الانسحاب المرحلي، وكذا حركة قوات الطرفين والامم المتحدة حتى الانسحاب النهائي .


لكن وبقراءة لمحتوى البروتوكول وبخاصة الترتيبات الأمنية وتحديد الخطوط النهائية والمناطق، وأثر ذلك على خلق الفراغ الأمني الذي أوجدته الاتفاقية في عموم سيناء، مما خلق البيئة الخصبة، الحاضنة لكافة الأنشطة، والتشكيلات الخارجة عن القانون، والمعادية للدولة المصرية ومؤسساتها .. وفي القلب منها القوات المسلحة، وقوات الأمن، حيث نصت المادة الثانية على تحديد الخطوط النهائية على النحو التالي :


أ. المنطقة ” أ” وهي المنطقة التي يحدها من الشرق الخط (أ) ومن الغرب قناة السويس والساحل الشرقي لخليج السويس حيث تم تحديد القوات العسكرية المصرية المسموح لها بالتواجد في هذه المنطقة ” فرقة مشاة ميكانيكة واحدة ومنشآتها العسكرية وكذا تحصيناتها الميدانية، وحددت المادة مكونات وعناصر هذه الفرقة “3 ألوية مشاة ميكانية ـ لواء مدرع واحد ـ 7 كتائب مدفعية ميدانية تتضمن حتى 126 قطعة مدنية أرض / جو، وحتى 126 مدفع مضاد للطائرات عيار 37 مم فأكثر ـ حتى 230 دبابة ـ حتى 480 مركبة أفراد مدرعة من كافة الأنواع .. إجمالي حتى 22 ألف فرد .


ب. المنطقة (ب) يحدها من الشرق الخط (ب) ومن الغرب الخط (أ) ـ وهي تشمل معظم منطقة وسط سيناء وتوفر الأمن في هذه المنطقة وحدات حدود مصرية من أربع كتائب مجهزة بأسلحة خفيفة وبمركبات عجل، تعاون الشرطة المدنية في المحافظة على النظام في المنطقة، وتتكون العناصر الرئيسية لكتائب الحدود الأربع من إجمالي حتى 4000 فرد .


ج . المنطقة ج : يحدها من الغرب الخط (ب) ومن الشرق الحدود الدولية مع فلسطين تحت الانتداب البريطاني في خليج العقبة، وتتمركز في المنطقة”ج” قوات الأمم المتحدة والشرطة المدنية المصرية فقط، وتتولى الشرطة المدنية المصرية المسلحة بأسلحة خفيفة أداء المهام العادية للشرطة داخل هذه المنطقة، وتوزع قوات الأمم المتحدة داخل المنطقة “ج” وتؤدي وظائفها المحددة في المادة السادسة من هذا الملحق، والتي تتعلق بنظام الاتصال، وتتشاور الأمم المتحدة مع مصر لتحديد مواقع تمركز قواتها في المنطقة ” ج” والتي تقع في نطاق 20كم تقريبا من البحر المتوسط وتتاخم الحدود الدولية لفلسطين تحت الانتداب البريطاني وحتى منطقة شرم الشيخ .


د. المنطقة (د) يحدها من الشرق الخط (د) ومن الغرب الحدود الدولية .. ” تقع داخل فلسطين المحتلة” وتتواجد في هذه المنطقة قوة اسرائيلية محدودة من أربع كتائب مشاة ومنشآتها العسكرية وتحصينات ميدانية ومراقبو الامم المتحدة، وتتضمن العناصر الرئيسية لكتائب المشاة الاسرائيليين الأربع حتى 180 مركبة أفراد مدرعة من كافة الأنواع وإجمالي حتى 4000 فرد .




والمادة الثالثة والخاصة بنظام الطيران العسكري :


يسمح بطلعات طائرات القتال وطلعات الاستطلاع لمصر فقط فوق المنطقة “أ” ويمنع عليها على باقي أجواء سيناء التي تشمل المنطقتين “ب) و”ج” ويمنع على اسرائيل فقط في أجواء المنطقة “د” التي تصل إلى عمق 20كم فقط .


ومن حيث التمركز ” يسمح بتمركز الطائرات غير المسلحة وغير المقاتلة لمصر واسرائيل في المنطقتين “أ” و” د” فقط كل في منطقته .


يسمح بإقلاع وهبوط طائرات النقل غير المسلحة المصرية فقط في منطقة “ب” وسط سيناء، ويمكن الاحتفاظ في المنطقة ” ب” بعدد “8” طائرات الخاصة بالنقل غير مسلحة، ويسمح باستخدام طائرات هليكوبتر غير مسلحة لوحدات الحدود المصرية في المنطقة “ب” ويمكن تجهيز الشرطة المدنية المصرية بطائرات هليكوبتر غير مسلحة لأداء وظائف الشرطة العادية في المنطقة “ج”


ويأتي الشرط القاطع بصيغة ” دون المساس بأحكام هذه المعاهدة، يقتصر النشاط الجوي العسكري في المناطق المختلفة وفي المجال الجوي الواقع فوق مياهها الإقليمية على ما هو مقرر على وجه التحديد في هذا الملحق .


وأيضا في مجال النظام البحري العسكري .. تم حرمان مصر من دخول قطعها البحرية والتمركز في مياهها الإقليمية على اتساع الساحل الشمالي لسيناء بالبحر الأبيض، والساحل الجنوبي على خليج العقبة، حيث سمح لكل من اسرائيل، ومصر بالتمركز والعمل على سواحل المنطقتين (د)، (أ) كل في منطقته .


يمكن لزوارق حرس السواحل المصرية خفيفة التسلح أن تتمركز وتعمل في المدن الاقليمية للمنطقة “ب” لمعاونة وحدات الحدود تؤدي الشرطة المدنية المصرية والمجهزة بزوارق خفيفة مسلحة، تسليحاً خفيفاً وظائف الشرطة العادية داخل المدن الاقليمية للمنطقة “ج”.


وأيضا تنتهي المادة بشرط قاطع .. باقتصار النشاط العسكري البحري في المناطق المختلفة وفي مياهها الاقليمية، على ما هو مقرر على وجه التحديد في هذا الملحق .


هذا ما يتعلق بالترتيبات الأمنية .. بما يؤكد أن سيناء عادت بالكامل منزوعة السيادة، مما جعلها مطمعاً لكل من تسول له نفسه النيل من أمن واستقرار مصر .. طوال السنوات منذ عام 1982 وحتى ما بعد 30 يونيو 2013 .. عندما انتفضت مصر واستيقظت على خطر الارهاب، ومحاولات رفع الراية السوداء على العريش .. لإعلان ما يسمى بولاية سيناء الإسلامية، والتي رددتها وسائل الاعلام المغرضة لتجعل منها حقيقة، ولتجعل من سيناء أرضا متنازع عليها من حيث السيادة، ولكن بسالة الجيش المصري والأجهزة الأمنية أفشلت هذا المخطط، الي لم يحدث من قبل عبر التاريخ المصري بمراحله المختلفة أن أدعى .. أحد من أبنائه الانفصال عن باقي أرض الوطن الذي ورثناه عبر آلاف السنين .


السلام المزعوم والطبيعة العدوانية لدولة اسرائيل


أن الحديث عن السلام، واستعداد اسرائيل للسلام إدعاءات زائفة، خادعة، تخفي وراءها الطبيعة العدوانية العنصرية للكيان الصهيوني .. منذ اللحظات الأولى الممهدة لقيام الكيان، وبعد إنشائه، وعلى مدى تاريخه منذ 1948، ولكن الحديث ما بعد السلام والذي امتد حتى الآن أكثر من 43 عاماً من إجمالي سنوات الصراع البالغة 72 عاما .


حيث ورد في مقدمة إطار السلام في الشرق الأوسط .. والذي خرج إلى العلن بعد مباحثات كامب ديفيد التي استمرت من 5 إلى 17 سبتمبر 1978، وخرج باعتباره دعوة الموقعين ” السادات / بيجين / كارتر ” لأطراف النزاع العربي / الاسرائيلي الأخرى إلى الانضمام إليه، وفي الديباجة .. أن البحث عن السلام في الشرق الأوسط يجب أن يسترشد بالآتي :


” ان القاعدة المتفق عليها للتسوية السلمية للنزاع بين اسرائيل وجيرانها هي قرار مجلس الأمن 242 ” بكل أجزائه والقرار 338 .


وما اشتملت عليه اتفاقية السلام المصرية / الاسرائيلية من إجراءات للوصول إلى ما يوصف بالوضع الطبيعي بين الدول القائمة على الخريطة والتي نشب بينها نزاع يتم حلها، وعودة الأمور إلى طبيعتها .


أما في الحالة الاسرائيلية / العربية .. بكل أطرافها .. فأن الصراع كانت بدايته، باغتصاب فلسطين، وتشريد شعبها . وتمدد الدولة الاسرائيلية منذ 1948 لتشمل كل فلسطين، وأجزاء من الدول العربية المجاورة، بالإضافة إلى ممارسة اسرائيل طبيعتها العدوانية حتى بعد أن تم الترويج لما يسمى بالسلام والمتمثلة في الاعتداءات المتكررة على لبنان للنيل من أمنه واستقراره أواخر السبعينيات، والعدوان الواسع 1982 وحصارها لبيروت ” أول عاصمة عربية تحاصر أثناء الصراع ” وقصف مفاعل تموز بالعراق 1981، وفي أعقاب لقاء بين بيجين والسادات .. واستمرار اعتداءاتها على لبنان، ولم يكن أخرها عدوان صيف 2006 بالإضافة إلى امتداد يد العدوان الصهيونية إلى تونس لقصف مقر منظمة التحرير، واغتيال قيادتها واستمرار اعتداءاتها على قطاع غزة .. بعد إعادة الانتشار التي قامت بها قوات الاحتلال 2004، واعتقد البعض أنها انسحابا .. ورغم توقيع اتفاق وادي عربة ومن قبله أوسلو .. أين هذان الاتفاقيتان من إطار السلام في كامب ديفيد 19778، وأين الالتزام الاسرائيلي باتفاق أوسلو من حصار أبو عمار واجتياح الضفة، والنكوص عن الالتزامات التي اقرتها اتفاقيات أوسلو وعدم الالتفات لما سمى بالمبادرة العربية التي تم الاعلان عنها 2002 في القمة العربية ببيروت .


وفي آخر المطاف .. تخرج علينا الإدارة الأمريكية بقيادة ترامب بقرارات تسقط أي رهان على دور الولايات المتحدة الأمريكية الضامنة والموقعة على إطار السلام في 1978، واتفاقية السلام المصرية الاسرائيلية 1979، واتفاق أوسلو 1993، ووادي عربة 1994 .


حيث أعلنت الإدارة الأمريكية اعترافها بالقدس موحدة عاصمة لاسرائيل، ونقل سفارتها إليها والاعتراف بالسيادة الاسرائيلية على الجولان العربية المحتلة، وينتهي بها إلى إعلان ما سمى بصفقة القرن ومصادرة حق العودة، واسقاط حل الدولتين، بل وإسقاط أي حقوق للشعب الفلسطيني وبذلك تصفية القضية الفلسطينية وفقا للرؤية والاستراتيجية الصهيونية، فهل يمكن تحقيق سلام دون معالجة، عادلة مع اساس الصراع، وهو حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة، والتي لا يمكن الانتقاص منها .






إرسال تعليق

2 تعليقات