آخر الأخبار

السيد الشهيد الصدر والتخطيط للقياده من بعده (5)







السيد الشهيد الصدر والتخطيط للقياده من بعده (5)


علي الشديدي


المبحث الثاني/ شروط القيادة عند السيد الشهيد (2)


الدليل الثاني على شرط الاجتهاد في القيادة ما ذكرناه في المبحث الأول قوله قدس الله سره: (المجتهد يختلف عن غيره بأمرين أو بأكثر من أمرين، فتواه تكون حُجة وقضاؤه يكون حُجة وولايته تكون حُجة، ... في حين غيره لا يكون كذلك بطبيعة الحال لا فتواه حجة ولا قضاؤه حجة ولا ولايته حجة، والبشرية طبعاً من قبيل القول قاصرة ومقصرة بطبيعة الحال، الذنوب فيها والعيوب والخلافات وأشياء كثيرة تحتاج إلى تعديل والى تقويم والى عدل، تعديل بمعنى إقامة العدل فيها وهذا لا يكون إلا بفتوى حقيقية وقضاء حقيقي وولاية حقيقية وهذا لا يكون إلا بالاجتهاد أول درجاته الاجتهاد، أما انه تستطيع أن تعمل شيئاً من ذلك بدون اجتهاد فهذا دونه خرط القتاد ولا يمكن أصلاً، إنما يتبوأ مقعده من النار إذا فعل ذلك، وليس بحجة ولا تجب إطاعته حتى لو كان أفضل فضلاء الحوزة ما لم يحصل على درجة الاجتهاد). (1)


حيث يحذر السيد الشهيد بشدة من تصدي أو إتّباع شخص ليس بمجتهد حتى لو كان أفضل فضلاء الحوزة العلمية ما لم يكن مجتهداً، بل أكثر من ذلك فهو يتبوأ مقعده من النار، فلا شرعية للقيادة غير المجتهدة كونها ليس لها أي حجة على الآخر ولا تجب طاعتها، أما محاولة البعض في إيجاد مبررات وأعذار يستند إليها في إثبات شرعية قيادته من قبيل أن الشعب هو الذي اختار، أو كثرة الأتباع أو أي مبرر آخر فهذا لا قيمة له ولا يثبت شرعية تلك القيادة، لأن الحق لا يعرف بالرجال كما يقول أمير المؤمنين عليه السلام، والسبب ذكره السيد الشهيد بكون المجتمع قاصر ومقصر نتيجة الذنوب والعيوب، ففاقد الشيء لا يعطيه فلا يعول على اختيار الجماهير وكثرتهم (وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ) (2)، وقوله تعالى (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) (3).

وما ذكره السيد الشهيد أعلاه يوافق ما قاله أستاذه الشهيد محمد باقر الصدر بقوله: (ومن هنا ثبت أن لا يكون صاحب راية من أجل إحقاق الحق وإبطال الباطل من خلال هدى الله تعالى إلاّ شهيد، نبي أو إمام أو مرجع ديني، وما سوى ذلك فتابع بإحسان وجندي في الثورة بدرجة من درجات الجندية وبهذا تكون القيادة الشرعية في الأمة هي قيادة هؤلاء الشهداء فقط، ودونهم من الناس مقودون تابعون لهم ويسيرون تحت رايتهم، وأية راية وقيادة غير صادرة من الشهداء أو من يعتمدهم الشهداء فهي قيادة ضلال وأتّباعها ضلال). (4)



ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محمد الصدر. مواعظ ولقاءات. هيئة تراث السيد الشهيد الصدر، دار ومكتبة البصائر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلام، لبنان- بيروت، 2013، ص378- 379.
(2) سورة المؤمنون، الآية (70).
(3) سورة الأنعام، الآية (116).
(4) محمد باقر الصدر. المجتمع الفرعوني. ط 1، مكتبة دار المجتبى، العراق – النجف الاشرف، 1424هـ، ص226.

إرسال تعليق

0 تعليقات