أحمد مبلغي⇭
[ نتابع البحث المقدم
حول إثبات قاعدة تقديم مراعاة الأبدان على الأديان]
هناك طريقتان لإثبات
قاعدة مّا، أولاً، سأشرح هاتين الطريقتين، ثم سأشرح كيف يمكننا استخدام هاتين
الطريقتين لإثبات قاعدة تقديم مراعاة الأبدان على الأديان.
طريقتان لتأسيس
القاعدة:
الطريقة الأولى: النص:
وهذه فيما إذا كانت
هناك آية أو رواية تدل على القاعدة.
لا شك في حجية مثل
هذه القاعدة التي تدل عليها آية أو رواية. بالطبع يمكننا تقديم محتوى ذلك النص (أي:
عرض القاعدة) بشكلين: أ - بنفس الصياغة التي تعطيها الآية أو الرواية، ب - بالصياغة
التي نحن نصنعها، ولكن هذه الصياغة مشروطة صحتها بأن تكون مبنية على محتوى النص،
وكانت وفية لذلك المحتوى.
وملحق بهذه الطريقة،
ما إذا اقتضت قواعد مأخوذة من النصوص، ثبوت قاعدة مّا، لها أدبياتها وفاعليتها.
الطريقة الثانية: الاستقراء:
قد يناقش ويجادل في
اعتبار الاستقراء كطريقة للوصول الى تأصيل القاعدة، وهذا البحث ما لا أريد الدخول
فيه الآن، ولكن يمكننا القول إن لدينا نوعين من الاستقراء:
النوع الأول: ما إذا نرى موارد تحتوي جميعها على حكم واحد.
يمكن أن يسمى هذا بالاستقراء العادي، وقد يكون هذا النوع، نقطة خلاف ونقاش.
النوع الثاني: ما إذا نرى أن الموارد ذات الحكم الواحد،
تكون كثيرة ومتراكمة ومنتشرة هنا وهناك، بحيث يبدو منها أن الشارع، قد أسس حركة
تشريعية خاصة حول موضوع هذه الموارد، وأنه أراد أن تكون لهذه الحركة، التغطية
الحكمية لأشباه تلك الموارد.
هذا أمر مؤكد، خاصة
إذا بلغ هذا الاتجاه التشريعي حدا يمكن وصفه بـأنه "سيرة تشريعية للشارع''،
فلا مجال حينئذ لأن يشك الفقيه في اعتبار مثل هذا الاستقراء، وحجية القاعدة
المصطادة على اساس هذا الاستقراء.
إشكال وجواب:
لا ينبغي الإشكال بأن
هذه الحركة التشريعية وإن تمكنت من تغطية موارد كثيرة وغالبة، إلا أنها توجد (واقعا
أو أحيانا) إلى جانبها موارد نادرة تمتلك حكما يخالف حكم ذلك الغالب، وعليه فكيف
صح إلحاق الموارد المشكوكة بالغالب مع احتمال لحوقها بالنادر؟ مع أن تأسيس القاعدة
على أساس حكم الغالب لا تقوم إلا إذا صح إلحاق المشكوك بالغالب؟
الجواب: أن غلبة الموارد المتحدة في الحكم (الغلبة
العددية) على الموارد غير المتحدة معها (أي: النادرة)، تورث هذه الغلبة، الظن فينا
بلحوق الموارد المشكوكة بالموارد المتحدة (الغالب) ولا بالنادر. وهذا الاطمئنان
باللحوق كافٍ للتحقق من صحة القاعدة التي تتولى مهمة هذا الإلحاق.
ولقد أجاد المحقق
الاصفهاني عندما قال:
"مجرد تردد
المشكوك في اللحوق بالغالب أو النادر كاف في الظن باللحوق بالغالب، لتقوي المردد
وترجحه بالغالب فيظن بأنه كالغالب لا كالنادر". (حاشة المكاسب، ٥ : ٣٦).
للبحث تتمة
----------
⇭مرجع دينى إيرانى
0 تعليقات