على الأصولي
ذكر الشيخ جعفر
السبحاني في كتابه - مفاهيم القرآن ج٣ - ما نصه:
إنّ اليهود والنصارى
كما كانوا يحاولون الاستعلاء الباطل عن طريق بث ( فكرة الشعب المختار ) كانوا من
ناحية ثانية يعتبرون الأسماء، أو الانتساب إلى اليهودية والمسيحية سبباً آخر من
أسباب التفوّق في الدنيا، والنجاة في الآخرة والفوز بالثواب الجزيل.
فقد كان في تصورهم
أنّ الجنّة هي نصيب كل من ينتسب إلى بني إسرائيل أو يسمّى مسيحياً ليس إلاّ،
وكأنّه بإمكان الأسماء أو الانتساب أن تصبح يوماً ما سبيلاً إلى لهداية، أو مفاتيح
للجنّة !!
ولكن هذا الزعم ـ على
رغم سخافته ـ اُمنية لهم كسائر أمانيهم كما يحدثنا القرآن :
( وَقَالُوا لَن
يَدْخُلَ الجَنَّةَ إلّا مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ ) البقرة ـ ١١١.
غير أنّ القرآن كان
بالمرصاد لهذه الدعاوي الباطلة أيضاً، عندما ذكر بأنّ الوسيلة الوحيدة لامتلاك
الجنّة العريضة هي: ( الإيمان الصادق ) و ( العمل الصالح ) وليست الأسماء، أو مجرد
الانتساب إلى عقيدة سماوية مهما كانت. فقال :
( تِلْكَ
أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ *بَلَىٰ مَنْ
أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلا
خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) البقرة: ١١١ ـ ١١٢.
ولا شك أنّه واضح
جداً أنّ جملة ( بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ ) إنّما تعني الإيمان الخالص والتسليم
الصادق لله، وجملة ( وَهُوَ مُحْسِنٌ ) إنّما تعني العمل وفق ذلك الإيمان أي العمل
بالشريعة التي يؤمن الشخص بها، وكلتا الجملتين تدلاّن على أنّ السبيل الوحيد إلى
النجاة في يوم القيامة إنّما هو: الإيمان والعمل، وليس اسم اليهودي أو النصراني
فليست المسألة مسألة أسماء وإنّما هي مسألة إيمان صادق، وعمل صالح. انتهى
نعم: الأسماء والانتساب
لا تعني ولا تلازم النجاة والفوز والخلاص والقرب وغيرها من المفاهيم الموحية
بالخلاص.
ولكن مما يؤخذ على
الشيخ سبحاني هو التوقف على ذكر اليهود والنصارى ودعواهم بأنهما من المخلصين
والمقربين. وأهمل كون هذه القاعدة مطردة إذ هي تشمل كل الفرق والمذاهب الإسلامية
بما فيهم الشيعة الإمامية. التي أدرج في أدبياتها كونها الفرقة الناجية،
وكونها مقربة كما
نعتقد من خط السماء والنبوة بلحاظ الإيمان بالولاية لا يعني كونها ناجية وأن
الخلاص بها ما لم تضمن الإيمان الصادق والعمل الصالح. فلا قرابة لنا مع الله ولا
شفاعة مع إصرار على ذنب.
والى الله تصير
الأمور.
0 تعليقات