آخر الأخبار

وعد هاجر... ووعد بلفور









د.أحمد دبيان


( وقال أنت حبلى وستلدين ابناً فتسمينه إسماعيل ، لأن الرب سمع صراخ عنائك ويكون رجلاً كحمار الوحش ، يده مرفوعة على كل إنسان ويد كل إنسان مرفوعة عليه . ويعيش فى مواجهة جميع إخوته )


فى سفر التكوين و الإصحاح السادس عشر من التوراة يخاطب ملاك الرب هاجر فى نبؤة مروعة .


النبؤة هنا تأتى ترسيخاً لتجييش ديني سلفي مبكّر للصراع.


رغم هذه النبؤه الموضوعة على لسان ملاك الرب ، لم تذكر لنا التوراة صراعاً أبداً بين إسماعيل وإسحاق عليهما السلام ، بل ولم تذكر لنا التوراة شقاقاً بين الأخوين الغير شقيقين من هاجر وسارة .



ما ذكرته لنا حقا هو علاقات لم تنقطع بين الأخوين وزيارات متكررة مابين فاران ( برية فاران موطن إسماعيل بعد أن أخذ إبراهيم أمه هاجر هناك ) وبئر سبع مستقر اسحق تحت ظل حكم الملك ابيمالك بعد هجرات النبي إبراهيم من العراق واستقراره فى تلك البقعة .



دفن إسماعيل مع أخيه اسحق والدهما فى مغارة المكفيلة التى اشتراها إبراهيم من عفرون الحثى .


وظلت العلاقات والزيارات ما بينهما لا تنقطع .



لم تذكر التوراة أيضا اى صراع بين إسماعيل وأخوته من قطورة سريرة ( ملك يمين ) إبراهيم عليه السلام .



والذين استقروا فى اليمن وجنوب الجزيرة العربية .



جاءت هذه النبؤه الموضوعة على لسان ملاك الرب ، فى تلك الفترة التى أعاد فيها عزرا ( العزير )

كتابة التوراة من الذاكرة

وفى النظرة( الربانية الحاخامية )كان عزرا على قدم المساواة مع سيدنا موسى عليه السلام من حيث ملاءمته كوسيلة لنقل التوراة، لأَنَّ عِزْرَا أَخْلَصَ نِيَّتَهُ لِطَلَبِ شَرِيعَةِ الرَّبِّ وَمُمَارَسَتِهَا، وَتَعْلِيمِ الشَّعْبِ فَرَائِضَهَا وَأَحْكَامَهَا (عزرا 7: 10) (التلمود البابلي، سنهدرين 21ب).


وقد كتب عزرا أسفار عزرا، نحميا، وأخبار الأيام حسب التلمود البابلي (بابا باترا، 15أ). ومن المرجح أن سفر عزرا قد تم تأليفه بين 460 و440 قبل الميلاد. ويتناول هذا السفر الأحداث التي وقعت في أرض إسرائيل بعد عودة بني إسرائيل من المنفى والسنوات التى تلت، وهو يغطي فترة قرن واحد تقريبا ابتداء من عام 538 قبل الميلاد. ويركز سفرعزرا على اعادة بناء بيت المقدس، ويحتوي على سجلات أنساب واسعة النطاق غرضها الرئيسي إقرار حق الكهنوت لنسل هارون.

و ربما تم هذا التجييش السلفى الدينى للصراع فى فترة العودة من الأسر البابلى ، وقيام الصراع بين الأحفاد مثل جشم العربى ، والذى واجه نحميا محاولا منعه من إقامة سُوَر أورشليم .



وقد ظهر اسم جشم في النقوش اللحيانية التي اكتشفت في العلا الواقعة شمال الجزيرة العربية والتي أرخت على الأغلب في عهده، وكذلك ورد اسمه في النقوش الآرامية في تل المسخوطة في مصر، وهي تشير إليه على أنه ملك قيدار، وتشير كذلك إلى وجود قيداريين على حدود مصر الشرقية استوطنوا هناك بتوجيه من الفرس لحماية الحدود الغربية للدولة الفارسية، ويظهر حسب النصوص الأثرية، أن تأثير مملكة قيدار في أواخر القرن الخامس قبل الميلاد وبالتحديد في عهد جشم قد امتد ليشمل فلسطين وشرقي الأردن إلى حدود مصر الشرقية وشمالي جزيرة العرب، وهي المنطقة التي كانت تحت لنفوذ الأنباط ( ارض نبايوت ابن إسماعيل وشقيق قيدار ) فيما بعد.



وتشير النصوص إلى أن جشم العربي كان يملك أعلى سلطة إدارية في المنطقة الواقعة جنوبي فلسطين والمعروفة باسم أدوم، ومما يذكر عنه اعتراضه على بناء سور بيت المقدس من قبل الزعيم العبراني نحميا في حدود سنة 440 ق.م. بعد العودة من السبي البابلي.



وقد اتفق جشم العربي مع سنبلط الحوروني وطوبيا العبد العموني على معارضة نحميا ومنعه من إعادة بناء السور، فأخذوا يتهمونه بالتمرد والعصيان لإثارة الحكام الفرس عليه، ولكن محاولة التآمر هذه أخفقت.وقد صرح جشم برأيه إلى نحميا في رسالة وجهها إليه نقل نحميا منها هذه الكلمات: «وجشم يقول: إنك أنت واليهود تفكرون أن تتمردوا، لذلك أنت تبني السور لتكون لهم ملكًا بحسب هذه الأمور. وقد أقمت أيضا أنبياء لينادوا بك في أورشليم قائلين: في يهوذا ملك.




سلفنة الصراع وتديينه مبكراً ، كان الإنجاز الأكبر لأحفاد اسحق والأسباط الاثنى عشر ، وهو الميراث الذى تم تصديره لسلفنة الصراع العربي الاسرائيلى وجره الى الاستناد الى سلفية خطاب الوعد التاريخى لإخراجه من سياق صراع الوجود ، الى سياق صراع الوعود المكذوبة لاسباط انتهت وتشتتت واختلطت بالأمم وقبائل وثنية تهودت لاصطناع حق تاريخي لاستلاب الماضي والحاضر والمستقبل ..

إرسال تعليق

0 تعليقات