محمود جابر
هالنى الحلقة التى
بثها الصديق ماهر فرغلى عن ابن تيمية بعد ما ورد ذكر ابن تيمية على نحو يحتاج إلى
تفسير فى المسلسل الأشهر فى الدراما الرمضانية هذا العام مسلسل الاختيار، والذى
يجسد بطولات الجيش المصري العظيم فى سيناء ودور البطل الشهيد احمد منسى .
ماهر فرغلى قال أن
ابن تيمية مش واحد بس، وان التكفيريين لم يأخذوا منه إلا 1% وأنهم لم يفهموه، وان
ابن تيمية كان فى معركة الدولة جنديا .. الكلام عامل كأنه بجد ... رغم أن فرغلى
وفى أول الحلقة رصد حكم ابن تيمية على التتار بالكفر وأكده وانتصر له !!
وما كفر التتار ولا محمود
غازان ولكن ابن تيميه كفرهم من اجل أن ينال حظه عن السلطان الطفل الصبى الناصر بن
قلاوون .
إن البحث عن الحقيقة
يتجاوز ستجاوز البيانات، والبيّنات هى
عملية تنقيب عن الذات، ويجب أن تستمر مهما كان المكان الذي يأخذك إليه بحثك، لأن
لاشيء يبقى خفيا ًإلى الأبد.
فكل من عرفوا الحقيقة فالأكثرية كفرتهم وقالت
عنهم ملاحدة وزناديق، لذلك حين يقول أحدهم أنك كافر أو ملحد أو زنديق فاعلم حينه
أنك اقتربت من الحقيقة …
وشرف لك أنك لامستها أو مسستها، أما الأكثرية أو
الوعي المحلي المكتسب سيتم التضحية به عاجلا أم آجلا … والتاريخ خير شاهد على ذلك.
وعندما يكذب الجميع،
من ساسة وكهنة ورؤوس الأموال والإعلام يؤازرهم، فإن قول الحقيقة يُعد تمردا، بل
عملا ثورياً، لذلك أحذر جيداً حين تقول الحقيقة … لأنها سلاح فتاك لك وعليك.
يبقى الحقيقة
الأولى أن الناصر بن محمد قلاوون تولى الحكم صبى .
الحقيقة الثانية : أن محمود غازان أو قازان سلطان تترى مسلم...
ولم يكن كافرا.
الحقيقية الثالثة: ان المماليك لم يكونوا إسلاميا حكاما
شرعيين لأنهم عبيد وليسوا سادة أو من قريش حتى تكون لهم الخلافة الشرعية الإسلامية،
التى يجب على الجميع أن يوالوهم ويطيعوهم، فالحرب مع التتار كانت حرب بين ممالك
اسلامية بعضها البعض .
الحقيقة الرابعة: أن
التتر كانوا شيعة فى الوقت الذى كانت الدولة المملوكية سنية .
تولَّى السلطان محمود
غازان عرش المغول عقب مقتل بايدو خان وكان أول عملٍ يقوم به إصداره مرسومًا ينص
على أنَّ الإسلام هو الدين الرسمي للدولة، والالتزام بأحكامه وآدابه، وأمر المغول
بأن يُغيِّروا ملابسهم المعروفة، ويلبسوا العمامة دليلًا على خضوعهم للإسلام.
وقد حقق غازان
إنجازات عظيمة صبَّت في مصلحة دينه الجديد؛ إذ إنَّه جعل الإسلام دين دولته
الرسمي، وأصدر مرسومًا أمر فيه المغول باعتناق الإسلام، وزاد عدد المساجد، وأصبح
قادة الجيش والقضاة من المسلمين، كما حارب الخمر والربا والبغاء، وخصَّص اعتمادات
ماليَّة كبيرة للحج وأرسل كساء للكعبة.
وبلغت حماسته للدين
الإسلامي أنَّ أمر بهدم الكنائس والمعابد اليهودية والمزدكية والهياكل البوذية،
وتحويلها إلى مساجد، وبارتداء اليهود والنصارى ثيابًا خاصَّةً بهم تميُّزهم عن غيرهم،
وما فعله غازان ليس من الشرع في شيءٍ؛ وإنَّما غلبته العاطفة والحماسة للدين
الجديد، وحاول أن يُعيد إلى أهله ما لاقوه من ضروب المهانة والمذلَّة على أيدي
أجداده وآبائه.
لذا يُمكن القول:
إنَّ اعتناق غازان الإسلام عن صدق وإيمان وعاطفة وحب دافعًا له إلى القيام بألوان
من الإصلاحات، وضروب من النظم في الإدارة والمال والاقتصاد والعمران، وهو ما
سنُفصِّله ونبرزه.
حملات غازان على
الشام
لم تكن علاقات
السلطان محمود غازان وديَّة مع دولة المماليك، فسلك مسلك أسلافه في معاداة
المماليك، على الرغم من إسلامه!! وقام بثلاث حملات على الشام، شاء لها القدر أن
تكون كلها في عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون.
نرجع بقى لابن تميمة
... وقبل ما نرجع له نرجع للتتار ....
نسأل سؤال : هم
المغول هم التتار وهم كفره ؟!
والمغول هم: تحالف
بين قبائل منغوليا وقبائل وسط آسيا في القرن الثالث عشر، تحت مظلة حكم جنكيز خان.
وهذا ثلث الحقيقة
ويبقى ثلثين ؟ أو فصلين آخرين من القصة وهى :
الفصل الأول، دور
(بركة خان) ابن عم هولاكو (حفيد
جنكيز خان)، في دعم المماليك.
1- كان زعيم القبيلة
الذهبية، يدعى (بركة خان)، وورث الزعامة عن والده ثم أخيه، وهو قائد تتري ذا ثقل،
وكان له إسهامات في تطوير مدينة "سراي – سراتوف الروسية حاليًا"، شمال
المنطقة ما بين بحري القزوين والأسود، وتقع بالضبط على نهر الفولجا، وهي المدينة
التي أسسها شقيقه باتو خان الذي قاد (الغزو المغولي لروسيا بدأ 1237 م، واستمر
لعقدين).
2- القبيلة الذهبية
التي تزعمها بركة خان، هي أولى قبائل التتار إسلامًا، وتسبب إسلامها في حدوث
شقاقات مبكرة داخل المعسكر المغولي. فالتتار هم الجناح المسلم فى هذا التحالف
المغولى .
3- بركة خان هو ابن
عم هولاكو.. الذي قاد القبائل المغولية في اتجاه اكتساح الأراضي العربية
والإسلامية بداية من العراق وحتى وصل إلى إيران..
المهم أن بركة كان من
أشد المعارضين لتوسعات ابن عمه هولاكو، وليس معروفًا هل كان دافعه، هو الغيرة التي
تكون عادة بين فروع الأسرة الحاكمة الواحدة، بسبب اقتسام الغنائم والأراضي
والتفضيلات في العطاءات؛ أم، رفضًا لتدمير بلاد تنتمي لذات الدين الذي انتقل إليه
هو وأسرته (أم الاثنين معًا).
4- لم يقف بركة خان
عند حد رفض توسعات هولاكو، بل راسل بيبرس أكثر من مرة، وحالفه ضد
"هولاكو"، وكان عاملًا هامًا في تدعيم النصر المملوكي على هولاكو، سواء
في الشام أو حتى في الأناضول، والتي كانت تعاني جراء الانقسامات والحروب البينية
بين السلاجقة (أجداد الأتراك الحاليين)، الذين وصلوا إليها من وسط آسيا في الثلث
الأخير من القرن الثاني عشر ميلادي، والذين كانوا بانشقاقاتهم وتصارعهم سببًا، في
وقت سابق، من الأسباب التي مهدت لانتصار الحملة "الصليبية" الأولى.
5- بالتزامن مع عين
جالوت وما بعدها، وقعت حروب شديدة وواسعة بين جيش وأنصار بركة خان من جهة، وجيش
وأنصار هولاكو من جهة أخرى، أغلبها في منطقة القوقاز.
المهم، أن بركة خان،
وإسلامه، وتحالفه مع المماليك، كان أحد أهم العوامل التي مكنت المماليك ، من
الانتصار على هولاكو.. وإلى هنا ينتهي الفصل الأول، الذي يغفله كثيرون (بسبب قصور
في التناول التاريخي)، عند ذكر معركة عين جالوت وما أحاط بها من ظروف.
الفصل الثاني، إسلام دولة الإلخانات التي حكمت إيران
والعراق:
1- بسط المغول
(هولاكو) نفوذهم على رقعة واسعة تشمل (إيران، والعراق، والأناضول)؛ وحكمتهم سلالة
مغولية: الإليخانيون.
2- في أواخر القرن
الثالث عشر، أي بعد أقل من 40 سنة من عين جالوت 1260 م، وسقوط بغداد عام 1258 م،
اعتنق محمود غازان (السلطان المغولي) الإسلام وجعله دين الدولة الرسمي، ثم أعلن
أخوه في وقت مبكر من مطلع القرن الرابع عشر، أن مذهب الدولة هو المذهب الشيعي.
3- كان هذان الحاكمان
شديدا التأثير في محيطهما، وأسهما في ازدهار سياسي، وربما، ثقافي وعلمي، في
المناطق التي كانت تحت سلطتهم، خاصة في العاصمة تبريز ، حيث قام غازان بتشييد
أبنية فخمة منها (مسجد كبير، ومدرسة، ودار للكتب، ودار لحفظ الدفاتر والقوانين
التي استنها، ومرصد فلكي، ومستشفى، وخانقاه للمتصوفة). .
فى النهاية فإن هذه
السطور حققت واستهدفت تصحيح فكرة من هم التتار وأن التتار الذين حاربوا المماليك
فى الشام كانوا غير المغول بقيادة جنكيز خان، وهولاكو، هؤلاء التتار – الجناح المسلم-
هو من ساعد المماليك على هزيمة المغول ...
فى زمن السلطان قطز فى عين جالوت ...
إذا الخلاصة تكفير
ابن تيمية لهم لا يعدو إلا حالة مماثلة لاستخدام الدين على نحو خطأ وتكفير كل من
لم يؤمن بما تؤمن به ...
وهذا هو الذى فعله
ابن تيمية من إشاعة التكفير كسلاح سياسي ...
وللحديث بقية
0 تعليقات