آخر الأخبار

محمد شحرور.. المنهج والنتيجة




 

 

 

عز الدين البغدادي

 

 

 

دار نقاش مع بعض الأصدقاء المحترمين عن المفكر السوري المعروف د. محمد شحرور، وكان رأيي كما يأتي:

 

 

بالتأكيد تقف امتنا اليوم في أزمة كبرى، وبرأيي انها أزمة منهج قبل كل شيء هي التي ولدت هذا الانسداد الفكري كبير كمظهر هام من مظاهر الأزمة، وهو انسداد يكشف عن حاجة عميقة الى تقديم رؤية جديدة، فكر جديد يتجاوز إشكاليات الواقع ونخلف المنهج الذي نعاني منه، ولا يخرجنا من الواقع بعمليه تمويه وخداع للنفس.

 

 

وقد حاول الأستاذ شحرور في كتبه وفي لقاءاته تقديم قراءات جديدة للنصوص، الا انه نجح في طرح أثارات أكثر مما نجح في تقيم الإجابات لأنه اعتمد منهجا غريبا في التعامل مع النص.

 

 

عندما ناقش آية (فاقطعوا أيديهما) قال بان القطع المقصود هنا هو كف اليد أو قطع اليد عن المجتمع لمنع السرقة ومعناها السجن. وكل أهل اﻷرض تطبق هذه العقوبة .

 

 

 والسارق والسارقة تعني أن مهنتهما السرقة، وإن أبديا حسن سلوك في السجن فيعفى عنهما وهو ما تعنيه اﻵية. ونسي ان الاية جاء فيها ( جزاءً بما كسبا نكالا من الله ).

 

 

وعندما فسر آية ( زين لكم حب الشهوات من النساء ) قال بان المقصود من النساء ليس ما يقابل الرجال، بل ان كلمة نساء: جاءت من فعل (نسئ) وهو التأخير، فهو يشير الى ما استجد من اﻷشياء (جاء متأخراً عما قبله)، فهنا النساء كل ما استجد من اﻷشياء، فالسيارة موديل 2014 نسأت عن السيارة موديل 2013، وقس على ذلك في الطعام واللباس والفرش والهواتف واﻵليات والدواء وكل ما يخطر على بالك.

 

 

وعندما تعرض لآية ( للذكر مثل حظ الأنثيين) نفى أن يكون معناها للذكر مِثلَا حظ الأنثى. فضلا عن تفسيره الشهيرة لآية (واضربوهن) الذي سبق ان وقفت عنده، وتحدثت عنه.

 

 

 

اتفق معه في رؤيته لأحكام العقوبات، وعن تاريخية كثير من الأحكام الشرعية. واتفق معه فيما يتعلق بالظروف التاريخية لظهور أو تضخم فكرة القضاء والقدر. اتفق معه في نقد التفكير النقلي- قياسي الذي يرجع للأحكام القديمة عندما يستجد أمر جديد، دون تقديم رؤية جديدة وهو ما جعل الفكر الإسلامي يدور في حلقات مفرغة، وفي نقده للعقل الفقهي الذي يركز جهده على فكرتي المسموح والممنوع، وحسب.

 

 

عموما انا اعتقد أننا بحاجة دائما في الفكر الى أشخاص مشاكسين، وهؤلاء لا ينجحون عادة في الحصول على قبول مستمر لرؤيتهم، لكن نجاحهم يكمن في كونهم يثيرون انتباهنا لأمور لا ننتبه إليها أو نتجاهلها.

 

 

 

ومثل هؤلاء موجودون في كل نواحي الفكر الإنساني في الفقه يمكن ان تذكر ابن إدريس وابن حزم في الفقه، في النحو يمكن ان نذكر ابن مضاء، وفي سائر العلوم أمثلة كثيرة.

 

 

حصل شحرور على إعجاب كثير من الشباب، لأنه مختلف، قدم قراءة جميلة لطيفة، لكنها ليست علمية.. سيبقى شحرور حالة متميزة، بسبب غرابة ما قدمه ولأنه كشف العجز المنهجي عندنا، لكنه سيكون حالة تاريخية لن تملك القدرة على الاستمرار، بسبب ضعف قاعدتها العلمية وهو واضح في ضعف منهجه وطريقته الغريبة والانتقائية في التعامل مع النصوص.


إرسال تعليق

0 تعليقات