علي الأصولي
قد يقال: كما ما عليه صاحب ( فوائد الأصول ج٣) إن البيان إذا لم يصل
للمكلف، كأن يكون بسبب الله أو يمنع من الظالمين فلا معنى وتحرك المكلف بعد ذلك،
وفيه: إذا لم يصل من قبل الله تعالى، فهذا يعني عدم وجود تكليف أصلا، ومعه
هذا ليس دليلا على البراءة العقلية، وأن بسبب الظالمين، لتحرك المكلف له معنى بعد
فرض أصل وجود هذا البيان، ولا اقل من اتخاذ مسلك الاحتياط لبراءة الذمة،
وهذه الإجابة كافية مع الإجابة التي ذكرها السيد الشهيد الصدر الأول،
وحاصلها: أن بيان صاحب( الفوائد ) هو خلط بين حفظ أغراض المولى وحفظ أغراض
الآخرين، فراجع تقريراته،
محاولة المحقق الأصفهاني، في تعزيز مسلك البراءة، ذكرناه فيما سبق، ونختصره
هنا، هو إرجاع القاعدة إلى القبح والظلم،
وقد أورد عليها السيد الصدر الأول، كون أن القاعدة تجميعية تركيبية، وتفترض
برتبة سابقة وجود حق، متفرع عليها، مع أنها ليست سيالة لكافة القضايا العقلية،
لخروج حسن الصدق وقبح الكذب،
وكيف كان: يرى المحقق الأصفهاني،
أن حقيقة الحكم الشرعي هي التحريك والبعث، ومع عدم إرادة التحريك والبعث
فيكون الحكم إنشائيا وليس حقيقيا، وكيف كان: التحريك متفرع على الوصول، ومع عدمه -
اي عدم الوصول - لا يمكن التحرك وبالتالي لا يكون فعليا، لان الفعلية هي التحريك،
ومع عدم فعليته يقبح عقوبة المكلف على الترك أو تركه،
وقلت في بداية البحث تعزيزا الرأي الأصفهاني هناك، إن الوصول الفعلي هو
المحرك ومع فرض الوصول الاحتمالي فلا معنى للتحرك، لان التحرك فرع العلم،
ويرد عليه: أن هذا مبني على وحدة المولى، بينما لا وحدة كما بين صاحب مسلك (
حق الطاعة ) فلا يمكن تعزيز قول الأصفهاني والحال هذا،
وكذا حاول الشيخ الفياض تعزيز مسلك البراءة بدليل الاستصحاب، وأن كان هذا
الدليل لا يساق ضمن الدليل العقلي لإثبات أصل البراءة، لكن ما يهمنا هو قوله:
إذ قال: بعد مناقشة له ذكرتها في بدايات هذا البحث ،
أنه يمكن افتراض اليقين بعدم الجعل بنحو العدم النعتي، بعد ورود ألشرع
والشريعة فإن في أوائل الشريعة وأوائل البعثة المكلف متيقن بعدم جعل وجوب الدعاء
أو بعدم جعل حرمة التتن، لان تبليغ الأحكام كان بنحو تدريجي وبحسب الظروف
والمصالح، وعليه لم يكن الناس في بداية الشريعة حكم إلا الإقرار بالشهادتين،
وهذا هو العدم النعتي وبعد زمان شك في بقاء هذا العدم النعتي فلا مانع من استصحاب
بقاءه ويترتب عليه الأثر بالتالي الأمن من العقوبة، والترخيص بالفعل أو الترخيص في
الترك الذي هو مفاد أصالة البراءة الشرعية، والكلام في العدم المحمولي هو الكلام
في العدم النعتي، انتهى
وفيه: أن هذا الافتراض يسحبنا إلى الاستصحاب القهقرائي والعدم الأزلي، وهو
خارج ما نحن فيه وبصرف النظر عن ذلك يمكن القول أن هناك وجود علم إجمالي ولو على
نحو المحتمل ونحو ذلك، وهذا العلم منجز بحسب سعة دائرة المولوية.
0 تعليقات