محمد كاظم خضير
من البديهي السؤال: إلى
أين تتجه الأوضاع في العراق في ظل تعاظم الانهيار السياسي والاقتصادي بعد انخفاض
أسعار النفط ، وهل ما زال هناك من بصيص أمل لحل الأزمة تشكيل الحكومية في ضوء
الاعتذار الثالث الوارد على وقع اشتباك سياسي هو الأعنف منذ أن انطلق التظاهرات في
الشارع الذي مرّ عليه أشهر ؟
إن المراقب لمسار
الأحداث والتطورات السياسية يرصد بأن في الأفق ملامح أزمة «عويصة» من الصعب على أي
متابع ان يتكهن إلى ما ستؤول إليه، غير ان الثابت حتى الساعة هو ان مختلف القوى
السياسية مربكة وحائرة في أمرها كونها لا تملك أي إجابات على الأسئلة التي تدور في
ذهن كل النّاس حول مصير البلد بعدما شعروا، لا بل لمسوا، بأن هناك من بدأ بنسج
خيوط الفتنة مستفيداً من الانقسام الذي يضرب عميقاً بين العراقيين ان على المستوى
السياسي أو على مستوى الشارع.
ليس سراً ان ما يحصل
يؤشر إلى ان العراق مقبل على تطورات أقل ما يقال فيها بأنها ستكون تطورات ملتهبة
وخطيرة، وهي بالتأكيد تحمل بذور متغيرات متوقعة على مستوى الخارطة السياسية وهو ما
بدأت تؤشر إليه حرب البيانات التي تصدر من هذه الجهة أو تلك، وإن ما حصل بين جهات
سياسية» في الساعات الماضية يُعزّز المخاوف من إمكانية انفجار مواجهة سياسية
خطيرة، خصوصاً وان ما يجري على المستويين الإقليمي والدولي دقيق جداً ويجعل من أمر
اللجوء إلى أي جهة خارجية للمساعدة للخروج من المأزق غير مفيد، خصوصاً وان العراق
لا يعتبر في هذه المرحلة أولوية على الأجندة الدولية..
وحيال هذا المشهد
السياسي السوداوي والذي يزيد الطين بلة مالياً واقتصادياً يحمل على الاعتقاد بأن
التكليف الكاظمي لرئاسة الوزراء لن يكون ثابتاً وان الاعتذار الثالث ربما يحصل،
كون ان ما من شيء يوحي بإمكانية حصول متغيرات على مستوى المواقف السياسية، وان هذا
الاعتذار ان هو حصل فإنه يشرع الأبواب على المزيد من التعقيد والكباش على المستوى
الحكومي الذي يفتح بدوره الباب على الذهاب باتجاه خيارات كانت مستبعدة في وقت من
الأوقات وهذه الخيارات لن تكون الحل المنشود للأزمة الراهنة، بل ربما تنقلنا من
أزمة إلى مروحة من الأزمات التي يختلط فيها الحابل بالنابل.
غير ان المصادر
السياسية التي تعترف بعمق الأزمة التي وصل إليها العراق ، ترى ان ما من مشكلة الا
وتحل، وتعتبر ان وصول العراق إلى قعر الأزمات بفعل التدهور السياسي الحاصل لا يعني
الانهيار بالكامل وان أبواب متعددة ما زال بالإمكان الولوج من خلالها لانتشال
العراق من البئر، وان الباب الأوّل يتمثل في التفاهم على توليفة حكومية تحاكي
الواقع العراقي من مختلف جوانبه، وهذا الأمر لا يتم الا إذا وضعت القوى السياسية
مصالحها الخاصة جانباً وركزت اهتمامها على تجنيب العراق الانزلاق إلى أماكن خطيرة.
وفي رأي هذه المصادر
ان ما من شيء قد تغير منذ ان اعتذر الزرفي ، وما دام لم يتغيّر شيء فإن النتيجة
ستكون هي ذاتها، غير أننا ربما نكون أمام مشكلة إذا تمّ اعتذر المكلف مرّة جديدة،
حيث ان المجتمع الدولي يراقب عن كثب في العراق وهو بالتأكيد سيتحرك بقوة لمنع هذا
اللف والدوران في ما خص تأليف الحكومة، إذ انه لا يرى أي مبرر لعدم الإسراع إلى
تشكيل الحكومة خصوصا وان الأوضاع الاقتصادية والسياسية تفرض وجود حكومة مكتملة الأوصاف
لكي تتمكن من إيجاد المخارج لهذه الأزمة.
وتعتبر المصادر، ان
هناك ثلاثة عوامل ضاغطة في اتجاه الإسراع في التأليف، الأوّل وهو الشارع حيث لم
يعد التظاهرات سلمياً بعد ان بدأنا نشهد احتكاكات ومواجهات في أكثر من منطقة،
وثاني هذه العوامل هو الوضع الاقتصادي والنقدي الذي انحدر إلى أدنى المستويات بسب
انخفاض أسعار النفط . اما ثالث العوامل الضاغطة فهو المجتمع الدولي الذي بعث
برسائل إلى المسؤولين تحث على ضرورة الانصراف إلى تأليف الحكومة والانطلاق في
عملية إصلاحية سريعة قبل فوات الأوان.
وإذ تعتبر المصادر ان
الإدارة الأميركية مقفلة نوافذها على الوضع السياسي في العراق وتأخذ موقع المراقب،
فإنها تلفت النظر إلى ان بصيص الأمل الذي كان يعوّل عليه على مستوى التقارب الأميركي
- الإيراني لما لذلك من انعكاس إيجابي على العراق سرعان ما انطفأ، ، حيث يظهر ان
إيران لا تريد ان تعطي الرئيس ترامب أي ورقة في الوقت الذي يرتطم فيه الرئيس
الأميركي بالحائط نتيجة المواجهة التي يخوضها مع مجلس النواب الأميركي.
0 تعليقات