عز الدين البغدادي
يقترن مفهوم التدين
والعبادة عندنا سابقا على الأقل (ولو من جهة ما ينبغي) بالعفة والمروءة والشرف
والقيم الايجابية، إلا أن هناك حالات تثير العجب وتجعلنا نتأمل فيها باستغراب، وقد
روي عن شخص اسمه أبو العباس الحويزي نسبة إلى منطقة الحويزة قرب الأحواز انه كان
من أهل العبادة من جهة والظلم والإجرام من جهة أخرى، وقد ذكر الصفدي بعض ما يتعلق
به في كتابه "الوافي بالوفيات".
فقال: … قدم بغداد وتفقّه بالمدرسة النظامية
وكانت له معرفة بالأدب… واختص بالديوان، ورتّب ناظراً في الأعمال، وعلت منزلته
وظلم الناس وتعدّى وارتكب العظائم. وكان مع ذلك عابداً قانتاً متهجّداً كثير
البكاء والخشوع والأوراد!!!!
وربّما أتاه الأعوان
فقالوا: إنّ فلاناً ضربناه ضرباً عظيماً ولم يحمل شيئاً وهو عاجز، فيبكي ويقول: يا
سبحانَ الله، قطعتم علّي وِردي (اي عبادتي)، واصلوا عليه الضرب، ثم يعود إلى
وردِه، ولا يخون في مال الدولة حتى في الشيء اليسير.
وقد ذكره ابن الجوزي:
... فكان يؤذي الناس ويعلّق الرجال في السواد، ويعذِّبهم ويستخرج الأموال فلا
يتلبّس بها ( أي لا يأخذ منها شيئا) إظهارا للزهد! …. وكان كثيرَ التلاوة للقرآن، كثيرَ
التسبيح حتى إنّي اتّفقتُ في خلوةٍ حمام وهو في خلوة أخرى (أي كل واحد منهما في
غرفة من غرف الحمام) فقرأ نحواً من جزئين حتى فرغ من شأنه!! هذا مع الظلم الخارج
في الحدّ‼
وقد انتهت حياته
عندما دخل عليه ثلاثة رجال من الخوارج وهو في الحمام فقطّعوه بالسيف.
أمس كنت في زيارة
لأداء واجب، وقد التقيت بشخص له علاقة بأحد الشخصيات الإسلامية وحدثني عن جزء قليل
من سرقاته، وقليلها كثير، ثم قال: والمشكلة انه إذا قام للصلاة لا يفرغ منها في
ساعتين..
كان ببالي ان اذكر
مثالا ثالثا، وهو شخصية الحاج فؤاد الذي مثل دوره الفنان صلاح عبدالله بطل فيلم "الكاباريه"،
حيث كان "الحاج" يدير الملهى وهو يلبس ثوبه الابيض وغطاء الرأس والسبحة
لا تفارق يده وهو يلهج بالذكر ويتحدث عن العمرة والحج، وهذا الرجل رغم محافظته على
أداء فرائض دينه ورفضه التام لشرب الخمر إلا أنه كان يعيش من دخل بنات الليل وبيع
الخمر ويفعل كل أنواع الشرور، وكان يجلس في مكتبه وهو يستمع إلى الشيخ النقشبندي
في الوقت الذي يصدح فيه المطربون في صالة الكبارية بأغانٍ هابطة…. إلا أن هذا
الحاج يبقى شخصية افتراضية وليست واقعية مثل المثالين السابقين، وبأي حال فلن
نحتاج إليه فهناك شخصيات حقيقية إسلامية تدير فعلا الملاهي والمواخير ودور الدعارة.
والى الله المشتكى
0 تعليقات