آخر الأخبار

طرق ثبوت الهلال











علي الأصولي


ذكر الفقهاء في مسألة ثبوت هلال شهر رمضان ما يلي:

يثبت الهلال، بالعلم الحاصل من الرؤية، أو من التواتر أو الاطمئنان الحاصل من الشياع، أو مضي ثلاثين يوما من خلال شهر شعبان، فيثبت هلال شهر رمضان، أو ثلاثين يوما من شهر رمضان فيثبت هلال شوال، وبشهادة عادلين، ، ، ، إلى قولهم: ولا يثبت بشهادة النساء، وعقب صاحب ( مصباح المنهاج )


إجماعا بقسميه، كذا في الجواهر، للنصوص المستفيضة، المتضمنة لزوم شهادة رجلين، وفي غيرها التصريح بعدم قبول شهادة النساء،
كصحيح الحلبي، عنه (ع) قال: قال: علي(ع) لا تقبل شهادة النساء في رؤية الهلال، إلا شهادة رجلين عدلين، ( الوسائل باب ٧ من أبواب أحكام شهر رمضان )


ومنها وما رواه محمد بن مسلم قال: لا تجوز شهادة النساء في الهلال، ( نفس المصدر )


ومنها: الروايات الناصة على التعويل بلفظ، شاهدان عدلان، ومنها: ما جاء بألفاظ صريحة على ما رواه شعيب بن يعقوب عن أبي جعفر (ع) عن أبيه (ع) أن عليا قال: لا أجيز في الطلاق ولا في الهلال إلا الرجلين، ورواية حماد بن عثمان كذلك،


وكما ترى أن هذه النصوص تدل على المدعى أما بالمنطوق أو بالمفهوم، على ما ذكروا،


ثم قالوا: نعم في موثق داوود بن الحصين عن أبي عبد الله (ع) قال: لا يجوز شهادة النساء في الفطر إلا شهادة رجلين عدلين، ولا بأس في الصوم بشهادة النساء، ولو امرأة واحدة،


إلا أن صاحب ( مباني منهاج الصالحين ) قد ضعف الرواية سندا بضعف إسناد الشيخ إلى علي بن الحسن بن فضال،


وناقش صاحب ( مصباح المنهاج ) بعد أن عدها وسماها موثق داوود بن الحصين، بالقول: لكن مقتضى المقابلة بين صدره وذيله وأن كان هو حمل الذيل على لزوم التعبد بالصوم بسبب حجية الشهادة، إلا أنه لا يناسب التعبير فيه بنفي البأس،


ثم: عرج السيد سعيد الحكيم بذكر بعض المحتملات لتوجيه الرواية وختم ذلك بالقول، ( مع عدم ظهور القائل بحجية شهادة النساء في الصوم فضلا عن امرأة واحدة، ، ، ، )


وعلى ضوء، البيانات الفقهية السابقة التي أنتجت فتاوى عملية، على عدم اعتبار حجية شهادة النساء في رؤية الهلال،


وعدم القبول هذا بينهم هو بقول مطلق، سواء كانت من رأت الهلال امرأة واحدة أو ألف امرأة !


وحتى لو لم يكن في السماء علة مانعية من الرؤية وعدم الوضوح!
وكل ذلك جاءت هذه الفتاوى الناصة على التفريق بين شهادة الرجل والمرأة تبعا للنصوص منها تم ذكره سابقا ومنها مثلا صحيح السندي الذي نقل فيه حماد بن عثمان عن الإمام الصادق (ع) قوله: لا تقبل شهادة النساء في رؤية الهلال، ولا في الطلاق، قال: وسألته عن النساء تجوز شهادتهن والنفساء ، ، الخ ،


بالإضافة على وجود تفريق شرعي أصلي مفاده شهادة رجل عدل في قبال امرأتين كما هو المعروف بالفقه في بعض أبواب جواز شهادة النساء،


على أننا ندعي إن الأصل في الشريعة أو قل في الدين هو العدالة وعدم الظلم والمساواة إلا ما خرج بدليل كالإرث الذي نص على أن للذكر مثل حظ الأنثيين،


إذن، عدم قبول شهادة المرأة في بعض الموارد وعدم تساوي شهادة المرأة مع الرجل في موارد أخرى، والروايات صرحت بعدم قبول شهادة النساء في رؤية الهلال، ومنع المرأة من الإفتاء والقضاء، مع ملاحظة الأصل العملي، القاضي بالقول عدم حجية شهادة المرأة، كل ذلك من الأدلة والمؤيدات جعلت من الفقهاء يجمعون على شرطية وجود الرجلين أو الواحد العدل وقبول شهادته دون النساء،


ومع كل ما قدمه الفقهاء من أدلة ومؤيدات ذلك لا يمنع وإعادة النظر في نفس هذه الأدلة وتقيمها بشكل مقتضب، لتقديم رؤية فقهية خلافية، في هذا الشأن،


فيمكن أن يقال: أن شهادة المرأة قرآنيا وروائيا لا ترد بقول مطلق، بل هناك موارد تؤخذ بها شهادات النساء وهناك موارد منع، ومن الموارد التي تقبل فيها الشهادة فهي منوطة بشرط الضعف من شهادة الرجل، فإن كان واحد نحتاج إلى امرأتين وأن كان المورد يحتاج إلى أربع شهود كما في إقامة حد الزنا فنحتاج إلى أربع نساء مع رجلين و هكذا،


فإذا اتضحت هذه المقدمة فإنها سوف تسهل من مناقشة قضية عدم قبول شهادة المرأة في رؤية الهلال،


نعم من قال بالمنع، فهم الروايات حسب الفهم العرفي، الذي ينظر إلى مجموع ما روي يفهم منها، وجود إطلاق وعليه تمسكوا بالمنع،


إلا أن هذا الفهم العرفي هل يفهم من الإطلاق أم لا ؟
إذا لاحظنا أن المنع ليس لأجل عدم شهادة المرأة بما هي مرآة، والدليل أن في بعض الموارد الشرعية قبلت شهادتهن بلا نكير وعليه النص القرآني ( أن تضل أحدهما فتذكر الأخرى )


والعقلاء بما هم عقلاء لا يميزون بين الشهادات من جهة وحجيتها من جهة أخرى عرفا، بل الشهادة بحسب العرف مقبولة بشرط عدالة أو وثاقة الشاهد مع عدم وجود ما يمكن أو يحتمل الاشتباه كالغيم والغبار في السماء ( عدم العلة )


وعليه: فالاستشهاد بالفهم العرفي على الإطلاق مشكل لدخول الاحتمال المبطل للاستدلال فلاحظ،


أن قلت: نحن وإلاجماع بقسميه،


قلنا: أن الإجماع ليس دليلا مستقلا بذاته وعليه لا يمكن الاحتجاج به، بالإضافة أن الإجماع مدركي لا محصل له،


إن قلت: نحن والأصل العملي،


قلنا: أن الأصل رتبة متأخرة لا يمكن تقديمه مع وجود نص على المدعى،


إن قلت: إذن نحن والنص، أو النصوص،


قلنا: كلام تام ومن هنا تصل النوبة للنظر لهذه النصوص،


مناقشة نصية:


من الروايات:


رواية محمد بن مسلم، وهي كما في ( الوسائل ) من الروايات المرسلة، ناهيك عن كونها مضمرة، ولذا ورد فيها: قال،


من هو القائل؟!


ومنها: نص رواية: لا أجيز شهادة النساء وفي بعضها لا يجوز !؟

 وعلى ما يبدو أن النقل كان بالمعنى كما هو واضح، والصحيح لفظ ( لا أجيز ) لا ( لا يجوز )


وكيف كان: عدم الإجازة هل هي زمانية أم شاملة للأزمنة الأخرى؟


ظاهرها هو المعنى الأول لا الثاني، بناء على لفظ ( لا أجيز )


وأما رواية شعيب بن يعقوب فهي مطابقة متنا مع رواية الحلبي فهي بالتالي رواية واحدة لا روايتين،


نعم: تبقى عندنا رواية حماد بن عثمان، عن الإمام الصادق (ع) لا تقبل شهادة النساء في رؤية الهلال ولا يقبل في الهلال إلا رجلان عدلان،


وفيه: هل التزم الفقهاء بمفاد الرواية أم قبلوا قول الثقة من الرجال في مسألة رؤية الهلال؟


وعلى كل حال، ينبغي فهم هذه الرواية فهما موضوعيا من قبيل أن الرجال أشد بالنظر والاستهلال وأكثر خبرة من النساء، وهذا الفهم معزز بما ورد في بعض الروايات التي ذكرت أن نظر النساء اضعف من نظر الرجال في الاستهلال،


واحتمال الاشتباه وارد في مثل هذه الموارد فكان الاحتياط سيد الموقف،


وأن أبيت ذلك فيمكن ملاحظة قرينة مؤيدة إذ لم نقل دليل على ما ندعيه وهي الرواية التي نقلها صاحب ( الجواهر ) الناصة بعدم البأس في شهادة النساء في الصوم التي ضعفها ( القمي الطباطبائي في مباني المنهاج ) على مبناه الرجالي جاء التضعيف، وحاول توجيه عدم البأس صاحب ( مصباح المنهاج السيد محمد سعيد الحكيم ) بعد اعترافه بأنها موثق،


وأن أبيت بدعوى معارضتها،


فلا مناص والتمسك، بإلغاء الخصوصية وتنقيح المناط لإثبات الجواز،



والحمد لله رب العالمين...




إرسال تعليق

0 تعليقات