آخر الأخبار

حينما يتعافى العالم من تعاطى المخدرات









محمود جابر


انتهت الحرب العالمية الأولى والثانية بفوز فريق وهزيمة فريق، الفريق المنهزم كان تحت الوصاية الدولة، وجرى توزيع أملاكه على الحلفاء، الأملاك شملت الحجر والشجر والبشر !!


الفائزون لم يقنع كل واحد منهما بما فى يد صاحبه الذى كان يقاتل معه بالأمس، فجرى كل واحد يحاول ان يتآمر على الآخر، تآمر الثعالب الذى ليس فيه قتال وجه لوجه، ولكن قتال عن طريق الوكلاء والعملاء على امتداد الأرض بين طرفى معادلة التحالف الروس والأمريكان .


وكلهم ينطلق من قاعدة العلمانية الشاملة، سواء كانوا اشتراكيين أو ليبراليين ورأسماليين، ولكن نجحت آلة الدعاية الأمريكية ان تلصق بالسوفيت الشيوعية والتى تعنى الكفر والإلحاد، على الرغم من ان الإمبراطورية السوفيتية.  وان تصف نفسها- الأمريكان – أنصار الحرية والديمقراطية، فى مقابل الملاحدة المستبدين !!

كان حصان طروادة فى كل بلاد الشرق الذى روج للمقولة السابقة هم جماعات الإسلام السياسي والأصولية الدينية، سواء كانوا مسيحيين أو يهود، وفى القلب من كل هؤلاء جماعة الإخوان بجناحيها السني والشيعي؛ اللذين كتبوا أطنان من الأوراق والأبحاث فى كفر الشيوعية وإلحادها وأنها داعمة للصهيونية وللإباحية والمثلية وجرى تشويهها على نحو تجاوز ما قاله مالك فى الخمر .



وبفضل حوائط الصد  الأصولية للتمدد السوفيتي الى المياه الدافئة فى وسط وغرب آسيا وأصولية شرق أوربا تم حصار الاتحاد السوفيتي فى جغرافيته.



ثم جرى معركة الاختراق للقلب وللبطن الضعيف عن طريق حرب أفغانستان التى كانت ملحمة المخابرات الأمريكية بكل ما تملك من قدرات لوجيستية وقوات متعددة الجنسيات من الأصولية الدينية وجرى معركة انهك الاتحاد السوفيتي تزامن من اختراق لكل مؤسساته من الداخل حتى سقط الاتحاد السوفيتي وتفردت الولايات المتحدة بقيادة العالم كإمبراطورية وحيدة تجلس على عرش العالم .




الولايات المتحدة أعطت الشرق الأوسط مكافئات كبيرة عن الخدمات التى قدمها فتم غزو أفغانستان وأشاعت الفوضى فى باكستان، واستباحت كل العواصم العربية وإطلاق العنان لإسرائيل تفعل ما تشاء وبدأت فى تقطيع أواصل الوجود العربي قطعة قطعة .



وفى نشوة هذا الانتصار كانت روسيا قد تجهزت لاستعادة ما سلف من تاريخها الامبراطورى، ومعها قوى أخرى بازغة هى الصين التى تمكنت عبر منظومة اقتصادية شديدة التعقيد من ان تتربع على عرش العالم كقوى اقتصادية، وضعت الصين خطة لالتهام كافة الأسواق العالمية من خلال شراكة متكاملة تحت اسم " الحزام والطريق" وهو دبلوماسية اقتصادية معقدة وتكاملية مع كافة او اغلب بلدان العالم فى كل القارات .


الصين التى أنكرت الاشتراكية الدولية أنها منظومة اشتراكية لأنها خالفت التنظير الماركسى فى ان ثورتها قامت على أكتاف الفلاحين ولم تقم على أكتاف العمال، هربت من فخ التكفير الإسلامي، بقدر كبير، وإن كان لم تفلت من بعض الدعاية فى اضطهاد سكانها المسلمين، وإن ظلت هذه الدعاية فى حدها الأدنى . والتى لم تنال من سمعت الصين الأخلاقية، كما حدث مع نظيرها الاتحاد السوفيتي .




الخبرات التى تراكمت لدى الولايات المتحدة شملت كل أنواع الحروب من الحرب الكيميائية الى الحرب البيولوجية الى حرب الاستمطار والزلازل، وكل أنواع الحروب القذرة .


لم يغفل المارد الصينى المنطلق بقوة الى كل الجغرافيا العالمية ان يتسلح بكل ما امتلكته الولايات المتحدة الأمريكية من أدوات حرب غير تقليدية.. لانه يدرك أن النزال مع الولايات المتحدة الأمريكية لن يكون شريفا أو بأدوات حرب كلاسيكية، والولايات المتحدة لن تسمح بتربع الصين على عرش العالم فدونه خرط القتاد .

الترهل الذى تعانى منه الولايات المتحدة الأمريكية يقابله فتوة صينية يافعة، ولكن بكل الاحوال المعركة بدأت بأشكال منها حرب التجسس بالأفراد والأجهزة الالكترونية، والحرب الاقتصادية وفى كل هذه الحروب كان النصر حليف المارد الصينى، وهنا بدا فصل جديد من النزال البيولجى، واعتقد ان كل أشكال السارس والابيولا والكورونا الحالية والزلازل يبعد عما نقوله ....



المؤسسات الدولية جميعها أدوات أمريكية تم السيطرة عليها مبكرا لصالح الولايات المتحدة، كأدوات تستطيع من خلالها أمريكا النفاذ الى هدفها المنشود، وما أصاب هذه المؤسسات من حالة من الشلل ليس عملا عشوائيا أو بدون فاعل ....



الحاصل ما نراه اليوم هو حرب او مقدمات حرب بكل ما تعنى الكلمة من معنى وطرفي هذه الحرب الولايات المتحدة الأمريكية فى مقابل الصين .

مع الأخذ فى الاعتبار أن المنظومة الأخلاقية الغربية بلفت حد من الانحطاط، جعل هذا الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية غير قادر على أدراك مشاكله الداخلية من امتهان سكانه قبل سكان باقى الأرض الذين عانوا من هذا الانحطاط والإجرام...

هذه المنظومة الأخلاقية المنحطة تشمل مؤسسات وتنظيمات، كانت تخفى من أغراضها اكثر مما تبدى وكانت ضررها يتجاوز كل الأهداف النبيلة المزعومة لإنشائها وقيامها.




الحرب الدائرة الآن سوف تغير الجغرافيا الحالية للولايات المتحدة الأمريكية، والتى بدأت فيها دعوات الانفصال فعلا، وسوف تتغير جغرافيات أخرى كالتى فى شبه الجزيرة الكورية، وحتما لن تكون المنطقة العربية عنها ببعيد ....



القادم مهما حاول البعض أن يثير فى الناس الخوف والفزع ولكن العالم يعيش حالة المتعافى من تعاطى المخدرات لفترات طويلة لن تمر إلا بعد معاناة وآلم يشبه المرض وهى حالة فى بعض الأحيان أشبه بمن يشرف على الموت، ولكنها فى الحقيقة حالة تعافى وليست حالة موات وهلاك .







إرسال تعليق

2 تعليقات