علي الأصولي
ويمكن أن يستدل على المدعى، برواية محمد بن أبي عمير، عن بعض
رجاله، عن الإمام الصادق (ع) في رجل يموت وعليه صلاة أو صوم؟ قال: يقضيه، أولى
الناس به، وفيه: أن هذه الرواية مرسلة لا تصح للاحتجاج، ومع التنزل عن الإرسال،
يمكن أن يقال أن لفظ ( يقضيه ) غاية ما تدل المشروعية لا الوجوب، وبينهما فرق كما
تلاحظ، وبعد أن عرفت غاية ما يمكن الاستدلال به على مدعى الوجوب، على الغير ( ولي
الميت ) يمكن دفعه بآية ( ليس للإنسان إلا ما سعى ) اي ليس له من أعمال الأحياء
إلا ما عمل لنفسه، ان قلت: أن هذا ينافي وما ورد ( إذا مات المؤمن انقطع عمله إلا
من ثلاث ) والكثير من أعمال الأحياء واهدائها لامواتهم، قلت: الكلام تام وهو لا
يلحظ الجهة والحصة الاستحبابية، التي يكون لحاظها أصل المشروعية لا الوجوب،
والكلام في الثاني لا الأول.
الخلط الذي أوقع الفقهاء المتأخرين بهذا الارتباك، حتى عدت المسألة
من الإجماع وضرورات الفقه، تتبعه أحد أساتذة الحوزة القمية وقال بما حاصله: أن
المحقق الحلي، في ( مبحث الصلاة ) لم يذكر قضاء الميت أصلا، نعم في باب الصوم قال:
يجب على الولي أن يقضي ما فات من الميت ( والكلام في الصوم كما تلاحظ ) من صيام
واجب رمضان أو غيره، ولا يقضي الولي إلا ما تمكن الميت من قضاءه وإهماله، إلا ما
يفوت بالسفر يقضى ولو مات مسافرا على رواية، انتهى: الشهيد الأول صاحب ( اللمعة )
الذي هو من إربك الموقف، قال في ( بحث الصلاة ) ويجب على الولي قضاء ما فات أباه
في مرضه، وقيل مطلقا وهو أحوط، موضع الإرباك والخلط: أن الشهيد الأول في ( اللمعة
) ذكر في مبحث الصلاة، ما ذكره المحقق الحلي في بحث الصيام !!
ولم ينتبه لا هو ولا من جاء بعده! ولذا تجد شارح ( اللمعة) وقع في
نفس المطب الذي وقع فيه الشهيد الأول، إذ قال بعد كلمة الشهيد الأول بلفظ ( وهو أحوط
) وفي ( الدورس) قطع بقضاء مطلق ما فاته وفي ( الذكرى ) نقل عن المحقق الحلي، (
لاحظ ) وجوب قضاء ما فاته لعذر كالمرض والسفر والحيض ، ، ، ووجه الغفلة والخلط: أن
كلام المحقق الحلي في باب الصوم، والجماعة خلطوا باب الصلاة بباب الصوم، وإلا لا
اعرف كيف غفل الاجلة من ان الصلاة لا تسقط بحال من الأحوال ولا يمكن تصور الفوت
فيها بمرض أو بسفر، ولا أعرف كيف فاتهم بأن الحائض لا يجب عليها القضاء !
وكل ( من أعذار المرض والسفر والحيض ) متصورة في الصوم دون الصلاة،
وعلى ذلك الإرباك سيرت الفتوى من المتأخرين لمتاخري المتأخرين حتى عدة عند
المعاصرين من مقولة الإجماع وضروريات الفقه !!
0 تعليقات