آخر الأخبار

السيد الشهيد الصدر والتخطيط للقياده من بعده (6)






السيد الشهيد الصدر والتخطيط للقياده من بعده (6)


علي الشديدي


المبحث الثاني/ شروط القيادة عند السيد الشهيد (3)

الدليل لثالث: قوله قدس الله روحه الطاهرة: (عرفنا ونعرف ما للاجتهاد من نتائج، أو قل هو ضروري أو أكثر من ضروري للمجتمع، نتائج عامة وخاصة، والمجتمع بدون مجتهدين، أو قل البشرية بدون مجتهدين لا شيء ملحقة بالعدم وتكون ضالة مضلة – وان كان مو لطيف تساوي (كحف) أو تساوي حذاء عتيق- إنما شأنها في الحقيقة بالمجتهدين، وكلما كثر المجتهدون وكثر المفكرون يكون شأنها أعظم وليس بمجتهد واحد، صح مسألة الاعلم على جهة، لكنه تعدد المجتهدين حتى لو كانوا ألفاً حتى لو كانوا عشرة آلاف حتى لو كانت كل الحوزة مجتهدة، كل أفرادها مجتهدين، هذا من لطف الله سبحانه وتعالى على المذهب وعلى الدين وعلى الانسانية بطبيعة الحال). (1)

أقول يشتد تأكيد السيد الشهيد على أهمية وشرط الاجتهاد فيمن يقود المجتمع بحيث يصفه – أي الاجتهاد - بأنه (أكثر من ضروري) وكل قيادة تتولى مجتمع أو فئة أو جهة دون اجتهاد تعتبر من وجهة نظر السيد لا شيء وبمنزلة العدم وتكون ضالة مضلة ولا تساوي حذاء عتيق، على العكس من الجهة التي تتمسك وتتبع مجتهد فيكون شأنها أعظم وعندهم الحجة الشرعية بينهم وبين الله.

الدليل الرابع: يستمر السيد الشهيد بحديثه عن القيادة غير المجتهدة وما يترتب عليه من نتائج مؤسفة وفاسدة بقوله: (ليس لها معنى أصلاً، إما بجد وجد كثير في الحقيقة وليس قليلاً، لأنه يحتاج الى أن لا يقول في دين الله بغير علم أو يقضي بدون علم والعياذ بالله، لأنه حتى لو غضضنا النظر عن عقاب الاخرة، فإنه يكون مفسداً في الدنيا وغير عادل وظالماً في الدنيا، صح هو يتخيل أنه ممن يحسنون صنعاً إلاّ أنه ليس ممن يحسنون صنعاً ... فإذن هو التصرف الفردي والاجتماعي بدون اجتهاد شر في الدنيا كما هو شر في الآخرة أو هو شر في الدنيا قبل أن يكون شراً في الآخرة ... والحوزة الشريفة إنما هذا هو شغلها وهو أنها تنيل المجتمع أقصى ما تستطيع من العدل والإحسان والرحمة، وذلك لا يكون إلاّ بالاجتهاد، والاجتهاد لا يكون إلاّ بمقدماته، المهم على ان هذه المقدمات وبما فيها هذه المقدمة التي هي الاجتهاد يحتاج الى تضحية وهي لابد منها). (2)

فالتصرف الذي يقصده السيد الشهيد هو من يتحكم بمجتمع أو فئة منه ويأمرهم بأعمال معينة وتصدى لقيادتهم بما في هذه القيادة من أقوال وأفعال دون اجتهاد، فالسيد يعتبر هذا التصدي شر في الدنيا والآخرة، لأن غير المجتهد نتيجته أن يقول في دين الله بهواه وحسب مزاجه ومصلحته الدنيوية ويقضي بغير ما أنزل الله بحيث يصفه السيد بأنه (مُفسد، غير عادل، ظالم) فالقيادة التي بدون اجتهاد ليس لها معنى أصلا وان القيادة الشرعية الحقيقية من اختصاص الحوزة الشريفة ويعتبر التصرفات الاجتماعية المقصودة هي من ضمن صلاحيات الفقيه حصراً، وبالتحديد الصلاحية الخامسة كما ذكرها في مبحث ولاية الفقيه بقوله: (التصرف الاجتماعي في الموارد غير المنصوصة على وجه الخصوص، طبقاً للمصالح العامة كجباية الضرائب الإضافية أو مصادرة أموال معينة أو إلزام شخص أو جماعة بالقيام بعمل معين أو أعمال خاصة، ونحو ذلك من التصرفات، عند اقتضاء المصلحة العامة للسلام أو المسلمين إياها). (3)



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محمد الصدر. مواعظ ولقاءات. هيئة تراث السيد الشهيد الصدر، دار ومكتبة البصائر للطباعة والنشر والتوزيع والاعلام، لبنان- بيروت، 2013، ص378.

(2) محمد الصدر، المصدر نفسه، ص379- 380.

(3) محمد الصدر. مبحث ولاية الفقيه. تحقيق مؤسسة المنتظر لإحياء تراث آل الصدر، ط 1، مؤسسة مدين للطباعة والنشر، 2013، ص96.

إرسال تعليق

1 تعليقات