عز الدين البغدادي
روي هذا الحديث من
طرق الشيعة، لكن لم يصح منها شيء أبدا. حيث روى الكليني في الروضة عن أبي خالد
الكابلي عن أبي جعفر الباقر (ع):..... إنّ اليهود تفرّقوا من بعد موسى على إحدى
وسبعين فرقة منها فرقة في الجنة، وسبعون فرقة في النار. وتفرّقت النصارى بعد عيسى
على إثنين وسبعين فرقة، فرقة منها في الجنة وإحدى وسبعون في النار. وتفرقت هذه
الامة بعد نبيّها (ص) على ثلاث وسبعين فرقة اثنتان وسبعون فرقة في النار، وفرقة في
الجنة ومن الثلاث وسبعين فرقة ثلاث عشرة فرقة تنتحل ولايتنا ومودتنا اثنتا عشرة
فرقة منها في النار وفرقة في الجنة وستون فرقة من سائر الناس في النار.
وفي السند أبو خالد
الكابلي، الذي قال عنه ابن شهر آشوب: ينتمي إليه الغلاة.
كما قال الخوئي عن
روايات وردت في مدحه: ما تقدم من الروايات لا يدل على وثاقة الرجل؛ لأنه لم يصحّ
إسنادها.
مع إن هناك كلاما حول
نسبة الجزء الأخير من "الكافي" والمعروف بالروضة إلى الكليني، حيث شكّك
بذلك قوم من أهل العلم.
وروي عن ابن الصهبان
البكرى قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: والّذي نفسى بيده، لتفرقنَّ هذه
الأمة على ثلاثٍ وسبعين فرقة، كلّها في النار إلا فرقة، ( وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى
أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ) فهذه التى تنجو من هذه الأمّة.
وابن الصهبان شخص
مجهول، كما إنّ الخبر مرويّ في تفسير العياشي وهو وإن كان ثقة؛ إلا أنّه متساهل
جدا يروي عن الضعفاء.
وروي الصدوق: حدثنا
أبو نصر محمد بن أحمد بن تميم السرخسي قال: حدثنا أبو لبيد محمد بن إدريس الشامي
قال: حدثنا إسحاق بن إسرائيل قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي قال: حدثنا
الافريقي، عن عبدالله بن يزيد، عن عبدالله بن عمر قال: قال رسول الله (ص): سيأتي
على أمتي ما أتى على بني اسرائيل مثل بمثل، وإنهم تفرقوا على اثنين وسبعين ملة
وستفرق امتي على ثلاث وسبعين ملة تزيد عليهم واحدة كلها في النار غير واحدة. قال: قيل:
يا رسوال الله وما تلك الواحدة؟ قال هو: ما نحن عليه اليوم أنا وأصحابي.
وهذا أيضا ضعيف
السند، وقد مرّ عليك ما قيل في تضعيف "عبد الرحمن بن زياد الأفريقي".
وفي خبر: وروي عن
أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال ..... والله لو ثنّيت لي الوسادة: لقضيت بين
أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم، وبين أهل الزبور بزبورهم، وبين
أهل القرآن بقرآنهم. افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، سبعون منها في النار
وواحدة ناجية في الجنة، وهي: التي اتبعت يوشع بن نون وصي موسى عليه السلام. وافترقت
النصارى على اثنين وسبعين فرقة، إحدى وسبعون فرقة في النار وواحدة بالجنة، وهي: التي
اتبعت شمعون الصفا وصي عيسى عليه السلام.
وتفترق هذه الأمة على
ثلاث وسبعين فرقة، اثنتان وسبعون فرقة في النار.
وهو مرسل، وكتاب
الاحتجاج ليس فيه مسند.
كما رواه الطوسي في
الأمالي بسند ضعيف.
ورغم أنّه لم يأت فيه
شيء إلا وهو ضعيف جدا، فقد زعم السيد نعمة الله الجزائري أنّ هذا الحديث متواتر
فقال: ...... أن هذه الروايات الدالّة على أنّ مطلق أهل التوحيد يدخلون الجنة لو
حُمِلت على ظاهرها؛ لكان الكل ناجين، لأنّ النجاة ليس إلا دخول الجنة، وهذا ينافي
ما تواتر عنه (ص) أنّه قال: "ستفترق امتي بعدي ثلاث وسبعين فرقة واحدة في
الجنة والباقون في النار" على اختلاف قليلٍ من نقل ألفاظ الخبر، إلا أنّ
المعنى واحد.
وهو ليس غريبا مع ما
هو معروف عنه في التساهل، إلا أنّ ما أعجب منه أشدّ العجب ما قاله بعض المعاصرين
من أهل العلم وهو الشيخ جعفر سبحاني: وقد رواه من الشيعة الصدوق في خصاله... والعلامة
المجلسي في بحاره ولعل هذا المقدار من النقل يكفي في صحّة الاحتجاج به.
وقال: والذي يجبر ضعف
السند هو تضافر نقله واستضافة روايته في كتب الفريقين: الشيعة والسنة بأسانيد
مختلفة، ربما تجلب الاعتماد وتوجب ثقة الإنسان به.
وهذا لعمري غريب جدّا
وغير مقبول، ومتى كانت رواية حديث في كتاب أو اثنين بغض النظر عن السند كافية
ليصحَّ الاحتجاج به؟!
وكيف وكلّ ما روي في
ذلك ضعيف السند جدّا؟
مع إنه كان يلزم حتى
لو كان السند صحيحا أن يبيّن ما في متنه من خلل وغرابة، لا أن يتمسّك به ليثبت به
ما لا يثبت. وربّما يكشف لك هذا قوّة التقليد عند معظم الناس من أهل القبلة، لا
فرق في ذلك بين عالم وجاهل وإن اختلف نوع التقليد.
0 تعليقات