حامد المحلاوى
جدلية لا أريد الخوض
فيها .. فالإنسانية والرحمة ليس شرطا أن تكون مرادفا للفوضى والتسيب .. ولا يعني
تنفيذ القانون أنه ضرب بالإنسانية عرض الحائط .. بل ربما كان باطنه الرحمة رغم
قسوة القرارات أحيانا ..
أسكن في مدينة ريفية
كانت نموذجا للفوضى بكل ما تعنيه الكلمة .. حيث انتشار غير عادي بالمرة للباعة
الجائلين والفروشات وأصحاب العربات التي تحمل البضاع الخفيفة .. أضف إليه عدم
اكتفاء أصحاب المحلات بمحلاتهم فكان تعديهم على الأرصفة ومكان سير الناس ومعها
المقاهي بالطبع .. ولا داعي لذكر أكوام الزبالة التي هي نتيجة طبيعية لهذه الفوضى
العارمة ومعها انتشار الذباب والناموس .. بصراحة الوضع كان صعبا ولا يطاق ! ..
استمر لسنوات طويلة
حتى تملكنا اليأس من الإصلاح إلى أن جاءت المهندسة عايدة ماضي لتترأس مجلس المدينة
والمركز .. مسئولة نشطة ومتحركة ..
عملت من اليوم الأول
لتوليها على إعادة تخطيط المدينة بشكل جذري لتغير من هذا الوضع البائس .. فخصصت
مواقف جديدة في مداخل البلد الأربع الرئيسة ومعها تم توزيع كثافة المرور وأصبح
بالإمكان أن تتحرك بسيارتك وسط البلد حتى في شهر رمضان وكان مستحيلا في السابق ..
أما السوق الجديد
النظيف المقام على طرف البلد الجنوبي فقد استوعب سوق الخضار القديم وسوق السمك
ووفر أماكن للباعة الجائلين في الشوارع .. بأمانة المكان مهيأ تماما للتجار لعرض
بضائعهم وسهولة حركة الناس داخل وخارج السوق .. حيث اتساع المواقف وإمكانية التحرك
في الاتجاه الذي تريده بكل يسر وسهولة .. طبعا ساعد على تخفيف الضغط على وسط البلد
بشكل كبير ..
لكن المؤلم حقا أن
الباعة غير سعداء وغير راضين عن مكانهم الجديد .. السبب كما ذكروا لي قلة عدد
الزبائن لأن الزبون يفضل الشراء من مكان قريب بدلا من الذهاب إلى السوق الجديد .. عندهم
حق طبعا فحياتهم كلها مرتبطة بحركة الناس والزحام ! .. من أسف معظمهم سيدات معيلات
يتولين الإنفاق على عائلاتهم .. بأمانة لم يكن بإمكاني إلا أن أتعاطف معهم من
الجانب الإنساني حتى وإن كان من حقي كقاطن لهذه المدينة أن أجد النظافة والهدوء
والراحة ! ..
السؤال : كيف يمكن
للمسئول أن يوازن بين واجبات وظيفته وما يمليه عليه ضميره المهني وبين الحالات
الإنسانية الصعبة وما له صله بلقمة العيش ؟! .. أعلم ان الموضوع إجابته ليست سهلة ..
كان الله في عون
المسئول النشط المتحرك الذي يريد التطوير والتحديث .. وأيضا في عون هؤلاء الغلابة
الذين ينتظرون رزقهم يوما بيوم ..
0 تعليقات