خالد الأسود
في بداية السبعينات قدمت السينما الأمريكية أروع أفلامها: ثلاثية الأب
الروحي..
قصة ماريو بوزو وإخراج العبقري فرانسيس كوبولا..
تجلى العملاقان: مارلون براندو وآل باتشينو في أداء تمثيلي مبهر زاد من
توهجه موسيقا وتصوير وإضاءة وسيناريو مكتوب بحرفية تجعل المتابع يجلس لاهثا وهو
يتابع كل مشهد..
الفيلم قدم حياة الجريمة من وجهة نظر زعماء المافيا، قصة الفيلم تروي حكاية
رجال عظماء رفضوا أن يخضعوا لنظام لا يعترف بتفردهم، رجال لا يحتاجون الحضارة
والقانون، هم قادرون على حماية أنفسهم وذويهم، ويضعون هم القانون..
الفيلم الأعظم متهم أنه تمويل من المافيا لتجميل صورتها، لم يخل الفيلم في
نهاية الجزء الثالث من مشهد يوحي أن الجريمة لا تفيد، مهما وصل المجرم للقمة ومهما
غسل يديه يظل عليه أن يدفع ثمن جرائمه..
لكنه مشهد لا يؤثر على الرسالة التي تصل للمشاهد، يخرج متلقي العمل في
النهاية متوحدا مع هؤلاء الزعماء العظام الذين بنوا إمبراطورياتهم رغم أنف القانون
والنظام..
مسلسل الاختيار أيضا لم يخل من مشاهد تمجد بطولات أفراد الجيش المصري..
لكن لو جاءني أحد يخبرني أن المسلسل تمويل القاعدة وداعش لصدقته فورا..
المسلسل أعاد صياغة المشروع الإخواني ومجده، فكرة جيش الله المدافع عن
الدين والعقيدة والجنود الراغبين في الموت من أجل الشهادة يعني الجنة يعني
الحوريات..
جيش مصر في المسلسل لا يحارب من أجل الوطن والحياة.. هو يحارب من أجل الموت.
ما الرسالة التي تمتد عبر حلقاته وتتسلل لعقله ووجدانه..؟
الحرب من أجل الجنة والحوريات!!
جيشنا جيش الله في الأرض!!
نحن أصحاب العقيدة الصحيحة لا هم..!!
حربنا لإعلاء كلمة الله..!!
لو تلك عقيدة جيشنا الوطني فنحن في خطر..
أي مزايد بالدين يستطيع أن يستقطب هذا الجيش لصفه فورا، ليس من حقنا أن
نستغرب لو خرج من صفوف هذا الجيش ألف عشماوي كل يوم..
هل هي الحرب بين فسطاطين، فسطاط يهتف إسلامية إسلامية عاصمتها القدس أو
إسطنبول وفسطاط يهتف إسلامية إسلامية عاصمتها العاصمة الإدارية الجديدة..
قمة الغباء السياسي أن تخسر حلفاءك بلا ثمن، المنتمون للإسلام السياسي لن
يرضوا عنك ولو قلبتها طالبان..
الجندي البسيط الجاهل جسمه يقشعر وينتفض لما يسمع هتاف مصر مصر..
أغنية لشادية تزلزل وجدان كل مصري بدون الحاجة للانسياق خلف مزايدات العدو..
جيشنا جيش يحارب من أجل الحياة والوطن والأرض والكرامة..
لو لم توحدنا مصر ومصر وحدها فنحن مقبلون على سواد..
أخطأت الدولة المصرية في اختيار تامر مرسي رجلا لها في عالم الفن والدراما،
وخطايا المسلسل محسوبة علينا، عدم الاعتراف إصرار على مفهوم تامر مرسي وبيتر ميمي..
طبعا مقارنة بيتر ميمي المراهق إخراجيا بفرانسيس كوبولا المخرج الأسطوري هي
مقارنة في جزئية واحدة..
رمضان هذا العام بكل زخمه الدرامي يقدم وثيقة بداية سقوط المسلسل المصري..
باستثناء مسلسلي ب١٠٠ وش والبرنس فكل مسلسلات هذا العام مهلهلة دراميا
مترهلة بالمط والتطويل المزعج..
يصر صناع الدراما على أنصاف الموهوبين العاجزين..
مسلسلات خيانة عهد ولما كنا صغيرين والفتوة كادت أن تكون لولا النفس القصير
واستسهال الحشو بالمط والتطويل..
بدأت المسلسلات الثلاثة بدايات قوية مبشرة لولا فقر الخيال عند كتاب القصة
والسيناريو والمخرجين..
مسلسل النهاية تهريج ممل لا يرقى للتصنيف أصلا كتب نهاية ممثل كان واعدا
يحاول الاختلاف..
القوة الناعمة للفن الممتع لم تظهر إلا في المسلسل الوحيد الذي غرد خارج
السرب وتألق في الحرب على الإرهاب كان إبداع كاملة أبو ذكري وفريقها الموهوب ١٠٠
وش بأغاني المهرجانات بسبعبع وسامح الضلالي ونجلاء الفقرية وجان السينما المصرية
القنبلة آسر ياسين..
0 تعليقات