آخر الأخبار

العالم يتغير











حمدي عبد العزيز


لاحتساب عمق أضرار انخفاض أسعار البترول علي الولايات المتحدة الأمريكية ، وعلي قطاع رأس المال المالي أحد أهم القطاعات المهيمنة علي اقتصاديات أمريكا والعالم (هذا خلاف قطاع الطاقة) ..


وبالتالي مدي تأثير مايحدث الآن علي مدي قوة الهيمنة الأمريكية .


.. علينا أن نعاين طبيعة العلاقة التاريخية بين البترول والدولار ..


فنتيجة للخسائر الأمريكية في حروبها الاستعمارية في الهند الصينية (فيتنام - لاوس - كمبوديا) وخروجها بهزيمة كبري في مفتتح سبعينيات القرن الماضي .. تخلي الدولار - لأول مرة ، ونهائياً - عن غطائه الذهبي فيما عرف تاريخياً ب(صدمة نيكسون) عندما أعلن الرئيس الأمريكي عن عدم مقدرة الولايات المتحدة الأمريكية علي الالتزام بالغطاء الذهبي في طبع الورقة الدولارية كعملة عالمية رئيسية طبقاً لتفاقيات (بريتون وودز) التي أبرمت كنظام نقدي ، وتجاري جديد للعالم قبل أن تضع الحرب العالمية الثانية أوزارها ..



، ولأسباب متعددة ابتلعت أوربا والعالم هذا القرار كأمر واقع ..



ووجدت الإدارة الأمريكية أن مقتضي الإنقاذ الوحيد للدولار كعملة عالمية مهيمنة ينبغي أن يتمثل في رفع الطلب العالمي عليه رغم تخليه عن الذهب كغطاء ..



وبالفعل تم التحرك علي الفور في هذا الاتجاه كان اتفاق الولايات المتحدة مع السعودية قبل حرب أكتوبر 1973 علي بيع بترولها بالدولار ، وأن يكون الدولار هو وحدة التسعير الرسمية لبرميل البترول ، مع التعهد بوضع عائدات بيعه كودائع في البنوك الأمريكية ، وبالتالي تم فرض ذلك علي دول منظمة (أوبك) بواسطة السعودية وحلفائها من الدول الخليجية المنتجة للبترول ، وبحكم الهيمنة الخليجية علي المنظمة أصبح الدولار هو عملة التسعير المعتمدة لوحدة البرميل عند البيع ..



، ثم قدمت معركة أكتوبر 1973 الفرصة الذهبية لرفع الطلب علي الدولار ، بعد أن قررت الدول العربية المنتجة للبترول وقف بيع البترول إلي دول أوربا والعالم المؤيدة لإسرائيل بمجرد اندلاع نيران المعارك العسكرية فارتفع سعر البترول من 1.8 دولار للبرميل عام 1970 إلي مايتجاوز العشر دولارات في الشهور الأولي بعد حرب أكتوبر ثم ارتفع مرة أخري ثم وصل إلي 20 دولاراً للبرميل في أعقاب الثورة الإيرانية ، ثم قفز إلي أن تجاوز الثلاثين دولاراً في بداية الثمانينيات ..



وهكذا بدأت مرحلة البترودولار التي شكل فيها البترول الغطاء الفعلي للدولار ، ومصدر لتدوير الأموال في البنوك الأمريكية عبر تدفق أرباح بيع البترول لتلك البنوك ، بمايكفل إعادة ضخها في الاقتصاد الأمريكي ، طبقاً للاتفاقات الذي أبرمتها أمريكا مع دول الخليج كشرط لحماية وتأمين العروش والممالك الخليجية ..



وهكذا أدي ذلك إلي تعميق الهيمنة الدولارية علي أسواق العالم ، وبالتالي تعميق الهيمنة الأمريكية سياسياً بعد ضمان التفوق المالي والاقتصادي ..


لعلنا ندرك الآن أن استمرار أزمة انهيار أسعار البترول قد تعني في النهاية انهيار الدولار الأمريكي كعملة دولية رئيسية ، ولعلنا ندرك مغزي تقدم الصين هذه الأيام بشراء عقود بترول آجلة ..



يبدو أن وباء الكرونا يقترب من أن يكون القشة التي قصمت ظهر بعير قطاعات المال والطاقة ، وبالتالي السياسات المالية والتجارية التي كانت تحكم العالم قبل ظهور وباء الكرونا قد لاتكون هي السياسات التي تحكمها بعد انتهاء الوباء ، وغير ذلك ربما تشتعل صراعات دولية جديدة ، علي نحو لم نشهده من قبل مرحلة تفجر الوباء ..


علي كل الأحوال ..

علينا أن نتابع الأحداث .. حتي نري ماذا سيكون عليه الغد ..
_____
21 إبريل 2020

إرسال تعليق

0 تعليقات