صلاة الاستحرار
هادي جل مرعي
في عقول الناس الخائفين من كورونا: إن الفيروس المتوحش، والذي يشبه في
سلوكه سلوك كاسبر الذي يستطيع المرور من خلال الجدران، والأماكن المحصنة يفضل
البيئات الباردة، ويحب تناول لحوم كبار السن من البشر، إضافة الى النساء، وليس كل
النساء،ويبتعد عن الأطفال والأصحاء، والذين لديهم مناعة قوية في مواجهة الفيروسات،
والأجسام الغريبة التي تشكل تحديا للجسم، وكذلك الأغنياء والموسورين الذين يتنقلون
من مكان الى آخر، ويحبذون السفر الى وجهات مختلفة طلبا للمتعة والراحة والإستجمام،
ولكنهم يتجاهلون إنهم عرضة للعدوى من آخرين يخالطونهم، ومن ثم يعودون الى بلدانهم
الأصلية فينقلون الفيروس معهم الى مجتمعاتهم الخاصة.
في الثقافة الدينية الإسلامية، وفي مناطق يضربها الجفاف، ويعيش الناس على
أمل سقوط الأمطار ليسقوا زروعهم ومواشيهم وأسرهم، وعندما يتأخر نزول الغيث يخرجون
عادة بطلب من الخليفة، أوالحاكم الى الأماكن المفتوحة ليؤدوا الصلاة تحت عنوان (صلاة
الاستسقاء) ويقدمون لإمامتهم كبار العلماء والأتقياء والصالحين ممن يتوقعون منهم
الصلاح، ويأملون الاستجابة من الرب، فينزل المطر، وقد جرت حوادث الدنيا بذلك،
ورويت الحكايات عن تحقق الآمال، وضربت الأمثال في ذلك عن شخصيات بعينها كانت
معروفة بأن لها دعاءا لايرد، وقد خلدت قصائد رفيعة تشير الى ذلك كما في قول الشاعر:
وأبيض يستسقى
الغـمام بوجهـه ثـمال اليتـامى عصـمـة لـلأرامـل
يلـوذ به الهـلاك من
آل هـاشـم فـهـم عـنـده في نـعـمـة وفواضل
كـذبتم وبيت الله
يـردى محمـد ولمـا نـقـاتـل دونـــه ونـنـاضـل
ونسلمه حتى نـصـرع
حـولــه ونـذهــل عـن أبـنـائـنا والحلائل
الفقه الديني مثل الدستور العراقي عند الساسة، فالبعض من رجال الدين يعمد
الى توظيف الأحكام والفتاوي على الطريقة التي تناسب الوضع الراهن، وربما كان ذلك
ممكنا بالفعل ليتناسب مع حاجات الناس، وتطور المجتمعات، وحاجة المؤمنين الى
تشريعات تتناسب، ومتطلبات حياتهم، ومايواجههم من مستجدات. ومثلما أن هناك صلاة
لطلب الاستسقاء ونزول المطر، وصلاة الاستخارة، وصلاة الحاجة، وصلاة الخوف، وصلاة
ليلة الدفن، والصلاة الواجبة، والصلاة المستحبة، وصلاة النافلة، وسواها من صلوات. فلابأس
أن نجد البعض يدعو الى صلاة (الاستحرار) في حال ثبت إن فيروس كورونا لايقاوم درجات
الحرارة المرتفعة، وثبوت حاجة المجتمع لمثل هذه الصلاة والأدعية الملحقة بها، وهو
أمر لايستدعي السخرية، ولا التهكم.
فالخوف من المجهول والرعب من
القادم من الحوادث مدعاة لتغيير في المنهج والسلوك والتفكير لايعلم مآلاته إلا
الله.
0 تعليقات