إيمان إمبابى
"أولين ويثنجتون"
Olin.L.Wethington عضو المجلس التنفيذى للمعهد الجمهوري الأمريكي
IRI والذى كان يتردد على مصر طوال تلك الفترة.. إلتقى يوم 27 يوليو 2011
مع "عمرو موسى" المرشح – وقتها – لرئاسة الجمهورية بمقره الانتخابي
بالدقى, والتقى أيضا بالدكتور "حسام بدراوى" بمستشفى النيل بدراوى
بالمعادى.. للتنسيق مع كليهما على كيفية تقديم الدعم لهما خلال الفترة القادمة "بطريقة
غير مباشرة أو معلنة"!!
وهو ما يوجب السؤال..
دعم فى ماذا؟!..
أحدهما كان مرشح رئاسي..
وكبقية المرشحين الـ 13 أنفقوا ببذخ على حملاتهم الانتخابية.. وهو أمر أثبتته
اللجنة العليا للانتخابات ونشرته الصحف حينها..
كل المرشحين بلا
استثناء لم يلتزموا بحد الإنفاق على الدعاية الانتخابية الذى حدده القانون..
أما الثانى.. الدكتور "حسام بدراوى" الأمين
العام السابق للحزب الوطنى الساقط.. فأى دعم كان سيتلقاه – أو تلقاه – من منظمة
تعمل فى مصر بطريقة غير مشروعة..
وإذا كان المعهد قد
تحدى الجميع وعمل علنا مع "الجميع".. فلماذا الحرص على العمل بطريقة غير
مباشرة أو غير علنية مع هذين الشخصين بالذات؟!..
وهما بالطبع شخصيات عامة ومعروفة.. وكلاهما كان
متنفذا مسئولا فى فترة ما من تاريخ مصر.. وكلاهما ليس لديه علاقة بالعمل الأهلي أو
التطوعي.. إذا كانت مسألة الدعم يمكن فهمها بالنسبة لعمر موسى كمرشح رئاسي.. تلقى
تمويل انتخابي من جهات عدة.. فهو أمر غير مفهوم بالنسبة للدكتور "حسام بدراوى..
لا سيما أن أى منهما لم يرد على ما ورد فى هذا التقرير فى حينه!!
فى هذه الفترة أعد
المعهد الجمهوري الأمريكي IRI استبيان للرأي شارك فيه حوالي 1200 مواطن مصري..
من مختلف الشرائح العمرية والمستويات الاجتماعية.. عن المشكلات التى تواجه
المصريين..
تم تقديم الاستبيان
ودراستين أخرتين بعنوان "مصر نحو انتخابات ديمقراطية" و"مصر من
التحرير إلى التحول" للمرشح الرئاسى "عمرو موسى" للاستفادة منها فى
حملته الانتخابية!!
قد يسأل البعض.. عن
أهمية التركيز على المعهدين, الجمهوري والديمقراطي.. لا سيما أنهما ليسا الوحيدين
الذين تورطا فى أعمال مخالفة للقانون المصرى..
أهمية المعهدين تكمن
فى حركتهما السريعة بل واللاهثة على الأرض المصرية.. من أقصاها إلى أقصاها.. فمع
الحركة فى القاهرة والإسكندرية.. تزامنت حركة أخرى فى صعيد مصر.. فقد قام "المعهد
الجمهوري الأمريكي" IRI باستئجار وحدتين إداريتين كمقر له فى مدينة
الأقصر.. وقع عقد الوحدتين "هانز كريستوفر هولزن" Hans Christophr Holzin أحد مسئولى "المعهد الجمهورى الأمريكى".. وأسندت مهمة
إدارة هذا المكتب إلى "ماثيو شان ليكن" Mathew Shane Lakin.. استتبع هذا الأمر.. نشاط محموم للمعهد فى صعيد مصر.
خلال ستة أشهر.. دفعت
الولايات المتحدة مبلغ يتجاوز 88 مليون دولار امريكى لمنظمات مرخصة وغير مرخصة.. وهو
مبلغ يفوق ماتم دفعه خلال ست سنوات سابقة – 87 مليون دولار – نافستها فى ذلك دول
ومنظمات أوروبية.. بل وحتى عربية سوف يأتى الحديث عنها لاحقا!!
تلقتها 39 منظمة
مصرية وأجنبية تعمل فى مصر بدون ترخيص..
ووفق تقرير لجنة تقصى
الحقائق.. فقد أحال مجلس الوزراء التقرير للنيابة العامة.. وتنص المادة 98 من
قانون الجمعيات الأهلية – وقتها – على حل هذه الجمعيات فى حال صدر ضدها حكم قضائي!!
وهناك أمر أخطر قامت
به المعونة الأمريكية فى مصر لكنه انتهى فى حينه.. وهو محاولتها تقديم تمويل سرى
لدعم بعض المحافظات المصرية: الشرقية, وبورسعيد, والقاهرة, والإسكندرية.. تواصلت
مباشرة مع المحافظين فى هذه المحافظات.. لكنهم رفضوا تلقى أى أموال دون اتفاقيات
مع الحكومة المركزية!!
كما تكرر الأمر مع
جمعيات لا علاقة لها بالعمل الحقوقى أو المدنى.. إنما أعمالها تقتصر وفق القانون
على المجال الاقتصادي والاستثماري.. مثل جمعية "رجال أعمال أسيوط".. التى
حصلت على 328 ألف دولار – 2 مليون جنيه – بهدف مساعدة الناخبين على ممارسة حقوقهم
السياسية خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية فى محافظات: أسيوط, والمنيا, وبنى
سويف..
الملفت أن نفس
الجمعية كان ملفها قد أحيل للرقابة الإدارية قبلها بعامين لسابقة حصولها على تمويل
من المعونة الأمريكية لتمويل قروض متناهية الصغر فى عدد من المحافظات.. هؤلاء
المستفيدين من القروض تظاهروا وقتها ضد الجمعية وطالبوا بحلها.. لأنهم يدفعون
فوائد ضخمة تصل إلى 24%.. بينما المنحة اشترطت فوائد بسيطة!!
كما حصلت "المنظمة
الأمريكية للأيتام" على مليون دولار – 6 ملايين جنيه – لدعم المشاركة
السياسية للإناث فى مدارس: المنيا, وأسيوط, وسوهاج.. وسوف نلاحظ فى معظم الأنشطة
التى استهدفت صعيد مصر.. كان التركيز على فئات الشباب الأصغر سنا فى المدارس.. والإناث
فى المدارس والقرى الفقيرة!!
بينما حصلت شركة "ستديوهات
هوريزون" على 777 ألف دولار – 1,6 مليون جنيه – لتدعيم المشاركة السياسية فى
الأحزاب خاصة فى المناطق الريفية والفقيرة.. ومن اللافت من اسم الشركة نوع نشاطها
البعيد تماما عن أى نشاط حقوقى أو سياسى!!
أما جمعية "يسرى
الكومى" فقد حصلت على 744 ألف دولار – 1,5 مليون جنيه – لتنظيم معسكرات لطلاب
المدارس الثانوية للتدريب على المشاركة السياسية!!
نقف هنا عند "مركز
التضامن" وهو يشبه فى نشاطه "مركز التضامن العمالى" وهو منظمة
أمريكية تعمل على النقابات والاتحادات العمالية فى العالم..
وسبق أن أشرت له عند
الحديث عن مؤتمر الأردن الذى عقد للنقابات العمالية والمهنية العراقية المستقلة
عام 2005.. المركز الذى مارس دور اتحاد نقابى بالمخالفة للقانون حصل على 1,5 مليون
دولار – 9 ملايين جنيه – لدعم قدرات الاتحادات والنقابات العمالية المستقلة.. لاحظ
ضخامة المبلغ بالقياس لغيرة من مبالغ التمويل.. ولاحظ خطورة نشاطه الذى يستهدف
قطاعات عريضة بالملايين من المصريين.. ولاحظ ما أوردناه سابقا عن تأثير هذا النوع
من النشاط.. فى تدمير نقابات عمالية ومهنية فى العراق من قبل!!
"المؤسسة
الدولية للنظم الانتخابية" وهى مؤسسة أمريكية.. حصلت من المعونة على 13 مليون
دولار – 78 مليون جنيه – لدعم المشاركة فى الانتخابات.. كانت الانتخابات وقتها "موسما"
للعمل "للجميع"!!
مع جمعية "الأخبار
البينية" ننتقل لنشاط نوعى آخر لا يقل خطورة عما سبقه.. حصلت الجمعية على 2
مليون دولار – 12 مليون جنيه – لرفع وعى الشباب فى قضايا المواطنة والحرية الدينية
فى محافظات: الإسكندرية, أسوان, القاهرة, المنيا, والمنصورة..
ليس خافيا على الجميع.. كل الأحداث الطائفية
التى حدثت فى كل تلك المحافظات وقتها.. من تفجير للكنائس.. ومهاجمة المصريين
المسيحيين من جانب.. وانفجار فى "ماسورة" الروابط والجمعيات السلفية فى
تلك المحافظات من جانب آخر!!
جمعية"الزملاء
المبدعين" حصلت على 2 مليون دولار – 12 مليون جنيه – بهدف تعزيز حقوق المرأة
والشباب فى 4 محافظات منها "شمال سيناء".. وهنا يجب أن نتوقف قليلا عند
محافظة شمال سيناء.. التى كانت قد بدأت فيها عملية انفلات أمنى واسعة وطويلة.. وتمركز
نوعى ومنتقى لجماعات تكفيرية ومتطرفة!!
حصلت جمعية "صندوق
عالم واحد" على 1,3 مليون دولار – 7,8 مليون جنيه – للإشراف على العملية
الانتخابية فى محافظات: كفر الشيخ, قنا, سوهاج, أسوان, الإسكندرية, السويس, الجيزة,
بنى سويف, القاهرة, وشمال سيناء.. التوقف هنا ضرورة.. لأن نطاق عمل هذه الجمعية
يثير علامة استفهام.. العمل فى 10 محافظات متنوعة.. واسم جمعية لم يعلق فى ذهن أحد
من المتخصصين فى هذا الملف.. يثير الكثير من الريبة!!
ولك أن يتملكك
الارتياب عندما تعلم أن المنح كانت تصل إلى عشرة شهريا, فى الفترة من إبريل وحتى
أغسطس عام 2011.. ليصل إجماليها إلى 52 مليون جنيه.. بعيدا عن عين الحكومة المصرية..
وضربا بعرض الحائط بالقانون المصرى!..
فى هذا الوقت تقريبا من ابريل.. بدأ تحرك
الحكومة المصرية ولجنة تقصى الحقائق.. وإجراءات عديدة اتخذها المشير "محمد
حسين طنطاوى".. لوقف هذا السيل المدمر!
نتيجة تحرك الدولة
ظهر فى يناير 2012.. بأول ضغط دولى على مصر.. فقد وقع 18 وزير خارجية سابق من
مختلف دول العالم خطابا للضغط على المشير "محمد حسين طنطاوى" والمجلس العسكري
لإغلاق الملف الذى فتح لمنظمات المجتمع المدنى فى مصر..
وكان الباحث الصحفى
الأستاذ "توحيد مجدى" قد نشر تقريرا حول الأمر حينها.. أما وزراء
الخارجية السابقين فهم: "مادلين أولبرايت" الولايات المتحدة, "هالدور
اسجريمسون" ايسلندا, "إريك دريكى" بلجيكا, "لامبرتو دينى"
إيطاليا, "جان الياسون" السويد, "جوشكا فيشر" المانيا, "جايمى
جاما" البرتغال, "إيجور ايفانوف" روسيا, "دون ماكينون" نيوزيلاند,
"انا بلاسيو" اسبانيا, "نيلس هيلفيج" الدنمارك, "سورين
بتسوان" تايلاند, "ليدى بولفر" النرويج, "مالكولم ريفكيند"
بريطانيا, "آدم دانيال روتفيلد" بولندا, "خافيير سولانا" اسبانيا,
"كنوت فوليبايك" النرويج, "مروان معشر" الأردن..
أرسلت نسختين من هذا
الخطاب: واحدة للدكتور "كمال الجنزورى" رئيس الوزراء, والثانية إلى "محمد
سعد الكتاتنى" رئيس مجلس الشعب..
الخطاب من صفحتين
موجه باسم المشير "محمد حسين طنطاوى"..
يبدأ بالتعريف
بأنفسهم.. ثم جملة افتتاحية نصها: "إننا نعبر عن غضبنا".. ثم الاسترسال
فى تفاصيل حملة المداهمة التى قامت بها السلطات المصرية يوم 29 ديسمبر للمكاتب
الأمريكية والأوروبية السبعة التى تعمل فى مجال المجتمع المدنى.. ومصادرة
الممتلكات والمستندات والأرصدة المالية.. ووضع موظفى تلك المنظمات على قوائم المنع
من السفر..
ثم ينبرى الخطاب فى
الدفاع عن تلك المنظمات ودفاعها عن حقوق الإنسان والدفاع عن حرية الصحافة والرأي
والمساعدة فى تطوير مؤسسات الحكم فى مصر!!.. فى كل الأسماء السابقة توقفت عند.. رئيس
وزراء الأردن.. العربي الوحيد فى تلك القائمة!!
وفى نفس الشهر يناير 2012..
تم توجيه خطاب آخر للمشير "محمد حسين طنطاوى".. محرر رسمى صادر من "الكونجرس"
الأمريكى.. ومختوم بشعاره.. موقع بخط اليد من 28 عضو بالكونجرس.. يمثلون التشكيل
الكامل للجنة المعونات الأمريكية بالكونجرس.. يمثل هذا الخطاب بداية الضغط المباشر
على المجلس العسكرى الذى يدير شئون البلاد!!
الخطاب منسوخ لعدة
نسخ.. أرسلت إلى: "هيلارى كلينتون" وزيرة الخارجية وقتها, و"آن
باترسون" السفيرة الأمريكية بالقاهرة, و"سامح شكرى" السفير المصرى
بواشنطن وقتها, اللواء "محمد الكشكى" الملحق العسكرى المصري بالسفارة
المصرية بواشنطن!!
أعلن الموقعين على
الخطاب شجبهم وإدانتهم لحملة مداهمة مكاتب منظمات أهلية أمريكية منها:
المعهد الديمقراطى, والمعهد الجمهورى, وفريدم
هاوس..
قائلين: "هذه الحملات شكلت هجوما مباشرا
وخطيرا على منظمات المجتمع المدنى مما يطرح أسئلة مهمة حول صدق حكومتك فى الالتزام
بالتحول الديمقراطى فى مصر لأنها تشكل خطوة للوراء وظاهرة لم تحدث حتى فى نظام
مبارك"!!
ثم طالب الموقعون
بوقف التحقيقات فورا وإعادة الممتلكات لتلك المنظمات وتركها تعمل بدون شروط!!
ثم لا يفوتهم طبعا تذكير مصر بأن أمريكا قدمت
مساعدات منذ عام 1975 بما يفوق 50 مليار دولار, كمعونات معظمها عسكرية.. وأنهم
خلال 2012 سوف يطلبون ضمانات بالتزام المؤسسة العسكرية بالتحول الديمقراطى وحماية
حرية التعبير والعبادة والتزام القانون وإجراء الانتخابات الرئاسية فى موعدها!!
ثم يطلبون أن ترفع المؤسسة العسكرية يدها فورا
عن ممثلى الديمقراطية وحقوق الإنسان فى مصر.. لم يصدر رد من مصر!!
وفى 2 فبراير 2012.. أرسل
الخطاب الثاني على أوراق مكاتبات الكونجرس أيضا وممهور بخاتمه.. وموجه للمشير "محمد
حسين طنطاوى"..
الخطاب محرر فى 4
صفحات.. وموقع عليه بخط اليد من 41 عضو بالكونجرس.. بينهم أعضاء لجنة المعونة
كاملة.. وأعضاء لجنة الموازنة التى تقرر المعونات الأمريكية الخارجية لمصر.. بنفس
صيغة الخطاب السابق لكن بإضافة 10 منظمات مصرية تتعاون معهم.. وبإضافة تصعيد على
الخطاب السابق.. بقولهم أنهم فى ظل ما يحدث سيجدون صعوبة فى تأييد المعونات لمصر!!
هل تلقت الولايات
المتحدة ردا على مطالبها؟ رسميا.. لا يوجد.. هل نفذت الولايات المتحدة تهديدها فى
الخطابين فيما يخص المعونة الأمريكية؟.. لم يحدث.. لأنها – على الأقل فى تلك
الفترة – نفذت التزامين عسكريين كان متفقا عليهما فيما سبق.. أحدهما بقيمة 18
مليون دولار تقريبا, والآخر بقيمة 45 مليون دولار أخرى!!
واستمرت لجنة تقصى
الحقائق فيما تجمع من مستندات..
يتبع
0 تعليقات